عادت الحركية السياحية بشكل محتشم هذه السنة، بعد ركود كبير خلفته جائحة كورونا، و يصف ناشطون في المجال الموسم بالملتهب، خصوصا في ما يتعلق بأسعار تذاكر السفر نحو الخارج، التي باتت تعادل في بعض  الأحيان  تكاليف رحلة كاملة نحو وجهة معينة، مؤكدين بأن الفنادق و خطوط الطيران  الأجنبية، ضاعفت أسعارها بما يعادل 50 إلى 150 بالمئة هذا الموسم.

* هدى طابي

و أكد مولود يوبي، رئيس الاتحاد الوطني للوكالات و السياحة و الأسفار، أن الموسم لا يزال في بدايته، و قد ينتعش بشكل أكبر، بعد انقضاء فترة الامتحانات و خروج التلاميذ في عطلة، غير أن المؤكد، حسبه، هو الزيادات المحسوسة في تكاليف السفر هذه السنة، بفعل غلاء تذاكر الطيران، خصوصا على مستوى الخطوط الأجنبية التي تفرض تسعيرات جد مرتفعة، لدرجة أن هناك من ألغوا رحلاتهم نحو الخارج بسبب الغلاء، في وقت يبقى برنامج الرحلات ضيقا جدا، و غير ملائم للطلب، حتى وإن كان هذا الأخير قد تراجع إلى النصف، مقارنة بمواسم ماضية.
وأكد يوبي، بأن مصر و تركيا، تحتلان صدارة الوجهات نحو الخارج، إلى جانب تونس، في حين حجزت غالبية الفنادق في الداخل، خصوصا على مستوى الواجهة البحرية الجزائرية،  كما تؤكده المعطيات الراهنة، و السبب، حسبه، هو أن عدد الأسرة قليل، و لم يعد كافيا لتغطية الطلب، خاصة خلال شهري جويلية و أوت.
برنامج الرحلات نحو الخارج تراجع بـ 40 بالمئة
 أكد مصطفى زكريا بن مغسولة، مسير وكالة السياحة و الأسفار « ريكويردو» بقسنطينة، بأن الفترة الحالية عرفت عودة نسبية للحركية السياحية  نحو الخارج، لكون النشاط لا يزال بطيئا، بفعل محدودية برنامج الرحلات الذي تراجع بنسبة 60 بالمئة، نظرا لاستمرار تطبيق بعض إجراءات الوقاية، ناهيك عن ارتفاع تكاليف الرحلات الجوية نحو بعض الدول، فمثلا، كما أوضح المتحدث، الطلب على تونس كوجهة سياحية، عرف انحصارا هذا العام، بسبب تكلفة تذاكر الطيران، علما أن غالبية الجزائريين الذين كانوا يقصدون البلد الجار، كانوا يفضلون السفر برا، وبما أن  الحركة عبر الحدود البرية لا تزال مقيدة، فإن منهم من تخلوا عن هذه الوجهة و عوضوها بوجهة أخرى، هي مصر، التي تتصدر الترتيب هذا الموسم، بعدما اختار جزائريون كثر منطقتي  الغردقة و شرم الشيخ لقضاء عطلتهم، فيما فضل آخرون مدينتي أنطاليا و إسطنبول التركيتين.
أما بلدان شرق آسيا و زنجبار و غيرها من الأماكن التي عرفت طلبا ملحوظا في السنوات التي سبقت الجائحة، فقد تحولت هذه السنة إلى وجهات فئوية، لا يقصدها إلا الأثرياء أو رجال الأعمال، كون الرحلات نحو الصين و بلدان القارة الصفراء، مقيدة لأسباب صحية، و الذهاب إليها يتطلب المرور عبر بوابة دبي، لذلك فإن التكلفة تكون مضاعفة، و قد تصل إلى 60 و حتى 70 مليون سنتيم، وهي نفقات لا تتحملها سوى فئة محدودة من الميسورين.
