تحولت أحياء قسنطينة منذ يومين إلى أشبه بإسطبل كبير، بسب انتشار مساحات مسيجة أسفل العمارات استغلها السكان للاحتفاظ بكباشهم في انتظار العيد، بالمقابل استولى شباب و مراهقون على الأرصفة و حواف الطرقات، و حولوها إلى نقاط لبيع التبن و السكاكين و معدات الذبح و السلخ و النفخ و الشواء، في مشهد بعيد عن التمدن، زاده سوءا التحاق عدد من المراهقين و حتى الأطفال بهذا النشاط.
سكاكين صينية و تبن محلي
نقاط بيع التبغ و معدات النحر، انتشرت و غزت أحياء كبرى كسيدي مبروك و الدقسي والقماص و بوالصوف و زواغي، بالإضافة إلى شوارع رئيسية على مستوى كبريات البلديات و التوسعات الحضرية، على غرار الخروب و عين سمارة و المدينة الجديدة علي منجلي، و خلافا لكل سنة فإن هذا العام، عرف تنوعا في المعدات الخاصة بنحر الأضاحي و التي جاءت على شكل أسلحة بيضاء ثقيلة من سواطير و سكاكين كبيرة و حادة ، و أخرى متعددة الأشكال و الأحجام، تشعر المار بمحاذاة باعتها، بأن الاستعدادات تخص معركة و ليس عيدا. علمنا من بعض الباعة الذين اعتادوا ممارسة هذا النشاط سنويا، كحل مؤقت للبطالة التي تخنقهم، بأن تجار التجزئة يمونون طاولاتهم من مدينة العلمة، كما هو الحال خلال كل موسم، لكن هذا الموسم تميز بتغير شكل البضاعة، فالعلمة تعد المصدر الوحيد لكل المنتجات التي تشكل الصين مصدرها الأول، أما بخصوص الأسعار فتختلف، حسب كل قطعة، إذ تنطلق أسعار السكاكين من 400 إلى 2000دج، أما السواطير فمن 800 إلى 1500دج، و المشاوي مقابل 400دج و عيدان النفخ مقابل 100دج، و عيدان الشواء،حسب المادة المصنوعة منها، فالحديدية مقابل 500 دج و الخشبية أقل سعرا، أما الحبال فتتراوح أسعارها بين 200 و  500دج. و بخصوص هامش الربح فيختلف أيضا، حسب كل قطعة من 50 حتى 100 دج.
 أما باعة التبن، فحصلوا عليه مقابل أسعار مقبولة هذه السنة، كما علمنا من بعضهم، و ذلك نظرا لوفرة المنتوج و عدم إتلاف الأمطار للمحصول، إذ عمد  ملاك الأراضي المتواجدة على مستوى بلديات عين سمارة، البعراوية بعين عبيد،حامة بو زيان، تلاغمة و العثمانية، إلى تغليف رزم الكلأ ،بواسطة ماكينات خاصة، كما،أخبرنا محدثونا، مع تحديد حجم كل حزمة،  حسب نوعية الكلأ الذي وصلت أسعاره إلى 240دج  لحصيد القمح اللين و 200دج لتبن القمح اللين.
التبن يخلق فوضى مرورية و الروائح تخنق السكان
الأحياء السكنية الكبرى عمتها الفوضى منذ يومين، و انتشرت على مستواها العديد من نقاط البيع التي استحدثها شباب و مراهقون لا تتعدى أعمار بعضهم 17 و 20 سنة، منهم من اختار بيع التبن داخل سيارات « أونساج»، ومنهم من قام بنصب خيام بلاستيكية بمحاذاة العمارات و المحلات فوق الأرصفة و على الطرقات و عند محاور الدوران، مخلفين فوضى حقيقية، عبر عدد من المواطنين عن امتعاضهم الشديد منها، مطالبين مصالح البلدية بالتدخل، خصوصا على مستوى حي الدقسي عبد السلام و بوالصوف، لوقف حالة الفوضى التي حولت الأحياء، إلى إسطبلات تختلط فيها روائح فضلات الكباش المربوطة عند مداخل العمارات، مع رائحة التبن، هذا دون الحديث عن بقايا الكلأ التي أدخلتها الرياح إلى منازلهم، كون بعض الباعة نصبوا نقاطا للبيع قبالة المنازل.  من جهة ثانية، تسببت فوضى نقاط البيع في عرقلة حركة المرور، خصوصا على مستوى الطريق الرابط بين الخروب و المدينة الجديدة على منجلي، و عند مدخل حي القماص، و كذا بلدية عين سمارة.
أطفال فضلوا بيع «القرط» على المدارس
بالرغم من أن التجارة الموسمية للتبن و السكاكين، تحولت إلى مشهد متكرر اعتاد عليه المواطنون و حتى المسؤولون، إلا أن الملاحظ هذه السنة، هو ارتفاع عدد الأطفال الذين ركبوا موجة البيع و الشراء، إذ فضل الكثير منهم التواجد على الأرصفة لبيع التبن و الكسب، بدلا من التواجد في الأقسام، مؤجلين التحاقهم بها الى ما بعد العيد، كما هو حال عبد الله 16 سنة، الذي اختار مدخل الوحدة الجوارية 14 بالمدينة الجديدة، ليكون مقرا لتجارته، أين يقضي اليوم في المناداة على الزبائن، لشراء التبن الذي يعرضه للبيع مقابل 50 دج للكيس، و قد علمنا منه بأنه التحق بالمدرسة خلال يومين من الدخول المدرسي،  لكنه فضل التغيب ابتداء من رابع يوم، ليكسب نقودا قبيل العيد ثم يتابع الدراسة بعده، و برر ذلك بكون البرنامج الرسمي لم ينطلق بعد، معتبرا  العيد فرصة للربح، لن تتكرر طيلة السنة، أما والدته فتعلم جيدا ما يقوم به و لا تعارض، تماما كوالده، لأنهم يدركون ميله للتجارة و لو على حساب الدراسة.
نور الهدى طابي

الرجوع إلى الأعلى