أكد الفنان محمد رضا بودباغ للنصر، أنه يتطلع إلى مزج إيقاع حضرة الطريقة العيساوية مع الموسيقى العالمية، من بوابة العاصمة الإنجليزية لندن، حيث يقيم منذ سنوات، داعيا فناني قسنطينة، إلى نبذ الخلافات، و الابتعاد عن الأنانية لتطوير الطبوع الفنية التي تزخر بها المدينة، و الحفاظ  على  تراثها المميز، و كشف عن تحضيره، لحفل كبير للديوان و الحضرة العيساوية، بمجرد تحسن الظروف و فتح الحدود و عودته  إلى مسقط رأسه قسنطينة الذي اشتاق إليه كثيرا.
و أضاف الفنان أنه عندما استقر في لندن و احتك بالأوساط الفنية، وجدها عاصمة فنية تضم كل أنواع الفنون العالمية، الآسيوية منها و الأمريكية، و كذا الإفريقية، من إيقاعات الشرق الأدنى، كالهندية، إلى الجاز و البلوز و الريغي، فقرر أن يعرف بفن بلاده، و بالنغمة الصوفية الوافدة من زوايا الجزائر، و بالديوان والحضرة العيساوية في قسنطينة، و بالنغمة الخفيفة على إيقاع الحوزي و البراول العيساوية، و هي بالنسبة للبريطانيين و الأجانب المقيمين هناك طابع جديد يكتشفونه لأول مرة،  مشيرا إلى أنه أدخل عليه بعض الآلات العصرية، فاستقطب الاهتمام، بنبرته الصوفية، و تلقى دعوات للمشاركة في عديد الحفلات، على غرار حفل في مسرح ريكس ميكس العتيق، حيث جعل الانجليز يتمايلون على ترانيم و إيقاع براول الحضرة العيساوية القادمة من زوايا قسنطينة.
عمل  ملحمي  بمشاركة 150 فنانا قسنطينيا
يدعو المتحدث من لندن، فناني مدينة قسنطينة، إلى نبذ الخلافات الشخصية، و الابتعاد عن الأنانية للنهوض بفنون المدينة و تطويرها، و لما الوصول بها إلى العالمية، بروحها الصوفية، وأكد للنصر أنه ينتظر بفارغ الصبر انفراج الوضع، و فتح الحدود لإقامة مهرجان للديوان و الحضرة العيساوية،  وهو عمل ملحمي قام بتحضير كل تفاصيله، من المنتظر أن يقدمه فوق ركح مسرح قسنطينة.
الفنان محمد رضا بودباغ  أكد للنصر، أن مهرجان الديوان والحضرة، مشروع خاص به و سوف يشارك فيه 150 فنانا على الخشبة، وسيقدمه للجمهور، وفق  سيناريو القوال الذي يروي في كل مرة حكاية و قصة فنان، ممن أثروا التاريخ  و التراث الفني للمدينة، مشيرا إلى أنه ألف بنفسه كلمات و ألحان هذا العمل، الذي يحتوي على المدح و الذكر و»المجرد «، و الذكر و الإيقاع باليدين، و براول و أقوال من تأليفه، مؤكدا أنه ابتكر وجدد كل برنامج مشروع الحضرة والديوان الذي سوف يجسده فنانون شباب، ممن لم يمروا على الزوايا، و الهدف من ذلك تسليم المشعل لهم، كخير خلف لخير سلف، و من بينهم حمزة و إلياس بن قادري، كما قال.
و أوضح المتحدث أنه حضر كل تفاصيل المهرجان، و سيكون برعاية خاصة و عامة، على حد تعبيره، و ينتظر فقط انفراج الأزمة الوبائية التي يعيشها العالم ليرى النور، مؤكدا أنه جد مشتاق  للعودة إلى أحضان مدينته قسنطينة.و أضاف أن ألحان ملحمة الحضرة و الديوان سيتم طبعهما و توزيعها مجانا على كل من يحضرالتظاهرة.
الانجليز انبهروا بأعماله
المتحدث قال لنا أنه من أنصار التجديد، وأن الموسيقى المحلية لم تحظ بحقها من الاهتمام، لمواكبة ومسايرة العصر و الخروج من المحلية، نحو العالمية، مؤكدا أن التشبث بكل ما هو قديم و أصيل لا يعني الجمود، و التجديد يجب ألا يكون على حساب التراث.
و يرى أن العصرنة تكون في الهيئة و الشكل، و الموسيقى و إدخال آلات جديدة عصرية، دون المساس بأسس الطابع القسنطيني الثري بكل فروعه، وأكد أنه الوحيد الذي أدخل الآلات العصرية، كالباطري والبيانو وكذا القيثارة، «فعلينا، بالمحافظة على الأصالة و التراث، لكن مع التجديد»، و هو مدرك لما يقول، باعتباره ابن زاوية، و يعمل على إيصال مقامات قسنطينة إلى الأذن العالمية، بحلة جديدة، على غرار ما قام به في كل من « يا أهل المحبة « و « بن عيسى مول العناية «، و هما عملان  فاجأ بهما الأوروبيون، عندما قدمهما بموسيقى جديدة، على خشبة مسرح ريكس ميكس، حيث بث فيهم الروح الصوفية على أنغام البراول العيساوية، حيث كان أول جزائري يغنى في ذات القاعة  ، فانبهر الانجليز بالروح التي تنبعث من الأنغام و لو أنهم لم يفهموا الكلمات، وهذا ما يجعله يعتبر نفسه سفير النغمة القسنطينية، مشيرا إلى أن الفنان سمير بوكريديرة يعد من المجددين في فن المالوف الذين يبذلون جهودا كبيرة لتطويره.
