توفر غابة المغامرات بالحديقة المتوسطية بعنابة، لهواة التسلق و القفز، مسارات متنوعة، و مناسبة لمختلف الفئات العمرية، صغارا و كبارا، لممارسة نشاطاتهم الرياضية و الترفيهية و الاستمتاع في نفس الوقت  بالمناظر  الطبيعية   الساحرة،  و لابد أن تشد انتباه الزائر، تلك الحبال التي تربط بين الأشجار بإحكام، على شكل مسارات أو جسور، فيهيأ له بأنه بصدد زيارة موقع  تصوير سلسلة  الأفلام  الشهيرة «سلاحف النينجا»، المليئة بالمغامرات و التحديات.

  روبورتاج: إيناس كبير

من المنتظر أن تغير غابة المغامرات، بوصلة هواة الاستجمام في الشواطئ، عند زيارتهم لعنابة، فلا يكتفون بالبحر و التجول عبر الفضاءات المعروفة، خلال موسم الاصطياف الجاري الذي يبلغ ذروته بين شهري جويلية الجاري و أوت المقبل، و لا بد أن يدرجوها ضمن برنامجهم السياحي خلال موسم الاصطياف  ، خاصة و أنها تقع بالقرب من شاطئ عشير.
النصر زارت الحديقة المتوسطية، في حدود الساعة السادسة و النصف مساء،  و هو موعد التوافد المكثف للزوار، بحثا عن المتعة و الترفيه و الانتعاش، ثم توجهت مباشرة إلى غابة المغامرات التي دشنت و فتحت أبوابها للزوار مؤخرا، فشدت أنظارنا المناظر الطبيعية الجميلة و تلك الجسور المصنوعة من الحبال و الخشب المعلقة دون أعمدة، التي تربط بين الأشجار، و كأننا في موقع تصوير فيلم تدور أحداثه بين أحضان الطبيعة، على غرار سلسلة أفلام «أبطال النينجا»، و لاحظنا إعجاب العائلات بتلك المناظر، و سعادة الأطفال بالتجربة الجديدة التي ابتكرها نادي «فوريست أدفنتر»، الرائد في مجال رياضة القفز الشراعي بجبال الايدوغ بعنابة، فالحديقة تجمع بين الرياضة و الترفيه، و قد برمج المشرفون عليها تحديات ومسابقات رياضية، في التسلق و القفز، متاحة لكل الشرائح العمرية، بمرافقة فريق من المدربين المحترفين و المختصين في المهارات الرياضية.
مغتربون يعربون عن إعجابهم بالمكان
لاحظنا أن أغلب زوار الغابة، فوجئوا بجمال المكان، و طريقة تهيئته الفريدة من نوعها، و شدت انتباههم الحبال المربوطة على شكل  ممرات و جسور، لتجذب هواة المغامرات.
النصر التقت بمغتربين اختاروا قضاء عطلة الصيف في الجزائر، بعد غيابهم عنها لفترة طويلة بسبب جائحة كورونا، خاصة و أن موسم الاصطياف لهذه السنة، يشهد انتعاشا بعد إعادة فتح مختلف مرافق التسلية و الترفيه، التي سبق أن أغلقت بسبب الجائحة، و استقطبتهم الحديقة المتوسطية، التي أعربوا عن إعجابهم بها، مؤكدين بأنها من حيث الأنشطة التي توفرها، و معايير إنشائها، و استخدام الخشب في إنجاز المرافق الملحقة بها، تشبه تلك المعتمدة في سويسرا و مارسيليا.
و اعتبروا المشروع مكسبا لولاية عنابة، لأنه سيساهم في خلق ديناميكية في المدينة، خصوصا من ناحية جذب الزوار من داخل و خارج الوطن، على حد سواء.
مغامرات بين أحضان الطبيعة
وسط مسار غابي تحفُه أشجار الصنوبر الكثيفة من كل الجوانب، ارتفع هتاف الرياضيين الصغار، المجهزين بمعدات التثبيت، أثناء تأهبهم للانطلاق في مغامرتهم الممتعة، عبر سبعة مسارات بألوان مختلفة، حسب درجة صعوبتها و ارتفاعها.
