يعشق جزائريون تربية الكلاب، و يحب كثيرون امتلاك هذا الحيوان ليكون مرافقا لهم وأنيسا في أحيان و حارسا في أحيان أخرى، لكن حب البعض للكلاب مختلف جدا وقد يكلف أكثر من 300 مليون سنتيم، خاصة إذا كان الكلب من فصيلة جيدة و نقية، أو كان مهجنا من سلالتين مختلفتين و جيدتين، أما تكاليف تربيته فلا تقل بالعموم عن 30 ألف دج.

رميساء جبيل

تعرف موضة تربية السلالات النقية للكلاب، تزايدا وهو ما شجع شبابا على امتهان تربيتها و تهجينها و بيعها، إذ ينشط هؤلاء بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي و بالأخص فيسبوك، و تحظى صفحاتهم بمتابعة و تفاعل كبيرين، خاصة و أنهم ينشرون من خلالها صور الكلاب و فيديوهات تبين ذكائها و تدريبها.
يعشقون « المالينوا»  و « الراعي الألماني»
حسب أحمد، وهو مدرب كلاب منذ سنة 2002، فإن أكثر الأنواع طلبا و اهتماما هي « روت وايلر» و        « مالينوا» و « الراعي الألماني» و» دوجو أرجونتينو» الذي يعتبر إلى جانب « الراعي البلجيكي» من أحب السلالات للكثيرين، وقال محدثنا، بأنه يمارس تربية و تدريب الكلاب كهواية، لأنه واحد من عشاقها في الأساس حيث يملك كلبا خاصا من نوع « مالينوا» يعتمد عليه في حراسة منزله.
 وعن مصدر الكلاب الموجهة للتجارة، قال بأن بعضها قادم من تونس كبوابة عبور، وبعضها الأخر يتم إحضاره من أوروبا، ويتعلق الأمر بأفضل السلالات و أكثرها غلاء، موضحا أن من يحضرون هذه الكلاب هم مغتربون يملكون جوازات سفر لكلابهم و بطاقات تقنية تبين أصول الكلب و فصيلته و تضم معلومات أخرى عنه مثل تاريخ ميلاده وبرنامج تلقيحه.
و قال، بأنه مارس تجارة الكلاب لمدة ثم توقف و قد كان يشرف بنفسه على تربيتها حين ذاك، فيما يفضل الكثيرون الاعتماد في هذه المهمة على مربين متخصصين، يتابعون الكلب لمدة شهر كامل ليعلموه مهارات معينة، وهي خدمة تكلف من 20 ألف دج إلى 30 ألف دينار عن كل حيوان.
وذكر، بأن تربية كلب من فصيلة جيدة أمر مكلف و يتطلب استعدادا فعليا للإنفاق عليه،  خاصة وأن صحته تعتمد بشكل كبير على نوعية تغذيته، فالجرو الصغير ذو الشهرين، يتناول ثلاث وجبات في اليوم حسب وزنه ثم يقوم المربي بإنقاص عدد الوجبات تدريجيا إلى أن يصل إلى وجبة واحدة في اليوم، تقدم للكلب إما صباحا أو في المساء، مع مراعاة تلقيحه عند البيطري، حيث يلقح في المرة الأولى ضد مرض « البارفو»، عندما يبلغ شهرين من العمر، و في المرة الثانية  يلقح الحيوان وهو في عمر الأربعة أشهر، ثم يلقح مجددا بعدما يبلغ سنة.
أشبه بسوق للسيارات
وشبه المتحدث، سوق الكلاب بسوق السيارات، قائلا إن سعر « المالينوا» ينطلق من 20ألف إلى 70ألف دج علما أن هناك نوعا آخر من ذات الفصيلة لا يقل سعره عن 70ألف إلى 150ألف دج، والفارق في السعر يتحدد هنا بحسب درجة نقاوة الدم و السلالة كما عبر.
وأضاف، بأن هناك كلابا مكلفة جدا، تعادل أسعارها قيمة سيارة فاخرة، و أنه كان شاهدا على عملية بيع لكلب من نوع « الراعي الألماني»، وصل سعره إلى 300 مليون سنتيم.
 وتبقى أكثر الأنواع طلبا في الجزائر هي « المالينوا» و» الروت وايلر» و « الراعي الألماني» و ذلك لأنها تستعمل بالأساس لغرض الحراسة، أما بالنسبة لكلاب   « الهاسكي» فهي حديثة العهد في بلادنا، و يقتنيها القليلون فقط، و هم في العموم من يحبون تربيتها كأنيس.
