كان نزل المرجان العتيق، الكائن بمدينة عروس المرجان القالة، بولاية الطارف، الذي أمر بإنجازه و دشنه الرئيس الراحل هواري بومدين في سبعينيات القرن الماضي، من أهم و أجمل و أشهر الفنادق  السياحية  في الجزائر، فقد كان يستقطب كبار المسؤولين و الفنانين و المشاهير من داخل الوطن و خارجه، و أجمع نزلاؤه على أنه كان قطعة سياحية فنية نادرة، و مكسبا لقطاع السياحة ببلادنا، بالنظر إلى شكله الهندسي المميز و موقعه  الإستراتيجي على ضفاف شاطئ المرجان الذي يحمل اسمه،  إلى أن تم  غلقه منذ أكثر من عقد من الزمن من أجل ترميمه و تهيئته و عصرنته، بعد أن تدهورت بنايته و الخدمات التي يوفرها لزواره، لكن الأشغال لم تنطلق به لحد اليوم ما زاد في وضعيته سوءا.

صمّمه مهندس فرنسي و دشنه الرئيس بومدين  
أعيان مدينة القالة قالوا للنصر، أن فندق المرجان العتيق الذي صممه المهندس الفرنسي بويون، كان في وقت مضى يحتل مكانة خاصة عند السياح من مختلف مناطق الوطن و خارجه، و كان مصنفا كمعلم سياحي و تاريخي، يعج بالنزلاء على مدار فصول السنة، لقضاء العطل و الاستجمام و الاستمتاع بالمناظر الساحرة، لكن بريق النزل الذي كان يوصف بلؤلؤة الفنادق في الجزائر، و مفخرة سكان المدينة و الولاية عامة، انطفأ، و بات  حاله مؤثرا يبكي سكان المدينة، بعد  هجرة السياح له، و تراجع تصنيفه إلى ما دون نجمة واحدة، بفعل  تدهور وضعيته من جميع الجوانب، و تدني نوعيه الخدمات السياحية التي يقدمها.
و تقرر في آخر المطاف غلق لؤلؤة الفنادق و إخضاعه لعملية ترميم واسعة، بغية التعجيل بإعادة فتحه ، في أقرب وقت، غير أن أشغال الترميم و العصرنة لم تنطلق منذ أكثر من 10 سنوات من الغلق، بعد فشل الجهات الوصية في بعثها بسبب العراقيل التقنية و الإدارية التي رافقت العملية.
 في البداية باءت مساعي السلطات المحلية لدفع الجهات المركزية إلى الإسراع في ترميم الفندق الذي يكتسي أهمية خاصة عند سكان المنطقة، بالفشل، ثم حظي الملف بالاهتمام،  بعد قرار السلطات العمومية إعادة  الاعتبار للمؤسسات العمومية، غير أن عملية الترميم ظلت معطلة.
2.3مليـار دينار لعصرنة تنفذها خبرة إسبانية
 كانت مؤسسة التسيير السياحي للشرق بعنابة، قد أفادت أنها ستشرع في صيانة نزل المرجان و أوكلت العملية لشركة إسبانية، و خصصت للمشروع الذي تضمن ترميم و عصرنة و إعادة تجهيز فندق المرجان، غلافا ماليا قدره 2.3 مليار دينار، ما يعادل 21.5 مليون أورو، و أشارت إلى أنها نظمت مناقصة دولية، شاركت فيها المؤسسات المؤهلة  في  عملية ترميم الفنادق، نظرا لعدم توفر المؤسسات  المختصة في هذا المجال بالجزائر ، مضيفة أن أشغال العصرنة وإعادة التأهيل أخذت في الحسبان الحفاظ على النمط الهندسي المميز  للفندق ، على أن تتكفل الشركة الأجنبية بتكوين اليد العاملة  المحلية المؤهلة، بهدف الاستفادة من التجربة الإسبانية  الرائدة في هذا الميدان، و السهر على عملية صيانة الفندق.
 و أفادت مصادر أخرى أن عملية ترميم الفندق، ظلت تراوح مكانها بعد أن عرفت تأخرا  كبيرا في إتمام الإجراءات الإدارية، إضافة إلى تأخر الإعلان و إعداد الدراسات ،وهو ما أثار غضب الجمعيات المحلية التي وصفت ما وقع للفندق بالجريمة، فيما سارعت الوصاية بعد تعالي أًصوات المنتخبين والجمعيات، إلى إنهاء مهام المدير العام الأسبق لمؤسسة التسيير السياحي لعنابة، بسبب تأخر انطلاق عملية ترميم الفندق .
  ثلاثة عقود من الاستغلال الخاص دون دفتر شروط