بدأت الرحلة بالتعرف على قانون اللعب، ثم التدرب على كيفية استعمال معدات  و أجهزة التثبيت ضمن مسار قصير، ثم ينطلق المغامر نحو مسارات أخرى،
 و رغم الشعور بالمتعة، لا يفرط المغامرون  في توثيق تلك اللحظات بصور تذكارية وسط الطبيعة، لتتحول الأشجار في تلاحمها، إلى جسور تتيح الاتصال و التواصل مع كل عناصر الغابة.
من بين المسارات الأكثر استخداما بالغابة، المسارات الرياضية التسلقية «الأكروباسية»، و تضم المسار الأخضر، المسار الأزرق المتوسط، و المسار الأحمر الأصعب، و يمكن اجتيازها خلال ساعتين و نصف، و يقدر سعر هذه اللعبة بـ 1200 دج.    
اختار القائمون على المتنزه الحفاظ على الطابع الغابي للحديقة، و اعتمدوا على مواد طبيعية، صديقة للبيئة، في صناعة المعدات و الأجهزة الخاصة باللعب، بدل
استخدام مواد البناء و الاسمنت التي من شأنها أن «تشوه» المناظر الطبيعية، و قد استحسن الزوار المبادرة، لأنهم يبحثون عن فضاءات واسعة، توفر لهم الهدوء و الراحة و الاستمتاع.
قالت السيدة سارة 40 سنة، تنحدر من ولاية عنابة، أن هذا النوع من المشاريع جديد في الولاية، فهو يتميز بالمحافظة على البيئة و إدماج الأطفال و العائلات داخلها، خاصة وأن الولاية تعرف اكتظاظا كبيرا، و سوء استغلال المساحات الخضراء.
و أضافت أنها تشعر بالارتياح، لأن القائمين على المشروع استبعدوا كل من شأنه إزعاج العائلات، موفرين الحماية لأطفالهم.
متابعة و نظام أمني دقيق لحماية الزوار
التقط الآباء صورا تذكارية لأطفالهم، أثناء تسلقهم المسار المعلق، و هم مطمئنون على سلامتهم، لأن فريق متكامل من المدربين كان متواجدا هناك للإشراف على العملية.
أوضح نذير شرفة، المشرف على تسيير المنتزه للنصر، بأن «المعدات المستعملة خاصة بالتسلق، و يتم استخدام الأحزمة في كل شيء». مضيفا بأنه استعان بمتخصصين لتجسيد الأفكار تقنيا، و تعزيز إجراءات السلامة، التي تأتي في المقام الأول.

 كما قام أعضاء نادي»فوريست ادفنتير» بوضع لوحات إرشادية في مدخل المسارات، تتضمن مجموعة من القواعد و التعليمات الخاصة بالحماية و الأمان، لكن لا بد من إتباع إرشادات المدربين، و تطبيق تعليماتهم.
و علقت إحدى الزائرات بهذا الخصوص «نحن كأولياء راضين جدا، خاصة من ناحية توفير الأمن الأمان و تواجد المدربين في المسارات».
تجربة شبانية إبداعية صنعت الفارق
اعتمد مشروع غابة المغامرات، على طاقة شبابية أبرزت تفانيها و إبداعها، من خلال ابتكار أفكار جديدة، في المجال الترفيهي و الرياضي، صنعت التميز بمدينة سياحية، تحتاج إلى فضاءات كبرى للفرجة و النزهة و تكسير  الروتين والرتابة. و أكد نذير، مسير نادي»فوريست ادفنتير»، بأن فريقه مهتم بالمغامرات و الرياضة، منذ سنة 2015 ، و كان في بداياته ينظم رحلات استكشافية، وأنشطة رياضية، على غرار القفز بالمظلات، فقد استطاعوا تحويل هذه الرياضة، إلى وسيلة مهمة للترويج للسياحة بولاية عنابة و بلدية سرايدي، عن طريق جلب هواة القفز من مختلف ولايات الوطن، ثم من مختلف دول العالم، من أجل القفز بالمظلات الشراعية من أعلى جبال «الايذوغ» على ارتفاع 1800 متر، و الهبوط بشاطئ وادي بقراط، من أجل الاستمتاع بمناظر خلابة و نادرة، بمنطقة مفتوحة على اخضرار الأشجار و زرقة البحر، و غروب الشمس.