وأضاف خالد ابن ولاية سطيف، وهو مربي كلاب عمره 24  سنة، بأنه كان مهتما في البداية بالفصائل العادية، لكنه قرر قبل ست سنوات تقريبا، التوجه نحو اقتناء وتربية وتدريب السلالات الشهيرة و النقية بعدما لاحظ تزايد الاهتمام بها من قبل جزائريين، حيث اشترى كلبا من نوع   « روت فايلر» و باعه ثم اقتنى بعد ذلك تباعا سلالات أخرى على غرار « الراعي الألماني» و» البوكسور» و « كاني كوسو» و» الراعي البلجيكي» و»المالينوا»، وكان يشتريها من عند أصدقاء له من العاصمة و سطيف الولاية التي تعتبر أهم وأشهر سوق للكلاب في الجزائر.
أنقى سلالة جزائرية
محدثنا أوضح، بأننا في الجزائر لا نملك سلالات جيدة من الكلاب مثل السلالات الأوروبية، ولذلك يتم إحضار الحيوانات النقية من ألمانيا وبلجيكا، وأنه توجد سلالة جزائرية واحدة نقية و جيدة، هي «الراعي الأطلسي» لكنها ليست منتشرة ولا مشهورة بكثرة، و يعرف هذا الكلب حسبه، بكثافة شعره ومزيج لونيه الأبيض والأسود.
وحسب خالد، فإنه توجد منظمة وحيدة على مستوى الجزائر تعنى بتوثيق كلاب « الراعي الألماني» ومقرها الحراش بالعاصمة، وهي منظمة تمكن مالك الكلب من استخراج شهادة لأصول الحيوان في حال تعدى عمره 12 شهرا مع تحديد كل التفاصيل المتعلقة به، بما في ذلك حجمه وشكل فمه ولسانه وأسنانه.
أما بالنسبة لبقية الكلاب، فإن عملية تسجيلها غير ممكنة لعدم وجود جهات تعنى بها، ولذلك يتم تسجيلها في الدولة الأم، ويكون تسجيل الكلب « القوقازي» في ليبيا وتونس، باعتبارهما أهم بوابتين لدخوله إلى الجزائر.
كلاب ذكية وأخرى عنيدة
و ينصح خالد، الراغبين في دخول مجال تربية الكلاب بالاعتماد أولا على كلبي «مالينوا» و «الراعي الألماني» نظرا لنسبة ذكائهما العالية حيث علق قائلا  «معروف عن كلب المالينوا مثلا، ذكائه الخارق وقدرته على تعلم العديد من المهارات، و لذلك فإن التواصل معه سهل و بسيط مثل التواصل مع البشر، نظرا لسرعة فهمه وإحساسه الكبير بمالكه، أما الكلاب الأخرى من سلالات «روت فايلر» و «كاني كورسو» و «دوجو أرجنتينو» فهي عنيدة وطباعها حادة جدا، ولا يستطيع أي شخص التعامل معها بسهولة، لأنها تفرض نفسها وشخصيتها على مرافقها.
أخبرنا محدثنا، بأنه يعتمد في تغذية الكلاب على نظام معين، فمن شهر إلى شهرين يرضع الكلب من حليب أمه، وبعد تجاوز هذه الفترة يمنحه الحليب و الأرز والبيض، وبعد ثلاثة أشهر ونصف يضيف إلى وجبته بودرة العجل لتقوية عظامه و تغذيتها بالكالسيوم.
 ويتناول الكلب بعمر شهرين إلى 4 أشهر، أربع وجبات في اليوم، ومن 4 إلى 7 أو 8 أشهر، يتناول وجبتين فقط، ثم تقدم إليه وجبة واحدة في اليوم بعد تجاوزه لهذا السن، علما أن الفترة الليلية أفضل لإطعام الحيوان حتى ينام جيدا و لا يتم إغرائه من طرف غرباء بالطعام.
وأضاف، أنه يعتمد في تربية كلابه على التعلم من النصائح التي يقدمها الأمريكي «سير ميلان» عبر قناته على يوتيوب، حتى يستطيع تربية وتدريب كلابه لوحده منذ صغرها لتكون جاهزة بالكامل في سن 7 أشهر.
