تسبب استمرار تفشي وباء كورونا في أوساط الجزائريين، و معه تأجيل امتحانات شهادتي البكالوريا و التعليم المتوسط، في إلغاء الأسر لمخططاتها بشأن قضاء عطلة صيفية ينتظرونها بشوق بعد سنة مضنية من العمل، لتلغى بذلك خرجات البحر، النزهات، و تؤجل سفرياتها نحو الخارج إلى إشعار لاحق.
فاستمرار الحجر الصحي على جزء كبير من الولايات الجزائرية، بالإضافة إلى مواصلة تسجيل حالات جديدة مؤكدة بشكل يومي من الإصابات، شكلا عائقا أمام كل المخططات التي رسمها أفراد العائلة منذ فترة طويلة، لتضرب عرض الحائط أمام وضع حرج فرض على الجميع حتمية خلق طرق للتعايش معه إلى حين انتهاء الأزمة التي أثرت سلبا على مختلف نواحي الحياة منذ تسجيل أول إصابة بالجزائر.
موظفون يرفضون أخذ عطلة في زمن كورونا
العطلة الصيفية، هذه الجملة التي يعشقها الجميع، و المناسبة التي ينتظرونها بشغف كبير، علها تكون فعالة في التخلص من ضغوطات العمل و الملل الناتج عن روتين الحياة اليومي، تحولت اليوم و بسبب فيروس كوفيد 19 إلى مجرد حلم يراود الكثيرين ممن خططوا لقضائها بشكل استثنائي، ينعمون فيها بالراحة و الترفيه عن النفس، تحضيرا لعودة قوية لممارسة حياتهم العملية بعد ذلك.
 و قد جعلت كل هذه المعطيات معظم الموظفين و العمال يمتنعون عن أخذ عطلهم السنوية التي كانت في السباق تتسبب في خلق صراعات كبيرة لأجل الفوز بعطلة شهري جويلية و أوت، و ذلك لعدم هدرها في المكوث بالبيت، فضلا عن أن جزءا كبيرا من العمال خاصة الأمهات و المرضى قد استفادوا من إجراءات الحكومة الوقائية التي منحتهم عطلة استثنائية بسبب الوباء، و فرضت على أخريات العمل في البيت.
و يقول السيد عزوز أنه يفضل العمل في مثل هذه الظروف بالرغم من الخوف من الإصابة بالعدوى، عوضا عن أخذ عطلة سنوية كان يستعد لها منذ فترة طويلة، و يفكر بالاستفادة منها بطريقة خاصة تروّح عنه و عن أفراد عائلته، حاله حال سمية التي قالت إنها استفادت من إجراءات الحكومة بمكوثها مدة 3 أشهر في البيت، و هذا يدفعها لتأجيل عطلتها السنوية و الاستمتاع بها بعد انتهاء الوباء.
غلق الشواطئ يلغى وجهة البحر
و يعد قرار عدم السماح للأشخاص بالسباحة و تعليق برنامج الشواطئ هذا العام كإجراء وقائي لتفادي تفشي الوباء، من بين أهم العوامل التي زادت من تعقيد الوضع، ما أخلط حسابات الأسر التي تعودت على قضاء عطلتها الصيفية في إحدى المدن الساحلية، بالتخييم أو استئجار شقق، حتى هي الأخرى ممنوعة من النشاط بسبب الوباء، ما جعل هذا الخيار يستبعد نهائيا من حسابات الأسر.
و بعيدا عن إجراءات الحجر الصحي التي تقف عائقا أمام تمكين الأشخاص من التنقل إلى أماكن الترفيه و الاستجمام، فإن تأثيرها على نسبة كبيرة من الأسر كان قاسيا، خاصة بالنسبة لتلك التي يعيلها أشخاص توقف نشاطهم كليا بسبب الفيروس، مما أثر بالضرورة على القدرة الشرائية و المستوى المعيشي الذي انخفض بشكل كبير، ما جعل رب الأسرة يعدل نهائيا عن فكرة العطلة الصيفية، و التي تستجوب توفير مال إضافي لتغطية تكاليف الإيجار، الإطعام و الترفيه، حال السيد محمد الذي يقول إنه و بالإضافة لإجراءات الحجر، فقد بات عاجزا عن توفير المال الكافي للعطلة مثلما تعوّد في السنوات السابقة، فتوقفه عن العمل بسيارة الأجرة التي يمتلكها، حرمه حتى من مدخول يومي لإعالة أفراد عائلته، غير أن قرار استئنافه العمل مجددا، شكل متنفسا قال بأنه عليه استثماره للرفع قليلا من مستواه المعيشي الذي تدنى بحسب قوله، بعيدا عن التفكير في تخصيص جزء من المداخيل للعطلة.
