“ الرشق” تحوّل إلى ابتزاز و لقب شيخ يطلق على من هب ودب
انتقد الفنان و عازف الإيقاع القسنطيني مولود بركاني ظاهرة توزيع لقب «شيخ»على كل من هب و دب بالساحة الفنية القسنطينية، كما اعتبر البخل المسجل بها طبعا متوارثا عن الأولين الذين تعمّدوا، في رأيه، عدم توجيه الموهوبين
و تصحيح أخطائهم اللغوية رغم إجادتهم للغة العربية و حفظهم الصحيح للقصائد الأصلية.
مرافق الفنانين و نجوم المالوف و المحجوز بقسنطينة، عازف الدربوكة، أو ما يفضل تسميته بالميزان، إلى جانب آلة «الناقرات»، تحسر لما آلت إليه الموسيقى القسنطينية بمختلف ألوانها، بسبب العادات و السلوكات السلبية المنتشرة و التي أساءت للفن و الفنانين، منها الظاهرة المعروفة محليا باسم «الرشق» و المتمثلة في وضع صينية قرب الجوق الذي يحيي الحفل، كطريقة لإجبار الحضور على تقديم الأموال، مما يوقع الكثيرين في حرج و يجعلهم يشعرون و كأنهم مجبرون لدفع ثمن المأدبة التي تمت دعوتهم إليها، مؤكدا بأن العادة خرجت، عما كانت عليه في السابق، حيث كانت، حسبه، تمارس لمساعدة العريس إذا كان غير مقتدر، أو أي شخص من المجموعة الموسيقية في ضائقة مالية أو يعاني ظرفا صعبا، و كانت تتم باطلاع الجميع على الأمر، و بعد الانتهاء من الحفل تقدم الأمانة للشخص المعني كعربون محبة و أخوة، و ليس مثلما هي عليه اليوم، أين بات «الرشق» مظهرا من مظاهر التسوّل و الابتزاز، لأن الفرقة لا تقدم فنا جيّدا، إلا إذا رأت «الرشق» يتزايد، رغم ضمان صاحب العرس مستحقات الجوق مسبقا.
الفنان المولود ببيت ابن باديس بزنقة «السيدة» ،أحد فروع حي السويقة العريق، و كبر بحي «بومارشي» بقلب المدينة، أين اكتشف موهبته و ولعه بالآلات الإيقاعية و عمره لم يتجاوز 16 سنة، تحدث أيضا عما أسماه بالتوزيع العشوائي للقب أو صفة «شيخ» الذي كان يمنح للرواد و ملقني الموسيقى على أصولها و لم يفز به حتى الفنانين السابقين، إلا بعد وفاتهم.
رواد المالوف الأولين لم يصححوا أخطاء الفنانين رغم إجادة أكثرهم للغة العربية
حسب رأيه، فإن الكثيرين لا يستحقون لقب شيخ، حتى لو حققوا نجاحا و شعبية كبيرة، لأنهم لم يمارسوا مهنة تدريس و تلقين الفن، على أسس علمية أو بخبرة المشايخ للنشء، مؤكدا بأن الكثير من رواد الأغنية و موسيقى المالوف، كانوا لا يجرؤون على إطلاق تلك الصفة على أنفسهم و لا على زملائهم، احتراما لمعناها المهم.
بخصوص البخل في الوسط الفني، قال بركاني بأن هذا الطبع متوارث من الأولين، الذين كان بعضهم يجيدون اللغة العربية و يحفظون جيدا القصائد بكلماتها الصحيحة غير المحرّفة، لكنهم لم يفعلوا شيئا لتوجيه الفنانين الجدد و تعليمهم كما يجب، لذا فإن لقب الشيخ الذي يطلق على هؤلاء لا يليق إلا بقلة قليلة جدا كانت تلعب دور المعلم و المدرس على أحسن وجه، و بفضلهم انتبه عشاق الموسيقى القسنطينية للأخطاء الشائعة في النطق و تحريف معاني الكلمات التي أفقدت النوبات جمالياتها الشعرية.