هذا سعر  جرو صغير
قال خالد، إن جرو المالينوا يباع بأسعار تبدأ من 10آلاف دج إلى 40 ألف دج، أما سعر كلب الراعي فيتراوح بين 25 ألف دج إلى 60 ألف دج، وتكلف  جراء الروت وايلر و الكاني دوغ،  حوالي 40 ألف دج، ويتعلق الأمر بالجراء الصغيرة جدا التي لم يتم تعليمها أو تدريبها بعد، وكلما زاد عمر الكلب وكان مدربا كلما زاد سعره، إلى جانب النظر إلى شكله وحجمه وأصوله.
و هناك طرق معينة للعناية بالكلاب و تربيتها و تدريبها بشكل جيد، فعلى المربي أن يكون علاقة جيدة مع كلبه دون الصراخ عليه أو ضربه، حتى لا يضعف شخصيته و هي مهمة صعبة نوعا ما على الأشخاص العصبيين كما قال.
من جانبه، أضاف المربي حسين خلفي صاحب 26سنة  والذي ينحدر أيضا من ولاية سطيف،  بأن التعامل مع كلاب « المالينوا» و « البارجي» و» الروت وايرز» و» أكيطا» و» دوجو أرجنتينو» يختلف كثيرا، لكن تربيتها وتدريبها ليس صعبا جدا، بل ممتعا خاصة بالنسبة لمن يعشقون هذا الحيوان، وهي خلاصة وصل إليها بعد خبرة في المجال عمرها سنوات.
كلاب ترفض التزاوج خارج بلدها الأم !
قال المتحدث، إنه يتعين على مربي الكلاب أن يدركوا بأنه لا يمكن لكل أنواع الكلاب الأجنبية التزاوج في الجزائر، و مشاركة دمها وسلالتها، في حين  أن هناك أنواعا تفعل ذلك في مدة أسبوع واحد فقط، إذا توفرت أنثى من نفس الفصيلة، والأحسن حسبه هو الالتزام بنقاء السلالة حتى لا تختلط الدماء.
ويكون التفريق بين النوعية الجيدة والغير جيدة من الكلاب، من خلال الشعر و الطول و الذكاء،  ومدى تجاوب الكلب مع كلام البشر وهل هو سهل في التعامل إلى جانب قناع الوجه وطول الأذنين و الرقبة و الذيل كما يسهل التعرف على أصالة المالينوا أو الراعي الألماني تحديدا، من أصابع رجل الحيوان، فوجود إصبع آخر دلالة على عدم نقاوة دمه وأنه من سلالة هجينة.
وأضاف، أن هذه الكلاب هي الأفضل على الإطلاق من حيث سهولة تربيتها بحكم ذكائها وفهمها الجيد للإنسان إلى جانب خفة حركتها وقدرتها على اللعب، ولهذا ينصح بعدم ربطها وتركها حرة بشكل دائم مع إخراجها من المنزل وتركها تجري، حتى تتحرر من شحنات الطاقة الزائدة، لأنها في الأصل كلاب حركية.
 و تضم كلاب المالينوا حسب المتحدث، أنواعا مختلفة منها « الأزرق الميكسيكاني و الشاربوني والكلاسيكي» و النوع الأخير هو الأصلي و يتميز بلون جسمه البني ومقدمة وجهه السوداء،  وهو الأغلى ثمنا من بين أنواع المالينوا الأخرى.
وتأتي في المرتبة الثانية كلاب «البارجي» أو الراعي البلجيكي، لكنها تتميز بثقلها بعض الشيء، ويكون  التعرف على النوعية الجيدة من خلال ذيل الكلب الذي يصل إلى الأرض، أما النوع غير الجيد فيعرف بالتصاق قدميه الخلفيتين وهذا يعد عيبا يؤدي إلى إنقاص سعره.  
خطر عدوى « البارفو»
ويؤكد مربو الكلاب، بأنه يجب مراعاة عدم إخراج الجرو من البيت حتى يتجاوز 40 يوما، لحمايته من عدوى مرض «البارفو» الذي يقتل 90 بالمائة من الكلاب، ويمكن نقل الكلب إلى البيطري بعد تجازه لهذا السن لأجل تلقيحه، علما أنه يتوجب على المربي تكرار العملية مرارا لتحصين الحيوان ضد الفيروس، وذلك إلى أن يبغ عمر السنة، حينها يتم تسجيله، و تدوين اسم المالك واسم الجرو مع وضع صورته على الكتيب، و ضبط برنامج التلقيح و تحديد جميع مواصفات.
