يعرف الاهتمام بالرعاية الصحية للحيوانات تزايدا منذ الجائحة كما يؤكده بياطرة، قالوا إن المربين صاروا أكثر وعيا بضرورة متابعة حيواناتهم الأليفة و خصوصا القطط، وذلك لتجنب إصابتها بأمراض قد تتحول إلى أوبئة سريعة الانتشار، على اعتبار أن شعر وجلد الحيوانات بيئة سريعة التأثر، مؤكدا أن نمط العناية بها تغير كثيرا،
 إذ بات المربون أكثر حرصا على طبيعة التغذية و برنامج التطعيم و نظافة وصحة الحيوان.

ربورتاج / أسماء بوقرن

ويأتي هذا الوعي كنتيجة للهزة القوية التي أحدثتها جائحة كورونا، والتي نبهت للأخطار التي قد تنجر عن الاحتكاك المباشر بالحيوان خصوصا في حال عدم تطعيمه، كما لعبت صفحات التوعية
والتلقين التي يديرها بياطرة دورا مهما في توجيه مربي القطط على وجه التحديد باعتبارهم الفئة الأكثر تفاعلا.
أظهرت حسابات شخصية ومجموعات افتراضية لمحبي القطط، تغيرا في طرق العناية التقليدية بهذه الحيوانات، التي تعتمد على بقايا طعام البيت ونادرا ما تخضع للتطعيم، فمن خلال متابعتنا للتفاعل والتعليقات والمنشورات، اتضح بأن هناك تحولا كبيرا في ثقافة العناية بالحيوانات وهو ما قادنا إلى زيارة عدد من محلات بيع لوازم القطط بقسنطينة إلى جانب التواصل مع أصحاب عيادات بيطرية لتحديد طبيعة هذا التحول وأهميته في ترقية الجانب الصحي للإنسان.