الفنان تحسر على زمن الفن الجميل، و ذكر بأنه و عدد من زملائه لا يزالوا يحافظون على اللمة الفنية القسنطينية، من خلال تنظيم حفلات حميمية يحيونها من حين إلى آخر لاسترجاع ذكريات الماضي ، حيث كانوا يلتقون بالزوايا و بشكل خاص بـ»الغراب» و «بولجبال»، لأجل المتعة الفنية و اكتشاف المواهب الجديدة و التعلّم من المحترفين.
العازف استخرج مجموعة من الصور القديمة التي ظهرت فيها عديد الوجوه الفنية المعروفة، نذكر منهم على سبيل المثال أحمد عوابدية، جمال بن السمار، زين الدين بوشعالة، و زين الدين بن عبد الله و الشيخ محمد الطاهر الفر قاني، مسترجعا أجمل الذكريات التي عاشها مع هؤلاء، كتجربة الغناء الثنائي بين بن السمار و أحمد عوابدية و غيرها من المحطات التي لا يزال يتذكرها بفخر.
و عن ظهوره المحتشم في الساحة الفنية، قال أنه يحب «مرور الكرام»، حتى لا يتهم بما اتهم الكثيرون به من تطفل و ذل، لنيل حظ المشاركة في حفل أو لقاء ثقافي، معتبرا اللمات الفنية العادية أرقى و أهم بكثير مما يتسابق عليه هؤلاء.
تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية فضحت المستور
أما عن تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، فيرى محدثنا بأنها فضحت المستور و لم تساهم في جمع شمل الفنانين، بقدر ما زادت في شرخ العلاقة في ما بينهم، بسبب الأنانية و الذهنية العشائرية التي غطت على الكثير من المواهب الحقيقية، و هو ما لم يخدم الفن القسنطيني، بقدر ما أساء إليه في نظره، معلّقا: «عندما يصل الحد بالفنان إلى التوّسل للبعض من أجل الفوز بحظ تسجيل نوبة، في الوقت الذي كان من المفروض أن يترجاهم العارفون بالأسماء و أصحاب الأصوات الجميلة، لأجل ترك بصمتهم في الرصيد القسنطيني الثري، و ليس العكس»إشارة إلى إسناد المهام لغير أهلها، مثلما قال.
كما أرجع سبب عدم بروز الكثير من الفنانين رغم تمتعهم بأصوات قوية، إلى الفنانين أنفسهم، و حملهم مسؤولية ذلك، لأن الفنان إذا لم يقدّر موهبته و شخصه، فلا أحد يفعل ذلك مكانه، إشارة إلى ترك البعض مصيرهم الفني بأيادي أشخاص لا يفقهون في هذا المجال شيئا، على حد تعبيره.
و تطرّق إلى تراجع ثقافة حضور الحفلات الفنية وسط الكثير من العائلات القسنطينية، ذاكرا كيف كان المسرح الجهوي يمتلئ عن آخره بالعائلات في السهرات الرمضانية و طيلة العام، عكس ما هو مسجل اليوم، بالإضافة إلى غياب صور التضامن بين الفنانين و غيرتهم على الفن الأصيل الذي أفقده دعاة التجديد روحه، و بصمته القسنطينية التي كانت تميّزه عن الفن التونسي و المغربي، لتبني الكثير من الفنانين موسيقى لا تتماشى مع الروح القسنطينية رغم جمالها.
الفنان تحدث كذلك عن آلة «الناقرات» التي قال أنها فقدت هي الأخرى خصوصيتها، مع الجيل الجديد الذي حوّلها إلى شبه آلة عصرية «باتري»، في حين كانت مكانتها تبرز في الصوت الهادئ و المتميّز الذي يصدر عن النقر عليها بخفة، لتضفي على الإيقاع جمالية أكثر و تخفف من صوت الدربوكة القوي.