 عن أسعار الرحلات الأكثر طلبا، أوضح المتحدث، بأن تكلفة عطلة مدتها أسبوع واحد في مصر تنطلق من 18 مليون سنتيم، مع تسجيل زيادة محسوسة في تذاكر الرحلات و أسعار الفنادق هناك، فيما يكلف أسبوع في أنطاليا مبلغا يتراوح بين  20  و25 مليون سنتيم، مقابل  14 إلى 15.5 مليون سنتيم  لأسبوع في إسطنبول، وهو مبلغ قد يرتفع أكثر في حال اختار السائح الجزائري خدمة «حلال بوكينغ» التي تحدد مسارا سياحيا خاصا، يضمن نوعية محددة من الفنادق التي لا تقدم مشروبات كحولية و توفر مسابح للنساء وغير ذلك.
هجرة طلابية تحت غطاء سياحي
من جهته، أكد  شعيب حناشي، ممثل وكالة « نوبا» للسياحة والأسفار، بأن الأسعار  تضاعفت هذه السنة، مقارنة بالسنوات الماضية، وقد بلغت الزيادات50  إلى  150بالمئة، مقابل تراجع في الطلب بنسبة 60 إلى70 بالمئة، و تقليص مدة الرحلات، ناهيك عن تراجع برنامج الرحلات، خصوصا مع استمرار تقليص عددها نحو الخارج، و توقف النشاط البري باتجاه تونس، التي كانت في وقت سابق، وجهة رئيسية للكثير من الجزائريين.
بالنسبة للوجهات الأخرى، أوضح المتحدث، بأن أكثر الطلبات المسجلة نحو دبي، تخص طلبة جامعيين يقصدونها تحت غطاء سياحي، قبل أن يحولوا إقامتهم إلى إقامة دائمة للدراسة أو العمل، بمعنى أنها سياحة نفعية، و ليست بغرض الاستجمام.
أما عن تركيا فقد أشار وكيل الأسفار، بأنها تعتبر أيضا من الوجهات المقصودة رغم غلاء أسعار  الخدمات و الفنادق، غير أن الطلب عليها يبقى مستقرا بنسبة كبيرة، نظرا لارتباط الرحلات نحوها بالجانب التجاري، فتركيا هي الوجهة الأولى للتجار و رجال الأعمال، و تبقى السياحة نحو آسيا متوقفة هذا الموسم، بسبب عدم وجود رحلات مباشرة ، و استمرار تعطيل الحركة الجوية نحوها بسبب شبح كورونا.
وبخصوص أسعار الرحلات، فإنها تبقى متفاوتة، كما قال، مع تسجيل زيادات محسوسة، إذ تنطلق تكلفة 10أيام في دبي ابتداء من 18 مليون سنتيم « غرفة مزدوجة» بفندق من أربع نجوم، بينما تكلف ذات الرحلة من 16 مليون إلى 20مليون، « غرفة منفردة» بذات الفندق، و تبدأ الأسعار نحو تركيا لمدة أسبوع واحد،  من 14 مليون سنتيم، للشخص الواحد.
5 بالمئة زيادة في الإقبال على الجزائر كوجهة سياحية
محدثنا قال، بأن الحركية السياحية تعيش مرحلة تذبذب هذه الفترة، كونها تمر بمرحلة تعاف من تبعات الجائحة، و لذلك فإن التركيز كان منصبا أكثر على السياحية الداخلية، مع هذا فإن هناك اهتماما ملحوظا من الأجانب بالجزائر، كوجهة سياحية، حيث عرفت الرحلات المنظمة نحوها نموا يمكن تقديره بحوالي 3 إلى 5 بالمئة، مقارنة بالسنوات الماضية، و تشرف، حسبه، وكالات سياحية عديدة على تأطير رحلات منظمة، أقصاها مدتها 15 يوما لسياح  أمريكيين بريطانيين، يابانيين و غيرهم، نحو عدد من المدن الجزائرية، في الشمال و الجنوب.  وحتى وإن كان هناك اهتمام بالجزائر من قبل الأجانب، فإن أسعار الفنادق الجزائرية، تبقى مرتفعة جدا ولا تزال تفرمل الحركية و تحول دون دفع حقيقي لعجلة السياحة.                    هـ. ط

الرجوع إلى الأعلى