التقينا خلال جولتنا بمربي قطط قالوا، إن صحة حيواناتهم مهمة جدا بالنسبة لهم، لأنها تنعكس على صحتهم وصحة أبنائهم، فيما اعتبر آخرون أن للأمر علاقة بالضمير فتربية حيوان تفرض ضرورة العناية به، فيما يعشق آخرون قططهم لدرجة معاملتها كالأبناء، وهو ما أكدته سيدة قابلناها في عيادة البيطري الدكتور حسان بن حجيرة، بالمدينة الجديدة علي منجلي، قالت إنها قدمت لزيارة قطها الذي خضع قبل يوم لعملية جراحية واضطرت لتركه في العيادة لأجل متابعة حالته.
«الأنغورا» و «سياموا» السلالة المفضلة لدى الفتيات
جمعتنا دردشة مع أشخاص آخرين في العيادة غالبيتهم مربو قطط، وقد بدا من خلال حماسهم في الحديث، أن القط ليس مجرد حيوان بالنسبة لهم، بل هو أقرب إلى فرد من العائلة، حيث كانوا سعداء وهم يصفون طباع قططهم و يذكرون أسماءها، قبل أن تنخفض نبرة الصوت وتصبح قلقة أو حزينة عندما ينتقلون لتفسير سبب زيارة البيطري و حالة القط.
تبين أن أكثر القطط شهرة هي  «سياموا» و«الأنغورا»، و شمل النقاش حديثا عن الأخطاء العلاجية السائدة خاصة عند التعرض لحوادث منزلية و كيفية تقديم العلاج الفوري للحيوان، وقالت سيدة إن قطتها سقطت من الشرفة وتعرضت لكسور، ما اضطرها لاصطحابها إلى الطبيب موضحة، بأنها أتت لأجل تجديد العلاج و التأكد من مواعيد الدواء، قطعت حديثها شابة كانت تحمل قطا من سلالة «أنغورا» محذرة من العلاج المنزلي الذي قد يودي بحياة الحيوان، موضحة بأنها أحضرت قطها لأخذ جرعة دواء رفض  تناولها في البيت، وأنه أجرى عملية جراحية لاستئصال الجهاز التناسلي، مشيرة إلى أنه قط منزلي ولد في بيت عائلتها و يعامل كفرد من العائلة لذلك لا تدخر مالا أو جهدا للعناية به بدءا بتوفير طعامه الخاص « فريسكيز»، و شامبو لتحميمه و سلة قطط لأجل راحته وصندوق خاص لنقله بكل راحة.
وقد أخبرتنا كذلك، بأنها تتابع صفحات بياطرة  على مواقع التواصل الاجتماعي لتعرف أكثر عن صحة القطط، كما تعتمد على الإنترنت لتنمية معرفتها بكل ما يخصهم، وترى بأن الرعاية الصحية حتمية لابد منها لحماية صحة القط وصاحبه معا.
رفيق وفي وأنيس
في اللحظات الصعبة
حب القطط بدا واضحا على أميمة بنت 16، الذي قدمت رفقة والدتها وقطها البالغ من العمر ثلاث سنوات، حيث كانت تلاعبه وتقبله بين الحين والآخر، بينما كان هادئا يختبئ في حضنها، ووصفت علاقتها به بالاستثنائية، حيث تكفلت برعايته منذ ولادته، حينها اكتشفت مدى حبها للقطط، تقول بأن قطها يبادلها نفس الحب، حيث تستأنس به خاصة في الفترات الصعبة وتعتبره رفيقها الوفي وأنيسها في البيت.
أما والدتها فلم تنكر أنها تعتبره كفرد من أفراد العائلة ورعايتها له لا تختلف عن اهتمامها بأبنائها، حيث تخصص له وقتا للنظافة و الأكل كما أن تعلقها به وحبها له جعلها تتابع فيديوهات تربية القطط لتضمن له رعاية خاصة، وقد نشأت بينهما لغة مشتركة حيث يفهمها حين تخاطبه، كما تفهم هي ما يريده من خلال موائه و الإشارات  التي يقوم بها، فيما لا تتوانى عن متابعة وضعه الصحي، والحرص على تطعيمه في الموعد المحدد، مع تخصيص ميزانية لطعامه المفضل «الكروكات»، والمعلبات فضلا عن الدجاج والحليب.   
من جهتها، قالت سيدة في 41 من العمر، التقيناها بمحل لبيع أغذية ولوازم القطط والعصافير بشارع العربي بن مهيدي، بأن الرعاية الصحية و اتباع نظام غذائي خاص ضرورة لابد منها، حيث تخصص 2500 دينار  شهريا للطعام، وتشتري غسول الاستحمام بقيمة 1600 دينار، مردفة بأن قطها من سلاسة أنغورا، ويفضل تناول منتوجات «فريسكيز».
مردفة، بأن قصتها مع تربية القطط بدأت بالصدفة، فهي لم تكن تحبها سابقا، إلى أن قام أحد جيرانها بتربية قط كان دائم التردد على بيتها، حينها شعرت بنوع من العطف تجاهه، وعندما أحضر رفيقته القطة لتلد في بيت صاحبه، وجدت نفسها تتبنى قطا صغيرا حديث الولادة، صار يشكل كل عالمها وهو اليوم رفيقها الوفي وعمره سنة كاملة، لكن المسكين تعرض لكسر قبل مدة وقد أجرى جراحة وهو في فترة نقاهة ويحتاج تغذية جيدة.