«البكالوريا» و «البيام»..قطرة أفاضت الكأس
من جانب آخر، شكل تأجيل شهادتي البكالوريا و التعليم المتوسط منعرجا مهما بالنسبة للأسر، إذ يمنعها ذلك من التفكير في العطلة و التشويش على أبنائها في فترة مهمة يحتاجون فيها للاستقرار و البقاء في المنزل من أجل مواصلة الدراسة و التحضير بشكل جيد للامتحانات التي تعد مصيرية بالنسبة للأولياء و الأبناء على حد سواء.
و قالت السيدة خديجة إنه و بالإضافة للأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد، فإن قرار تأجيل شهادة البكالوريا جعلها لا تفكر نهائيا في العطلة الصيفية و تستبعدها من كل حساباتها، معتبرة ذلك امتحانا مصيريا بالنسبة إليها و لابنها الأكبر الذي ينتظر أن يجتاز الشهادة، و قالت إن التفكير في العطلة يعد تصرفا أنانيا، و ترى بأنه من شأنه أن يؤثر على سير المراجعة، معتبرة أن العطلة يمكن تأجيلها إلى وقت لاحق، حتى و لو كان ذلك للعام المقبل، فالمهم بالنسبة إليها هو نجاح ابنها.
السفر إلى الخارج.. حلم بعيد المنال
و إن كان من يمتلك سيارة و رغب في التنزه يستطيع التنقل  إلى ولاية أخرى أو الاستجمام دون المكوث في تلك الأمكنة خاصة الشواطئ، فإن السفر إلى بلاد أخرى بات ممنوعا منعا باتا هذا العام، في ظل استمرار غلق المعابر و الحدود البرية و الجوية و تعليق كافة الرحلات، و بعد أن تعوّد الكثير من الجزائريين  على قضاء عطلتهم الصيفية في بلدان معينة مثل تونس، تركيا أو دبي في السنوات الأخيرة، ما يراه كثيرون أمرا صعبا للغاية، خاصة في ظل عدم توفر البدائل على مستوى التراب الوطني.
و في ظل ما يعتبره البعض تضييقا بسبب الوباء، فإن أسرا كثيرة فكرت في بدائل تخرجها من روتين المكوث في البيت دون ترفيه، إذ لجأت للألعاب و كذا شراء المسابح المتنقلة التي يمكن وضعها في المنازل لأجل راحتها و راحة أطفالها، بينما عادت أسر أخرى لعادات قديمة لقضاء العطلة، إذ و منذ تخفيف إجراءات الحجر المنزلي، انطلقت العوائل  في زياراتها العائلية، خاصة بيت الجدة، الذي يبدو أنه سيشكل الملجأ الوحيد للأحفاد و الأبناء للترفيه و كسر روتين البيوت، بينما تفكر سعاد بقضاء عطلتها الصيفية على غير العادة، و ذلك بالتوجه نحو الغابات أو الجبال، و اكتشاف جمال المدن و الطبيعة الجزائرية مع أفراد عائلتها الصغيرة، مؤكدة أنه لا بد من التفكير الإيجابي لقضاء عطلة مفيدة و لو بعيدا عن زرقة البحر.
و في انتظار عودة المياه إلى مجاريها، يبقى التعايش مع الوضع أمرا مفروضا يستدعي استغلال كل الفرص، و اعتماد كل الحيل للترفيه و لو بين 4 جدران، و اعتماد نصائح و توصيات المختصين الذين يدعون إلى استثمار فترة الحجر المنزلي كعطلة استثنائية من شأنها أن تقدم ما لا تقدمه العطل السنوية في سنوات مضت.
إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى