في يوم 12 مارس الجاري ، كتب المتظاهرون الجزائريون مقترحاتهم الرامية إلى التغيير في قصاصات ورقية ملونة علقوها على شاهد ساحة موريس أودان بالعاصمة، و في 22 من نفس الشهر، تحول جدار قصر الثقافة محمد العيد  آل خليفة بقسنطينة، إلى واجهة للأحلام و الطموحات و المقترحات، التي  امتزجت فيها السياسة و الرومانسية بكرة القدم  و المطالب الاجتماعية، و سقطت أمامها أحلام و حلت محلها تطلعات أخرى ، تنوعت بين الرغبة في الهجرة و الزواج و الحلم بوطن أفضل ، كاشفة بذلك عن شخصية مختلفة لجزائري جديد عمره عشريتان من الزمن و شهر من الحراك الشعبي ، فماذا علق الجزائريون يا ترى على واجهة جدار التغيير؟

ليست مجرد أوراق ملونة
من يتمعن في قراءة محتويات القصاصات متعددة الأشكال و الألوان التي تغطي جدار قصر الثقافة محمد العيد آل خليفة بقسنطينة ، يخلص إلى نتيجة واحدة ، جزائري اليوم يريد فقط أن يعيش بكرامة ، يحب و يحلم بغد أفضل.إن  سقف طموحات من كتبوا تلك الرسائل الصغيرة الموجهة إلى السلطة و المجتمع ، بسيط  جدا و لا يتعدى المطالب الاجتماعية و بعض المقترحات الديمقراطية ، فهم يشتركون في حب الوطن و يختلفون في التعبير عن ذلك ، يملكون لغة موحدة هي لغة الشارع و الفايسبوك ، لكن لكل منهم أسلوب خاص يترجم تصوره لمستقبله و مستقبل البلاد ، الكل يريد التغيير السياسي الذي سيفرز تغييرا اجتماعيا ، سيكسر القيود بواسطة مطرقة الدعابة و السلمية المصنوعة من معدن الأمل.
 أمام جدار التغيير بوسط المدينة ، سقطت أوراق كثيرة و بقيت أخرى معلقة تحمل تشريحا للواقع ، و تقدم وصفا للمرحلة و تصورا للمستقبل ، كما يقف أمام نفس الجدار شباب تحولوا إلى حراس للأحلام ، يقضون يومهم في توفير القصاصات و الأوراق و التطوع لكتابة أماني الآخرين و تعليقها على حائط التغيير.

الوفاء للوطن.. الوفاء لفريق القلب
نسبة كبيرة من القصاصات و الأوراق التي علقت على الجدار ، تتشابه في محتواها، إذ تتضمن عبارات مستهلكة  شكلت وقود الحراك الشعبي على غرار العبارة الشهيرة « يتنحاو قاع»، و» جزاير حرة ديمقراطية»، و «العظمة للجزائر الفخامة للشعب»و «السلطة للشعب»، كما كانت كلمات أغنية سولكينغ «الحرية هي أولا في قلوبنا « حاضرة بقوة، إلى جانب عبارات  « ما نطلبوش الفيزا نطلبوا الجزائر العزيزة» و « سنبقى جاثمين على قلوبكم»، أما قصاصات أخرى فقد تضمنت مطالب بتسليم المشعل للشباب و محاسبة الفاسدين.
 من جهة أخرى ، غرد الكثيرون خارج السرب و فضلوا أن يغتنموا الفرصة للتعبير عن حبهم لفرقهم المحلية ، و تعلقهم بمصيرها في البطولة الوطنية التي كثيرا ما يثار حولها الجدل و تطالها مطالب الإصلاح و التغيير ، فقد كتب شباب في قصاصات شعارات الملاعب ، على غرار « عايشين على جالها» و « مارانش ملاح» ، شعارات مناصري فريق شباب قسنطينة.
المطالب الاجتماعية هي الأهم


 المطالب السياسة قليلة ، مقارنة بالمطالب الاجتماعية التي تشكل النسبة الأكبر من اهتمامات الجزائريين ،  فقد كتب البعض «نعم لمراجعة أسعار الكهرباء و الغاز، راقبوا أسعار الأسواق»، و كتب آخرون « شهادة جامعية للحصول على عمل، نريد الحق في السكن و الإدماج المهني والزواج و حياة جميلة هانئة « ، وجاء في قصاصات أخرى « نريد مناصب عمل بعد التخرج».
 البعض تذكروا الأطفال ضحايا الاختطاف و القتل مثل هارون وإبراهيم وطالبوا بإنصافهم، و هناك من اكتفوا بالدعاء للوطن.
الحب أولا..
الكثير من القصاصات لم تكن مطالب اجتماعية أو شعارات سياسية، و لا مقترحات لانتقال ديمقراطي، بل رسائل حب كتبها العشاق، فكتبت  شابة     «سأتزوجه و سوف تندمون»، بينما طالبت أخرى بأن يجمعها الله بمن تحب في الحلال، بالمقابل كانت عبارات « زوجوني» أو « أريد الزواج»، « لا لغلاء المهور و نعم لتعدد الزوجات»، جوهر لائحة الأماني والطلبات.
إما الشهرة أو الهجرة!


قضية الهجرة التي تعد هوسا لدى الكثير من الشباب، حضرت أيضا على الجدار، فالحراك أيقظ بصيص أمل في قلوب الكثيرين، ممن كتبوا « لن  نهاجر نريد العيش في جزائرنا»، بالمقابل كتب آخرون « ارحلوا أنتم نحن باقون»، في حين بدا جليا من خلال بعض العبارات، بأن هناك من فقد الأمل في الوطن، فقد كتب أحدهم « أعطونا الفيزا راي ليكم الجزائر و البترول و  الغاز و الكوكايين».
و بعيدا عن كل الشعارات و المطالب وجد بعض عشاق الشهرة في حائط دار الثقافة ، بابا للترويج لأنفسهم، فهناك من نشر رقم هاتفه و هناك من كتب عنوان حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي و طلب من الجميع متابعته.
رسائل إلى الشهداء و تأكيد على الوحدة الوطنية
التاريخ كان له نصيب من اهتمامات الجزائريين، فبعض المطالب ركزت على ضرورة استرجاع الأرشيف الجزائري من فرنسا، وتضمنت قصاصات صغيرة رسائل إلى الشهداء تؤكد على صيانة الأمانة، فكتب أحدهم « بن بولعيد ارتاح سنواصل الكفاح».
 أما باقي المواضيع التي تضمنتها قصاصات الأماني، فقد تنوعت بين  تزكية حملات النظافة ، و الاعتزاز بالهوية والانتماء و الوحدة الوطنية، حيث كتب أحدهم عبارة» سجل أنا عربي و القبائلي و الترقي و الشاوي  أخي».
هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى