تشهد مدينة بوفاريك بولاية البليدة نهاية كل أسبوع خلال شهر رمضان ازدحاما مروريا كبيرا بسبب الإقبال الكبير لمواطنين من خارج المدينة على اقتناء الزلابية، خاصة العاصميين الذين يختارون يومي الجمعة و السبت للتوافد على بوفاريك، مما يتسبب في اختناق حركة المرور بكل مداخل المدينة الشمالية والغربية من ناحية الطريق السريع، و يمتد الازدحام في بعض الحالات إلى الطريق السريع على مستوى محولي الدخول إلى المدينة الشمالي و الغربي في ساعات المساء.
نورالدين ع
أما بوسط مدينة بوفاريك وشوارعها التي تضم محلات بيع الزلابية، فقد جندت مصالح الشرطة العشرات من عناصرها لتنظيم حركة المرور، و منع الركن العشوائي للسيارات الذي يزيد في بعض المواقع من الازدحام المروري.
أمام هذا الوضع اضطر سكان المناطق المجاورة مثل بن خليل، وبن حمداني، و بنشعبان، ووادي العلايق، إلى استعمال الطرق الفرعية الأخرى نهاية الأسبوع، للتوجه نحو منازلهم، لتفادي الازدحام داخل المدينة.
و الملاحظ أن بعض عشاق الزلابية أصبحوا يختارون الصباح لاقتنائها، لتفادي الازدحام الذي تعرفه المدينة في ساعات المساء، خاصة في نهاية الأسبوع، وذكر في هذا السياق أحد المواطنين القادمين من العاصمة، و الذي التقيناه صباح السبت بمدينة بوفاريك،  بأنه فضل زيارة المدينة صباحا لاقتناء الزلابية، بدل ساعات المساء، مشيرا إلى أنه زار المدينة نهاية الأسبوع الماضي لنفس الغرض، واضطر إلى قضاء أكثر من ساعة ونصف وسط الازدحام ، من أجل الظفر بكيلو غرام واحد من الزلابية، لهذا قرر عدم تكرار المشهد، و فضل التنقل صباحا.
عكس المدن الأخرى التي تصبح نائمة في صباح رمضان، تشهد مدينة بوفاريك حركية عادية و تفتح محلات بيع الزلابية أبوابها في حدود الساعة التاسعة صباحا، بينما يبدأ العمال نشاطهم على الساعة الثامنة صباحا، وفي بعض المحلات على الساعة السابعة والنصف، بهدف تحضير كميات معتبرة من الزلابية لبيعها في الصباح، لمستعملي الطريق السيار شرق ـ غرب، القادمين من ولايات عدة يدخلون المدينة لشرائها ثم يواصلون السير نحو  ولاياتهم.
اختناق مروري كل نهاية أسبوع
ما يلاحظ في مدينة بوفاريك خلال شهر رمضان، أن الإقبال على اقتناء الزلابية لا يخص سكانها و سكان البليدة و ضواحيها، بل تستقطب مواطنين من كل الولايات يحجون إلى  المدينة لاقتناء الزلابية، وهو ما يؤكده ترقيم سيارات أغلب الولايات الموجودة  بالمدينة في شهر رمضان، وقد ساعد في ذلك قرب بوفاريك من الطريق السيار شرق ـ غرب، حيث لا تستغرق عملية الدخول والخروج في الأيام العادية سوى بضع دقائق ، عكس أيام عطلة نهاية الأسبوع، حيث يكثر الازدحام بسبب الاقبال الكبير للعاصميين كما يؤكد ترقيم السيارات .
ورصدنا خلال جولتنا أمس بالمدينة ترقيم أكثر من عشر ولايات من الشرق و الغرب و الجنوب، منها عين تموشنت، سيدي بلعباس ، وهران بالغرب، وادي سوف، غرداية ورقلة بالجنوب، قسنطينة، عنابة وقالمة بالشرق، وغيرها من الولايات الأخرى من الوسط و الولايات المجاورة للبليدة.
و ذكر في هذا السياق  ح . م  تاجر من سيدي بلعباس، قادم من سطيف نحو مقر إقامته، بأنه استغل فرصة مروره عبر مدينة بوفاريك، ليقتني كمية من الزلابية لعائلته، مشيرا إلى أن أولاده طلبوا منه قبل سفره اقتناء الزلابية لهم من مدينة بوفاريك، مشيرا إلى أن الزلابية تباع في مدينتهم، لكن لزلابية بوفاريك مذاق خاص،  لهذا اشتراها.