مريم/ب
الفنان و عازف الإيقاع القسنطيني مولود بركاني
- التفاصيل
-
مهرجان إيمدغاسن السينمائي
افتتاح الطبعة الرابعة وسط حضور لافت للجمهور افتتحت سهرة السبت بالمسرح الجهوي الدكتور صالح لمباركية بمدينة باتنة تظاهرة مهرجان إيمدغاسن السينمائي الدولي للفيلم الروائي القصير في طبعته الرابعة وسط حضور لافت...
مراد فيالة يحلم بإنجاز كتابة فنية للقرآن
خطـاط اختاره الخط و لا يُبالي بالتكنولوجيا«الخط من يختار الخطاط»، عبارة قالها الخطاط مراد فيالة، من مدينة العنصر بجيجل، ليؤكد بأن عشقه للخط لم يكن وليد الصدفة، بل هو مرتبط بروح الإبداع عند الإنسان، مشيرا إلى أنه...
أطلق أغنية بعنوان « قاعة هند»: مغنـــي الراب الأميركـــي «ماكليمـــور» ينتصـر لغــزة
صنع مغني الراب الأمريكي بنجامين هاجرتي، الشهير بـ «ماكليمور « الحدث نهاية الأسبوع بعدما أطلق أغنية ثورية لدعم فلسطين وغزة حققت...
الفيلم عرض بقسنطينة بحضور صناعه ونجومه
- زئير الظلام -.. معالجة إنسانية لمكافحة الاستعمار الفرنسي حقق فيلم زئير الظلام، تفاعلا كبيرا غداة عرضه الأربعاء بدار الثقافة مالك حداد بقسنطينة، تزامنا مع ذكرى الثامن ماي، وقد صفق الحضور طويلا لمخرج العمل...
المؤرخ والأكاديمي مولود قرين للنصر
المــــدارس الفرنسيــــة شكلــــت خلفيـــــة للغــــزو الفكــــري خـــــلال القــــــرن 19 قال مولود قرين، أستاذ التاريخ المعاصر، بجامعة الدكتور يحيى فارس بالمدية، إن مسألة التعليم الفرنسي في...
وزيرة الثقافة زارتها بعد إعلان مرضها
رئيس الجمهورية يتكفل بعلاج الفنانة بهية راشديبلّغت وزيرة الثقافة والفنون الدكتورة صورية مولوجي، الفنانة بهية راشدي، بتكفل السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بوضعها الصحي، وإجراءات نقلها للخارج من أجل تلقي العلاج...
ممثلون ومخرجون يشددون على دوره التربوي
مسرح الدمى والعرائس رياضة لذهن الطـفل وعلاج للعنفدعا ممثلون ومخرجون مسرحيون، في حديث للنصر، إلى ضرورة تنويع العروض المسرحية الموجهة للطفل، وإعادة الاعتبار لفن الدمى والعرائس، لأهميته البالغة في بناء...
في الذكرى الرابعة لرحيله: آث يني تتذكر ابنها الفنان إيدير
استذكر أمس الأول، سكان بلدية آث يني والسلطات المحلية لتيزي وزو، مآثر الراحل أيقونة الأغنية القبائلية حميد شريات المعروف فنيا...
باتنة على موعد مع الطبعة الرابعة: مهرجان إيمدغاسن الدولي يحتفي بنجوم السينما الجزائرية
تنطلق السبت المقبل بباتنة، فعاليات الطبعة الرابعة لمهرجان إيمدغاسن السينمائي الدولي، وتمتد لخمسة أيام كاملة، يتنافس خلالها 21...
عزيز موات ينقل حقائق تاريخية عن هجمات الشمال القسنطيني
- أحجار سيدي أحمد - ..حين تصبح حجارة التيمم أسطورة نضالوقع أمس الأول الكاتب والصحفي عزيز موات، بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بقسنطينة، إصدارا جديدا بعنوان «أحجار سيدي أحمد»، نقل بين طياته حقائق...
<< < 1 2 3 4 5 > >> (5)