«ياو عليكم»، «موت واقف» و  «بابور المقروط» مشاهد خالدة حفرت في عمق ذاكرة الجزائريين
استطاعت السينما الثورية الجزائرية من خلال أفلام خالدة، كـ»دورية نحو الشرق»، «أبناء نوفمبر» ،»معركة الجزائر» و «الأفيون و العصا»، أن تنقل صوت و صورة  الثورة التحريرية المجيدة إلى أجيال من أبناء الاستقلال، الذين ارتبطت صورة الجزائري الثائر عندهم بمشاهد قوية حققت النجاح وظلت راسخة في الأذهان، كتلك الصرخة الأوراسية الشماء  « ياو عليكم القالمة».
« علي موت واقف» صورة الجزائري الحر
 مشاهد نجحت في نقل روح الثورة إلى جزائريي الاستقلال من خلال حوارات أوصلت بصدق مشاعرها مفهوم النضال، و معاناة الشعب المغلوب على أمره، و لشدة عفويتها و تجسيدها للواقع بحذافيره، ظلت راسخة في ذاكرة كل جزائري شاهد ولو لمرة واحدة أحد أفلام، محمد لخضر حامينا أو أحمد راشدي، أو عمار العسكري أو مصطفى بديع.
 استطلاع بسيط، شمل مجموعة من الجزائريين من مختلف الأعمار، أظهر ارتباط صورة الثورة التحريرية و أحداثها لديهم بمشاهد من السينما الثورية، فرغم  مرور سنوات طويلة على إخراج مصطفى بديع لرائعته «العفيون و العصا» سنة1969، لا تزال صرخة « علي موت واقف»، للممثلة التي تقمصت دور والدة الفنان سيد علي كويرات في الفيلم، أثناء مشهد شنقه  وهو يبتسم، تعد تجسيدا لصورة الجزائري الحر في ذاكرة من شاهدوا العمل، صرخة دخلت قاموس الجزائريين و أصبحت تستعمل كتعبير عن الصلابة و الشهامة و الصبر.
مشاهد أخرى من الفيلم كانت بنفس القوة ،و صمدت في الذاكرة الشعبية للجزائريين، كمشهد الأم وهي تنعي ابنها الشهيد فتردد ناحبة « يا بني يا بني».
وهناك  مشهد آخر صنع أيضا الفرق و هو رفض الفنان سيد علي كويرات مشاركة جندي فرنسي تناول علبة « لحم البقر» المصبر، خوفا من أن يكون اللحم لخنزير، فاختار التعفف و الجوع بدلا من ارتكاب الخطيئة ،على حد تعبيره.  
"ياو عليكم" صرخة الحرية
«ياو عليكم القالمة»، أو «عاااااااافية»، المشهد الأشهر في فيلم «دورية نحو الشرق» لمصطفى بديع الذي أنتج  سنة 1971، يصور مشهد المجاهد في موقع الرقابة بأعلى جبال الأوراس الأشم، وهو يعلم « الخاوة» في الجبل بتحركات جنود الاستعمار الفرنسي، صرخة عفوية  حملت معها الكثير من معاني الصمود و التحدي و الشوق إلى الحرية.
«عمي العربي « قضية شعب بأعين البراءة
« عمي العربي قالي هاد الورقة تموت و متاضيعاش»، آخر كلمات نطق بها الطفل مراد موزع الجرائد، في مشهد وفاته ضمن أحداث فيلم «أولاد نوفمبر»، الذي أخرجه موسى حداد سنة 1975، مشهد لنضال طفل آمن بقضية أمته و خدمها بقلبه العليل حتى النفس الأخير ،فاستشهد وهو يمرر رسالة الوفاء و النضال إلى غيره.
« بابور المقروط» المقاومة في أبهى مشاهدها
من بين المشاهد  القوية و المعبرة التي أضحكت الجزائريين و استحقت احترامهم، مشهد رويشد في فيلم «حسان طيرو»، الذي أخرجه محمد لخضر حامينا سنة 1967، هو مشهد يسخر فيه  رويشد من تعذيب الفرنسيين له و استنطاقهم ، لينتهي إلى التلاعب بهم وإقناعهم بأن الفدائي المطلوب للعدالة  يتواجد على متن سفينة   غادرت  ميناء  الجزائر محملة بحاويات من « المقروط». قوة المشهد تكمن في قدرته على المزج بين الكوميديا و الدراما، كما عبر من أحبوه، وهو ما قدم ،حسبهم، للمشاهد واحدة من أبهى صور المقاومة التي تعكس بدقة شخصية الإنسان الجزائري.
السينما الثورية لجزائرية قدمت للمشاهد لحظات خالدة أخرى، حملت حوارات قوية و ناجحة فشل الزمن في تجاوزها، تماما كصرخة الطفل عمار: « يما لابوليس»، في فيلم «الحريق» الذي أخرجه  مصطفى بديع سنة 1974، إضافة إلى ذلك صنعت شخصية «عمار قاتلاتو الرجلة»، في الفيلم الذي يحمل نفس العنوان و الذي أخرجه مرزاق علواش سنة 1976، الحدث منذ عرضه، و لا تزال الصفة مستعملة إلى غاية اليوم  في الأحاديث الشعبية الجزائرية للتعبير عن قوة الشخصية و صلابة الفرد أيا كانت مكانته.
صورة الكفاح ارتبطت كذلك لدى الجزائريين الشباب، بمشهد عبور المجاهدين للسياج العازل في فيلم «دورية نحو الشرق»، و كذا مشهد علي لابوانت وهو يقرر إطلاق النار مباشرة على الجندي الفرنسي في وضح النهار و جها لوجه.
 كلها لقطات خالدة في السينما الثورية الجزائرية اختار رواد مواقع التواصل الاجتماعي أمس، نشرها عبر صفحاتهم، تعبيرا عن فخرهم و اعتزازهم بالثورة التحريرية و احتفاء بذكرى انطلاقها.                 نور الهدى طابي

الرجوع إلى الأعلى