تتنقل بين سكيكدة وقسنطينة لعلاج
قط متشرد
الالتزام برعاية الحيوانات وتحديدا القطط، دفع فتيات للقدوم من ولايات مجاورة لزيارة البيطري، علما أن بينهن من يتطوعن لعلاج قطط مشردة مصابة، كما تقوم به رشا، شابة عشرينية قابلنها في عيادة بن حجيرة، قالت إنها لم تكن من هواة تربية القطط ولم يسبق وأن اعتنت أو قامت بتربية قطة، لكنها صادفت قبل شهر تقريبا بحديقة بوسط مدينة سكيكدة قطا كان يعاني من ورم كبير على مستوى العين أفقده الرؤية، فقررت أن تتكفل بعلاجه من باب الإنسانية، و بعد إجراء بحث على فيسبوك عن بياطرة سبق وأن تكفلوا بحالات مماثلة، وجدت صفحة خاصة ببيطري في قسنطينة، عرضت عليه  صور الحالة وأبدى استعداده لعلاجها. أحضرت الشابة القط إلى العيادة أين خضع لعملية استئصال الورم  ومكث لأيام وقد قابلناها في  يوم زيارتها له، أين أوضحت بأنها لا تنوي الاحتفاظ به بل ستعيده للمكان الذي كان يعيش فيه لكنها ستظل ترعاه. وحسب الدكتور بن حجيرة، فإنها ليست الإنسانة الوحيدة التي تفعل ذلك  بل إنه يستقبل مواطنين من ولايات عديدة يتطوعون لعلاج حيوانات مريضة مشردة.
استشارات طبية عن بعد للعلاج الفوري
كانت الأجواء داخل العيادة تظهر مدى الاهتمام بالرعاية الصحية للقطط من الجنسين، وقد أوضح البيطري حسان بن حجيرة، بأن ثقافة الطب البيطري كانت ضعيفة حتى لدى مربي الحيوانات المنتجة، لكن مع تغير الذهنيات وتطور الثقافات و تأثيرات الجائحة، أصبح هناك نوع من الاهتمام، بالحيوانات الأليفة التي تعد أنيسا ورفيقا، فصار الناس يولون عناية كبيرة لقططهم، خصوصا وأن هناك من يفضلون السلالات النقية التي يصل سعر القط منها إلى 10 ملايين سنتيم، ويخصصون لها دفترا علاجيا وميزانية شهرية  للمتابعة الطبية تتراوح بين 1500 دينار و 5 آلاف دينار.
وأشار، إلى أن الرعاية الصحية لم تكن غائبة وإنما محدودة نوعا ما، لكن الخوف من الأوبئة بعد تجربة كوفيد19 ضاعفها، فالأزمة الوبائية نبهت إلى خطورة الأمراض التي تنتشر عن طريق الحيوانات وزادت الوعي بضرورة التطعيم، لدرجة أن جرعات اللقاح التي يوفرها في عيادتها لا تكفي لتلبية الطلب أحيانا، موضحا بأن التلقيح عند القطط يبدأ من شهرين وينتهي بانتهاء العمر، يقدم أول لقاح بعد شهرين من الولادة، ثم يليه آخر في الشهر الثالث وبعدها يصبح الموعد سنويا، مردفا بأنه يتابع قططا منذ 11 سنة، وأكبر قط لا يزال يتردد على عيادته هو «أوسكار» وسنه 21 سنة، علما أن معدل عمر القطط يقدر بـ  12 إلى 13سنة.
ويرى البيطري بن حجيرة، بأن ثقافة التطعيم صارت منتشرة، حيث يلاحظ انضباطا في المواعيد، أما بخصوص أسعار خدماته، فقال بأن  لقاح الصغار يكلف ألف دينار، ويؤخذ مرة سنويا، أما لقاح  الكوليرا والتيفيس و الكاليسيفيروز، فيقدر بـألفي دينار ويؤخذ مرة سنويا، كما يجري البيطري عمليات جراحية بشكل دوري تختلف تكلفتها بحسب الحالة.
وقد أوضح، بأن تطور الأجهزة الطبية كجهاز التصوير بالأشعة الرقمية وتحسن مستوى الأطباء البياطرة، مكنا من اكتشاف أمراض عديدة  مردفا بأن الحيوانات الأليفة كانت تفارق الحياة بسبب غياب العلاج، لكن حاليا هناك  وعي بنوعية الأمراض وطبيعة الأعراض، ما مكن من علاج حالات مستعصية منها حالة تتمثل في
«انعكاس المستقيم»، موضحا بأنه يستعمل مختلف الوسائل الطبية بما فيها تحاليل الدم، حيث يجري جزءا منها على مستوى عيادته وأخرى عبارة عن تحاليل مشتركة، إذ يقوم بإرسال عينات لمخابر طبية لتحديد المشكل.

الرجوع إلى الأعلى