ويقول المتحدث، إنه الجرو يعتمد على حليب أمه خلال أول أربعين يوما من عمره، وفي حال أنجبت الأم كثيرا من الجراء، يساعدها المربي بتغذية الجراء بأنواع أخرى من الحليب، مع مراعاة تعريض الحيوان لأشعة الشمس، أما مرحلة التدريب فتبدأ  لاحقا بتلقين الكلب مهارات معينة تعرف بـ « 4 ك» و» 8 ك» و « 12 ك».
وحسب المدرب، فإن تجاوب الكلب مع التدريبات يكون مرتبطا بدرجة ذكائه، فالمالينوا مثلا سهل و يستطيع تخزين 2000 كلمة، وهناك زبائن يفضلون اقتناء الجراء وهي صغيرة لتربيتها بمفردهم، كما حذر المتحدث من مزاوجة الكلاب الشقيقة،  لأن ذلك سيؤثر على نقاء السلالة والدم، مضيفا، بأن السلالات الموجودة في الجزائر أفضل بكثير من النوعيات المتواجدة في الدول العربية و إفريقيا ككل.
وأوضح، أنه ورغم جمال كلاب الهاسكي، إلا أن الطلب عليها تراجع مقارنة بالسنوات الماضية، نظرا لاختلاط السلالات، الأمر الذي أدى إلى انخفاض أسعارها  مشيرا إلى أن نوعية الكلب تحدد هنا، انطلاقا من  لون عينيه وحجمه ومدى ذكائه، مع ذلك يبقى الهاسكي حيوانا للبريستيج فقط كما عبر.
مأكولات مستوردة لإطعام الكلاب
أخبرنا صاحب محل لبيع طعام ومستلزمات تربية الكلاب، بالمدينة الجديدة علي منجلي، أن هناك طلبا على «الكروكيت» المحلية والمستوردة في آن واحد لإطعام الكلاب، فهناك من يعتمدون على المنتجات المحلية التي تباع بسعر يتراوح بين 500 دج إلى 700 دج للكيلوغرام الواحد، وهناك من يفضلون المنتج المستورد الذي يكلف من 900دج إلى 1200دج  للكيلوغرام، إلى جانب شراء المعلبات التي تضاف إلى الأكل المطبوخ كالأرز و المعكرونة، وهي أيضا نوعان محلية الصنع و مستوردة، وتتراوح أسعارها بين 170دج إلى 650 دينار، كما يشتري المربون المعكرونة الخاصة بالكلاب كذلك.
وفي محل آخر بقسنطينة، وجدنا أن الكروكيت المستوردة تباع بسعر يتراوح بين 600 إلى 1700 دينار للكيلوغرام الواحد، و يباع المنتوج الفرنسي الذي يكون في شكل مربعات صغيرة ملونة بـسعر 1350 دينارا، أما الكروكيت الإيطالية والتي تكون عبارة عن حبيبات بنية فتباع بسعر 750 دينارا، ويقول البائع إن الأسعار غير ثابتة و تختلف باختلاف البلد المصنع وكذا نوعية المنتج.
 وأكد، أن المنتوجات المستوردة باهضة الثمن مقارنة بالمصنوعة محليا،  إذ يكلف طعام الكلب شهريا إلى جانب مصاريف أخرى تشمل الفيتامينات و ألعاب التدريب و وسائل الحماية والعناية ما يقارب 20ألف إلى 30ألف دج.
شامبوهات ومعطرات لتدلل كلبك
و يقترح المحل على زبائنه  مستلزمات عديدة مثل الحزام والطوق و السلسة و هي أدوات تختلف أسعارها باختلاف نوع الكلب وحجمه، إلى جانب أشياء خاصة بالتدريب كالكرات المطاطية، وهناك أيضا كمامة جلدية توضع على فم الكلب في حال إخراجه إلى الشارع  و توجد منها عدة أنواع بعضها مغطى بصفائح معدنية وهي مخصصة لأشرس الفصائل وأقواها على غرار «الروت وايلر».
و تعرض المحلات أيضا، شامبوهات محلية ومستوردة تتراوح أسعارها بين  350 دج إلى  800 دينار، وكذا معطرات و» بيوتا بلاستيكية» لنقل الحيوانات في السيارات، حيث تباع أنواع من هذه البيوت مقابل أسعار تتراوح بين 6000 دج إلى 30 ألف دينار إلى جانب توفر بيوت للحدائق تختلف أسعارها باختلاف النوعية.

الرجوع إلى الأعلى