«أعتز بمشاركتي في «ذاكرة الجسد» و «ابن باديس»
عن أهم أعماله التي يعتز بها،  مشاركته في مسلسلي «ذاكرة الجسد»، و «ابن باديس» ، حيث نشط عرسين، بالزي  التقليدي.
وعن أعماله الجديدة قال أنه سجل أربعة  أقراص مضغوطة، مع الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، « وهي « يا بحر الكمال « و « نوبة الطرق، قصدي أنظر « و « نوبة المزموم، أليف سلطاني « و « يا مقيم بحضرة» مضيفا أن ألبومه الأخير يضم 13 أغنية، منها 9 بكلمات جديدة، من تلحينه، بعنوان «قالوا عليا فات زمانو». ولها قصة خاصة به، مع شباب يريدون النجاح واختصار الطريق، للتربع على عرش الأغنية، دون احترام من سبقوهم، و النهل من خبراتهم.
رضا الذي يعيش حاليا في لندن، يؤكد أن فرص النجاح فيها متوفرة لكل مجتهد، و يعمل حاليا مع فنانين من الشرق الأوسط، من أجل التعريف بفنهم و تطويره من أجل نشره وجعله مقبولا و مسموعا، في عاصمة الضباب، التي تعد أيضا عاصمة للفنون العالمية، داعيا فناني قسنطينة إلى التعاون والتكاتف ونبذ الخلافات، و نشر المحبة بينهم من أجل تطوير فن مدينتهم العريق، دون المس بأصوله.
«نشأت و ترعرعت على أنغام الحضرة و هؤلاء هم شيوخي»
محدثنا صرح للنصر أنه نشأ بين أحضان عائلة تنتمي إلى الطريقة العيساوية، أعماما وأخوالا، وترعرع على أنغام الحضرة و قصائد وأوراد الطريقة، كما يعتبر نفسه إضافة إلى ذلك رحماني، أخذ القصائد و البراول في بيت الشيخ الرحموني في حي المنظر الجميل، في قسنطينة، التي يحن إلى أزقتها وهوائها، وأجوائها و نغمات العيساوة الأصيلة التي تعتمد على الدفوف والصوت،أثناء أداء براول الحضرة و قصائد التضرع و النوبات و المدح.
بودباغ قال أن أول شيوخه هو بلقاسم عابد شارف الحنصالي العيساوي، ثم زين الدين بن عبد الله رحمهما الله، ثم الشيخ عبد الرحمان حصروري الذي لقنه القصائد والنوبات القسنطينية، وهو بدوره رحماني وعيساوي، ولهم كلهم الفضل الكبير في تكوينه، قبل أن يشد الرحال إلى معقل الفن العالمي، لندن، حاملا معه فنا فريدا من نوعه ليس بالشرقي ولا الغربي، قدم من الزوايا موطن المديح النبوي، ولم تكن مهمته سهلة، خاصة أمام عائق اللغة.
و أردف المتحدث «تفاجأت بالزخم الفني وموسيقى العالم كله تصدح على مسارح لندن، فقررت خوض غمار منافسة النغمة العيساوية وسط ذلك الزخم، فتمكنت من اختراق هذا العالم، على الرغم من أن موسيقى قسنطينة لها أنغام و طبوع إيقاعات خاصة يتميز بها المغرب العربي، فأدركت أن موسيقى الأتراك و الهند لها أنغام تتقاطع مع فننا، ثم قررت أن أجد طريقة لينسجم فني مع الإيقاعات العالمية، التي تتقاسم في ما بينها الروح الصوفية».
  «حضرة وديوان».. تزاوج المشرق والمغرب
أكد الفنان أن من سمع موسيقى العيساوة هناك، قال أن لها روحا خاصة، على الرغم من أن الكلمات غير مفهومة، و السر في ذلك أن هذه الموسيقى تؤثر على كل من يسمعها من أي جنس، فيتمايل مع إيقاعها، و المعروف أن الموسيقى العربية عموما تضم مقامات لا يمكن لأي آلة أن تعزفها.
أما  الموسيقى العيساوية تحديدا ، فتتميز بالروح الصوفية، فهي قادمة من الزوايا وتتخصص بالذكر والمديح والحضرة و البراول،  ثم الأوراد، و يطمح بودباغ إلى ضم المالوف إلى الفن العالمي.
وهو يعمل حاليا مع عازف العود محمد مختار، من أجل تجسيد مشروع «حضرة وديوان» الذي يمزج فيه بين الصوفية في المشرق و الغرب، فيقدم  حضرة صوفية مفتوحة على الموسيقى العالمية لتحتضنها مسارح لندن.
     الطيب رضوان صالح

الرجوع إلى الأعلى