 و ذكر نذير بأن مشروع غابة المغامرات، راوده هو و بقية أعضاء النادي منذ سنوات، في إطار مواصلة تشجيع الأنشطة الرياضية، والترفيهية في الهواء الطلق و السياحة الجبلية.
و يرى المتحدث بأن أهداف غابة المغامرات، تتجاوز كل ما ذكر، إلى مد جسور تواصل أكبر بين الآباء و أبنائهم، خاصة بعد سيطرة التكنولوجيا على الجلسات العائلية، و الأنشطة اليومية، لهذا اشترطوا أن يرافق أحد الأبوين الطفل عبر المسارات، كما أن هذه الألعاب تزود الطفل بالشجاعة و الطمأنينة لمواصلة نشاطاته.
و خلال حديثنا مع نذير، تدخلت سيدة كانت رفقة أبنائها، لتشيد بإنجازات النادي خاصة و أنه أضفى لمسة سياحية رائعة على ولاية عنابة.
و أثنى من جهته محمد، الذي كان برفقة ابنه، بمعاملة المشرفين على المنتزه للزوار التي أكد أنها جيدة.
و يذكر أن الفضاء الترفيهي القريب من شاطئ عين عشير، يتيح للسياح و زائري المدينة، ممارسة أنشطة مختلفة، على غرار رياضة الجري، المشي، و السباحة، إلى جانب التقاط صور تذكارية، كما يمكنهم من اكتشاف مرافق سياحية أخرى، فالمنطقة تضم محلات للأكل الخفيف، و حظيرة للتسلية و  الألعاب و غيرها.
مرافقة السلطات المحلية للمشروع
أكد مسير غابة المغامرات، بأن المشروع حظي بدعم و تسهيلات السلطات الولائية، بدءا بمصالح الغابات التي قدمت ترخيص الاستثمار في هذا النوع من الأنشطة، ثم مديرية الشباب والرياضة التي سهلت الإجراءات الإدارية في بداية التحضير لإنشاء المتنزه، لأن المشروع يحافظ على خصوصية المنطقة ذات الطابع السياحي، و لا يضر بالغطاء النباتي.
وتجدر الإشارة، إلى أن غابة المغامرات ستدشن بصفة رسمية، خلال الشهر الجاري، من قبل والي ولاية عنابة.
الحديقة المتوسطية تستقطب العائلات
دشنت الحديقة المتوسطية في شهر مارس 2021 ، و تم غلقها في إطار  الإجراءات التي فرضتها جائحة كورونا، و بعد سنوات من الغلق، هاهي تستقطب أعدادا كبيرة من العائلات للاستمتاع بالمناظر الطبيعية التي تزخر بها الحديقة المطلة على الواجهة البحرية، و التي تتوفر على فضاءات  للنزهة  و الراحة و اللعب و الترفيه للأطفال.
و تسير الوكالة الوطنية لتنمية السياحية الحديقة، بالرغم من الصعوبات التي واجهتها في بداية استغلالها، نظرا لشساعتها، حيث تتربع على مساحة  65 هكتارا.
و أوضح المدير الجهوي للوكالة بعنابة، سليم مهناوي ، للنصر، أن مصالحه وضعت خطة للاستثمار التدريجي على مستوى الحديقة، باستغلال مداخيل في تخصيص مساحات قابلة للاستثمار من قبل الخواص، بدءا بفتح أكشاك ومطاعم للأكل الخفيف، ثم استحداث فضاءات لرياضة الهواة، حيث تم استقبال طلبات متعددة للاستثمار.
وبعد دراستها، تم إعداد دفتر شروط و إطلاق مزايدات لاستغلال الفضاءات،  وقد عرف موسم الاصطياف الحالي افتتاح غابة المغامرات، التي أنجزها نادي سرايدي ادفنتير» الذي يهتم بالقفز الشراعي بأعالي «سرايدي»، كما أكد المسؤول.                 إ. ك

الرجوع إلى الأعلى