أردفت مصادرنا أن قرار غلق نزل المرجان، اتخذته مؤسسة التسيير السياحي للشرق بعنابة، بعد استرجاعها له، بغرض إخضاعه لعملية الترميم و إعادة التجهيز ، بعد أن ظل  هذا المرفق السياحي، مستأجرا لأحد الخواص  طيلة ثلاثة عقود من الزمن، دون دفتر شروط،  و دون اعتناء المستأجر به و القيام بعمليات الترميم الدورية،  ما تسبب في  تدهور حالته و تدني نوعية  الخدمات به، بعد أن  كان لؤلؤة سياحية  تتباهى بها مدينة  المرجان القالة.
  و تحول الفندق بعد غلقه طيلة السنوات الماضية إلى أطلال،  وهيكل مهجور و وكر للمنحرفين و الطيور، ما أثار حفيظة أعضاء المجلس الشعبي الولائي  في دورات سابقة، حيث ناشدوا الوصاية و السلطات  المحلية، الإسراع في  إنهاء عملية الترميم و إعادة  فتح هذه المؤسسة الفندقية العريقة،  لتنشيط الحركة السياحية المحلية  والتخفيف من مشكلة نقص المرافق التي تشكو منها الولاية.
و أكد بعض المتتبعين للشأن المحلي أن استمرار غلق النزل،  انعكس سلبا على العملية السياحية بعروس المرجان المعروفة بهذا الفندق  الشهير،  الذي يعد رمزا للمدينة وسكانها. و دق ممثلو المجتمع المدني من جهتهم ناقوس الخطر و أرسلوا شكاوى للجهات المعنية،  مشددين على حالة الإهمال التي يوجد عليها الفندق،  و تعطل عملية ترميمه، بعد أن ظل،  حسبهم، مغلقا طيلة 12سنة، ما تسبب في  تدهوره و  اتساع رقعة التصدعات الخارجية ما أثر على شكله الهندسي و بات يهدد بانهياره.
من ثلاثة نجوم إلى خارج التصنيف
مصادر من مديرية السياحة ذكرت من جهتها، أن قرار غلق الفندق، جاء بهدف إخضاعه لعملية ترميم و توسيع وإعادة تجهيز، لإنقاذه  من الوضعية المزرية و الكارثية التي آل إليها،  ما أدى إلى تدني نوعية  الخدمات به وعزوف السياح عنه في السنوات الفارطة. الأمر الذي أدى إلى  تراجع تصنيف الفندق من  3 نجوم ، إلى  دون تصنيف حاليا ، وهو ما دفع  بمؤسسة التسيير السياحي للشرق، إلى اتخاذ قرار غلقه وإخضاعه  لعملية ترميم  و توسعة وعصرنة شاملة، بغرض إعطاء المؤسسة العريقة الوجه اللائق بها.
عملية العصرنة و الترميم، ستسمح بإعادة الاعتبار لهذه المنشأة السياحية و تصنيفيها من جديد 4 نجوم، و ذلك فور الانتهاء  من الأشغال المبرمجة التي بلغت نسبتها 30 بالمئة متأثرة بجائحة كورونا التي دفعت بالشركة الأجنبية إلى مغادرة البلاد وتعذر عودتها بسبب غلق المجال الجوي.
برمجة دعم الفندق بمرافق جديدة
 و ينتظر استئناف الأشغال قريبا بعد عودة الشركة الأجنبية، فالسلطات المحلية حريصة على إنهاء الأشغال المبرمجة بفندق المرجان، من أجل إعادة فتحه أمام السياح  في القريب العاجل ، و قد تقرر دعمه ببعض المرافق  الجديدة التي من شأنها  الارتقاء بنوعية الخدمات المقدمة للزبائن، على غرار إنجاز محطتين  للمعالجة بمياه البحر و المياه العذبة ، إنجاز مسابح ، ملاعب للرياضة و حظيرة لتوقف السيارات و توسعة الغرف( 103غرفة) و توسيع المطاعم و قاعات الشاي ..وغيرها،  وهو ما  سيسمح بتنشيط وإعطاء دفع للعملية السياحية و استحداث عشرات مناصب الشغل.
و قد دعت مؤسسة التسيير السياحي الشركة الأجنبية  لاستئناف الأشغال قريبا بعد تعثرها بسبب كوفيد19، مع  تفعيل الورشات و دعمها بالوسائل اللازمة لاستدراك التأخر، قبل اللجوء إلى فسخ الصفقة و سحب المشروع منها .
و يأمل تجار مدينة القالة أن يفتح الفندق  في أقرب وقت، بعد أن عرف نشاطهم تراجعا بسبب ضعف التدفق السياحي على الفندق، بعد غلقه طيلة السنوات الفارطة، وهو الذي كان يضفي، كما أكدوا،  حيوية كبيرة على المدينة السياحية .
نوري.ح

الرجوع إلى الأعلى