تعرف البلوزة الوهرانية في السنوات  القليلة الأخيرة رواجا، ولم يعد ارتداؤها مقتصرا على نساء الغرب فقط بل باتت قطعة أساسية في جهاز العروس القسنطينة و نساء الوسط و الشمال عموما، ويأتي هذا الاهتمام بها نتيجة لحملات واسعة للترويج لها و حمايتها من السرقة التي تتعرض لها، بعدما تحولت فجأة إلى  « بلوزة وجدية «، وأخرجت من خزانة التراث المادي الجزائري لتدخل إلى خزائن الغير.
فنانات بينهن الشابة الزهوانية و دليلة منال حدلي و ياسمين عماري و مذيعات على غرار نوال قاضي ومنى لعواد و مصممو أزياء من أمثال سهام بن عامر و كريم أخروف وشوقي توازي، كثفوا نشاطهم على مواقع التواصل، بمعية صفحات كبرى للدفاع عن هذا الموروث التقليدي و إعادة تقديمه بصورة مختلفة مع تطوير التصميم و عصرنتها لتناسب كل الأذواق، وهو ما ساهم في الترويج كثيرا للبلوزة الوهرانية و نسبها مجددا إلى أهلها باعتبارها لباسا جزائريا خالصا، يرتبط بعدد من مدن الغرب على غرار وهران و سيدي بلعباس و مستغانم، و يعبر عن ثراء و تنوع التراث الجزائري.
تزايد في الإقبال رغم غلاء الأسعار
 في قسنطينة، دخلت هذه القطعة بقوة إلى الأعراس و أصبحت من ضروريات « تصديرة العروس»، وذلك بحسب ما تعكسه المعاينة الميدانية، و تؤكده واجهات المحلات، ويرجع  الإقبال الكبير عليها حسب عدد من التجار، إلى  مصمميها الذين نجحوا في عصرنتها لتتماشى مع الموضة.
و تحرص العروس حسبهم، على إظهار جمالها وأناقتها يوم زفافها، مستعرضة «تصديرتها» المتكونة من تشكيلة متنوعة من الفساتين التراثية المستوحاة من ثقافة كل منطقة جزائرية.
وتنتمي «البلوزة الوهرانية» إلى ثقافة وتقاليد عروس المتوسط، وهي عبارة عن فستان طويل من قماش حريري بأكمام قصيرة، يتم تزيينه بصدرية جاذبة من الخرز و الكريستال.  وقد لاحظنا في عدد من محلات بيع الألبسة التقليدية بوسط مدينة قسنطينة، أن هذا اللباس حاضر بقوة وينافس القطيفة و الكاراكو، حيث يعرض بتشكيلات عصرية  وألوان مختلفة ، و شدنا اهتمام الزبونات به خلافا لباقي القطع و الأزياء الأخرى، وعند حديثنا إلى بعضهن قلن، بأن البلوزة تعتبر موضة الموسم بامتياز  بناء على اختيارات الفنانات و نجمات «السوشل ميديا».
وتختلف أسعار البلوزة الوهرانية، من نوع إلى آخر حسب نوعية القماش و كذا  كمية الأحجار شبه الكريمة التي تحتوي عليها، و يتراوح سعرها من مليوني سنتيم إلى 6 ملايين سنتيم، وقد تصل إلى 50 مليون حسب ما أكده لنا أحد التجار، وذلك في حال صممت من الحرير الخالص و احتوت على أحجار كريمة حقيقة.  
ومن بين التصاميم الرائجة حاليا في السوق، نجد البلوزة المصنوعة من «القطعة»  وتعرف بهذه التسمية لأنها تعتمد أساسا على قطع  منفصلة من قماش «التول» يتم تثبيتها على خامة فخمة تفصل منها البلوزة، أما تزيينها فيكون بحجارة أو بخرز مستورد من الصين والهند ويصل سعر المتر الواحد من شريط الخرز أو الحجارة إلى 18 ألف دينار فما أكثر، وذلك حسب  النوعية و الكمية.
مواقع التواصل لمعت واجهتها
وعن اعتمادها كقطعة أساسية في تصديرة العروس أكدت لنا شابة مقبلة على الزواج،  قابلناها في محل بشارع العربي بن مهيدي، أنها لم تكن تفكر يوما في هذا الزي و لم تكن تعرفه من الأساس، لكنها اكتشفت جماله بفضل مواقع التواصل، خصوصا بعد الضجة التي أثيرت عقب محاولات سرقته و نسبه إلى الجيران تحت مسمى « البلوزة الوجدية»، وقد تابعت كما قالت، ذلك السجال على أنستغرام و فيسبوك، بعدما شارك فيه المشاهير بما في ذلك الفنانات و المؤثرات، وهكذا أحبت  اللباس و باتت تتابع آخر تصاميمه خصوصا ما ينشره المصمم «شوقي توازي» عبر حسابه على أنستغرام.
وقالت شابتان قابلناهما بشارع 19 جوان، في محل لبيع الملابس التقليدية، بأن البلوزة الوهرانية، هي أكثر زي رائج منذ سنتين، وأن ذلك راجع على عصرنة تصاميمه واعتماد النجمات له خلال إطلالاتهن التي تمتزج فيها الأصالة بالحداثة.
وقال البائع في ذات المحل، أن أغلب القطع التي تباع هي تصاميم يتم جلبها من محلات وهران، مضيفا     أنه مهما كانت هناك ورشات محلية لتفصيلها و خياطتها، إلا أنها لا تقدم منتجا بجودة القطع المصنوعة بأيادي أبناء المنطقة، كما هو الحال بالنسبة  للقندورة القسنطينية حسبه، و التي لا يستطيع أحد التفنن فيها كما يفعل حرفيو المدينة.
وأضاف، أنه وبفضل وسائل التواصل الاجتماعي تمكن من الترويج للبلوزة الوهرانية، التي لم تعد حكرا فقط على نساء الغرب، بل صارت مطلوبة من 58 ولاية  وغالبية الزبونات يقبلن على المحل خصيصا من  أجل اقتنائها كما قال.
 وللمحافظة على هذه القطع التي تعد من الموروث الثقافي، أكد محدثنا، أنه يجب التباهي  بالبلوزة الوهرانية  في شتى المناسبات والعمل على  تطوير  وتنويع طريقة تفصيلها بما تتناسب مع كل الأذواق لكي تكون ذات شكل شبابي وعصري.  
 لينة دلول

الرجوع إلى الأعلى