لم يمنع الظرف الاستثنائي الذي فرضته الأزمة الوبائية، عديد الشبان المقبلين على الزواج، و كذا العائلات التي تزوجت إحدى بناتها مؤخرا، و تقضي أول عيد في بيت الزوجية، من تقديم هدايا تعرف بـ»المهيبة» أو «العيد» أو «التفقيدة» للخطيبة أو العروس، مؤكدين بأنها عادة متجذرة في المجتمع و لا يمكن التخلي عنها، غير آبهين بخطر انتقال عدوى كورونا، نتيجة الاحتكاك و التجمع العائلي. و قد نشرت عديد العرائس خلال أيام عيد الأضحى، عبر صفحات فايسبوكية، صورا للهدايا التي تلقينها، في إطار عادة « عيد العروس» أو « المهيبة»، معربات عن فرحهن بالمناسبة العائلية البهيجة.
أثر الانتشار المخيف لوباء كورونا على كل مناحي الحياة، فمُنعت الحفلات و الزيارات العائلية و إبرام عقود الزواج، و حتى إقامة مراسيم العزاء المنزلية، لتجنب التجمعات و الاحتكاك، لحصر الوباء و منعه من الانتشار أكثر، لكن لم يؤثر ذلك على البعض، فبالرغم من التحذيرات التي وجهتها الجهات الوصية، خاصة قبيل عيد الأضحى، و الدعوات الملحة للالتزام بإجراءات الوقاية و الامتناع عن زيارات المعايدة، إلا أنهم راحوا يتبادلون الزيارات و يجسدون مختلف الممارسات و العادات المرتبطة بالمناسبة، و كأن كوفيد 19 لا يوجد و لا يخلف مصابين و موتى في كل أنحاء العالم.
من بين العادات التي تحافظ عليها العائلات الجزائرية، عادة «عيد العروسة»، كما يصطلح عليها في الشرق الجزائري، لما كانت تحملها من رمزية جميلة في طياتها قبل كورونا ، إذ كانت تعتبر فرصة للقاء و تعارف العائلتين المتصاهرتين و توطيد العلاقات بينهما، و تقديم نصيب العروس المستقبلية، أو العروس الجديدة من الحلويات و الفواكه و فخذ الأضحية و مواد غذائية أخرى، من قبل عائلة خطيبها أو عائلتها، إلى جانب هدايا أخرى عديدة.
نشرت عديد الشابات المخطوبات و كذا المتزوجات حديثا، صور الهدايا التي تلقينها من عائلات أزواج المستقبل أو من عائلاتهن، في صفحات تعنى بجهاز العروس و أزياء و مستلزمات التصديرة و الأفراح، على غرار صفحة « شدة تلمسان الهمة و الشان»، التي نشرت صورا للهدايا التي تلقتها عديد العرائس المنحدرات من شرق و غرب البلاد في أيام عيد الأضحى، تحت عنوان « تفقيدة إحدى العضوات» أو «المهيبة»، و تبرز عادات كل منطقة، و تشترك عموما في تقديم نصيب العروس من لحم الأضحية، سواء من قبل عائلة خطيبها، أو من قبل والديها خلال أول عام لها بعد إتمام الزواج، بالإضافة إلى كسوة العيد و الحلويات و الفواكه.
و لم يعد الكثيرون يكتفون بما سبق ذكره من هدايا تقليدية، و أضفوا على «المهيبة» طابعا عصريا، بتزيينها بأنواع الشوكولاطة و أرقى الأزياء و الأحذية و الحلي الذهبية، رغم تكاليفها الباهظة، و ذلك لأن عديد الشابات يلزمن أزواج المستقبل بذلك، للتباهي أمام ذويهن و صديقاتهن، و قد أثير نقاش بين شبان و شابات من خلال هذه المنشورات، و منهم من انتقد الهدايا المكلفة، فيما عبر آخرون عن استيائهم من عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية في ظل الجائحة ، و المخاطرة بأنفسهم و بالآخرين في سبيل إحياء عادات غير ضرورية، خاصة في الوضع الراهن، كما أنها تثقل كاهل المخطوبين و كذا عائلات المتزوجات حديثا .
عادة تجمع العائلات المتصاهرة و تتحدى الجائحة
رفيدة، في ربيعها 24 ، تزوجت منذ 20 يوما، بعد أن رفضت تأجيل زفافها، بالرغم من اعتراض عائلتها، حيث قالت للنصر، أن خطوبتها دامت  5 سنوات، لأن زوجها لم يتمكن من توفير مصاريف حفل الزفاف،  ما جعلها تصر على اغتنام ظروف الجائحة لإقامة حفل زفاف بسيط، دعت إليه أعمامها و أخوالها، غير أن بعضهم لم يحضر الحفل.
و بمناسبة عيد الأضحى اجتمع أفراد العائلتين المتصاهرتين، في أجواء جميلة تعمها الفرحة، حول مأدبة عشاء و تم إحياء عادة «المهيبة» التي ترى المتحدثة بأنها متجذرة في المجتمع، و لا يمكن التخلي عنها، مهما كانت الظروف، و أضافت بأن أقاربها و أقارب زوجها لا يعانون من أية أعراض لها علاقة بالوباء.أما عبير فأكدت بأن التوقف عن إبرام عقود الزواج كإجراء احترازي لمنع تفشي الوباء، أرغمها على تأجيل زفافها، بعد أن رفضت اقتراح خطيبها بإتمام الزواج بالفاتحة، إلى أن يزول الوباء، بالمقابل لم تسمح للوباء أن يحرمها، كما قالت ، من إحياء عادة تعتبر أساسية في مجتمعنا الجزائري، و تتمثل في « عيد العروس» كما يطلق عليها في قسنطينة، مشيرة إلى أنها حرصت على تطبيق اإجراءات الوقاية و في مقدمتها الحرص على التباعد بين الضيوف و أفراد أسرتها.
أسماء ب

الرجوع إلى الأعلى