مقهى بلقليعة يعود إلى خمسة قرون يقدم القهوة على الطريقة المورسكية
يعج مقهى السوماتي بمدينة القليعة بولاية تيبازة، بحركية كبيرة للمدمنين على القهوة» المورسكية «التي تحضر  على فرن تقليدي متقد على الدوام بالفحم ،لمدة تتجاوز خمسة قرون من الزمن وتقدم في أوان وأباريق نحاسية .
جلسة واحدة في مقهى أحمد السوماتي،  بوسط مدينة القليعة، تشعرك للحظات بأنك في العصر الذهبي للحضارة الأندلسية  ،حيث لا تزال تحضر القهوة و الشاي على فرن تقليدي يشتغل بالفحم، به مدخنة لتصريف الدخان المنبعث منها أمام تدفق عشرات المواطنين المدمنين على أكواب من الشاي و القهوة وبعض الحلويات التقليدية  في جلسات حميمية ،قد تمتد لساعات طويلة، لأن الأجواء جد مريحة .
 المقهى مجهز بكراسي خشبية وطاولات من الرخام و الفولاذ المزخرف وأحاديث وأصوات  الناس تتقاطع فيما بينها ،إلى جانب الأواني النحاسية التي تصدر أصواتا خاصة ، و بالمقابل تشكل ديكورا مميزا لم نعهده في المقاهي الحديثة بأشكال جد جذابة، تحيلك إلى زمن الأمراء و الملوك ،على غرار الأباريق الكبيرة والسينية أو ماتسمى «السنيوة» محليا و «البقراج» نسبة للإبريق وغيرها من الأواني التي تعود إلى سنوات طويلة لم يطالها الصدأ لأن مادة النحاس الخالص استعملت في صنعها ،ومن بين الأشياء التي تلفت الانتباه هو الوهج الناري الصادر من الموقد الذي يبقى هو الآخر مشتعل على الدوام وهو فرن تقليدي يتجاوز عمره  خمسة قرون من الزمن،كما يؤكد صاحبه أحمد سوماتي الذي امتهن الحرفة آبا عن جد ، ولا يكاد صاحب المقهى أن يتوقف لأخذ على الأقل نفسا عميقا وسط الحشود حيث يجد كما قال متعة كبيرة في تقديم هذين المشروبين التقليدين وفق الطريقة المورسكية .وتذكر المصادر التاريخية أن المورسكيون وهو من بين أحفادهم « مسلمو الأندلس اللذين طردوا في القرن السابع عشر من قبل الملك فيليب الثالث في مرسوم صدر بتاريخ التاسع أفريل 1609 من المدينة باتجاه شمال إفريقيا وأدَّت الهجرات الأندلسية المتتابعة إلى  الجزائر، إلى ارتفاع عدد السكان من 25 ألف (1518م) إلى 70 ألف (1580) ليرتفع إلى ما بين 100 ألف و120 ألف نسمة عام 1634م .
وتشير الأصداء التي جمعناها على ضوء انشغال صحاب المقهى، أن هذا المكان أضحى أيقونة المقاهي العريقة بالمدينة  تحدد من خلاله المواعيد و اللقاءات وتبرم فيه الصفقات، لأن مذاق القهوة ،كما عبر لنا أحد المتدخلين من مدينة بوسماعيل المجاورة :»يمنح للعقل مجالا واسعا للتفكير طوال اليوم ،وللجسد انتعاش لا مثيل له «.
 بهذا الصدد يقول عمي صالح،أحد رواد مقهى السوماتي بالقليعة لمدة تتجاوز 20 سنة:» في هذا المقهى تعالج مختلف المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية وتروى قصص الماضي بحلوه ومره.»و  يضيف محدثنا بأن هناك تستمتع بالحكم و العبر و تجد فضاءا للمرشدين،لأن أغلب رواده من الشيوخ وكبار السن وأعيان المدينة و المثقفين .
كما تعرض بمقهى السوماتي بالقليعة، حلويات أندلسية منها  ما هو على شكل هلال، وأخرى  لها شكل دائري، ومعين ومثلث، مثل حلوى الصامصة المحشوة باللوز، وعجينة الواء التي يتم قليها وتزيينها بالعسل، وحلوى» تشاراك «ذات الشكل الهلالي ،إلى جانب بعض الأنواع من الحلويات العصرية ،لكن الطلب يرجح في العادة ،الحلويات الأصيلة التي تشتهر بها المدينة .
هشام ج

الرجوع إلى الأعلى