وفي الإطار ذاته تحدثنا مع س ف،  من ورقلة ، فقال لنا بأنه كان في زيارة عائلية بالعاصمة، و قرر في طريق عودته الدخول إلى بوفاريك، لاقتناء كميات من الزلابية لتوزيعها على أقاربه، مشيرا إلى أن ما يسمعونه عن زلابية بوفاريك عبر وسائل الإعلام، جعلهم يقبلون على اقتنائها لاكتشاف ذوقها، و نفس الحديث تقريبا كرره عدد من المواطنين من بعض الولايات عندما سألناهم عن اقتناء زلابية بوفاريك.
زيادة بـ 50 دينارا في  السعر
شهدت زلابية بوفاريك زيادة ب50 دينارا في سعرها، مقارنة برمضان الماضي، حيث ارتفع من 200دينار إلى 250دينارا للكيلوغرام الواحد، وبرر التجار هذه الزيادة بارتفاع ثمن زيت المائدة، لكن ذلك لم يؤثر على الإقبال الكبير عليها، حسب التاجر ك .ع، مضيفا بأنه و باقي زملائه في الصنعة، أرغموا على رفع سعر هذه الحلوى بعد ارتفاع سعر الزيت والسكر،  مشيرا في السياق ذاته، إلى أن عددا من المحلات الموسمية التي كانت تفتح في شهر رمضان لبيع الزلابية في المواسم الماضية، لم تفتح هذا العام بسبب ندرة زيت المائدة.
واقتصر ، حسب المتحدث، هذا العام بيعها على المحلات التي تنشط طيلة العام، ولا يقتصر نشاطها على شهر رمضان فقط،كما تحدث المصدر عن صعوبات في الحصول على زيت المائدة  خاصة خلال الأيام الأولى من رمضان، فاضطروا إلى اقتنائها من أسواق الجملة بالعاصمة و البليدة، وفي بعض الحالات لم  تكن متوفرة بهذه الأسواق.
سر الصنعة تحتفظ به عائلة أكسيل منذ القرن التاسع عشر
بدأ تحضير الزلابية بمدينة بوفاريك، على يد عائلة أكسيل في بداية القرن 19 ، وتوارثت العائلة أبا عن جد هذه الحرفة إلى غاية يومنا هذا، و تحضرها بالمنزل العائلي، بالاعتماد على وصفة خاصة رفضت العائلة الكشف عنها، و اعتبرتها من أسرار العائلة.
و كان منزل عائلة أكسيل يشهد في كل مساء طوابير لاقتناء الزلابية، لكن اليوم لم يعد تحضيرها مقتصرا عليها، بل دخل تجار جدد على الخط، وذكر في هذا السياق عمي أحمد و هو في عقده السابع، من سكان المدينة، بأن زلابية بوفاريك فقدت نكهتها الأصيلة، مشيرا إلى أنها كانت تحمل مذاقا خاصا عندما كانت تحتكر إنتاجها عائلة أكسيل مع ثلاث عائلات أخرى.
أما اليوم ،فيرى عمي أحمد أن الزلابية التي يتم تحضيرها و بيعها ببوفاريك لا تختلف عن تلك التي تعرض بمناطق أخرى، و سر زلابية بوفاريك الذي تملكه عائلة أكسيل ترفض الكشف عنه، و هو الذي يضفي عليها مذاقا خاصا ، و هذا ما أكده عدد من المواطنين الذين تذوقوا زلابية عائلة أكسيل و الزلابية التي تحضر حاليا بمحلات أخرى، كما أن عدد محلات الزلابية ارتفع و بلغ    30 محلا، ما أفقدها طابعها التقليدي ونكتها الخاصة.
و الملاحظ أن أنواعا جديدة من الزلابية، دخلت المنافسة رغم أنها لم تكن ضمن تقاليد مدينة بوفاريك، وهي الزلابية بالفول السوداني «الكاكاو»، و زلابية حلوة الترك، و جميع هذه الأنواع، حسب عمي أحمد، دخيلة بعيدة كل البعد عن تراث المدينة و تقاليدها، كما أن الجانب التجاري تفوق في إنتاجها على الجانب التقليدي.
ن. ع

الرجوع إلى الأعلى