عادات غذائية غير صحية تأبى الأسر تغييرها
لا تزال العديد من العائلات الجزائرية عموما و القسنطينية على وجه الخصوص، وفية لقائمة طعامها التقليدية التي تلتزم بتحضيرها خلال كل عيد أضحى بتسلسل مضبوط ، مع احترام شديد للمقادير و لبرمجة كل وجبة، و ذلك منذ أول غذاء في العيد إلى غاية نهاية الأسبوع، قائمة طويلة من الأكلات التقليدية تتصدرها المعجنات تواظب ربات البيوت على إعدادها سنويا ، حفاظا منها على عادات و تقاليد تلزم كل بيت جزائري باحترام الكم في إعداد الوجبات الرئيسية، و ترك باب المنزل مفتوحا لكل قريب أو صديق أو جار، كتعبير عن الكرم و السخاء و التصدق من لحم الذبيحة التي لطالما اعتبرتها أمهاتنا صدقة عن أهل المنزل، مرددات بأن الكتف الأول منها هو حصة أو « سهم الضيف «.
ترتبط الأضحية لدى الكثيرين، ببرنامج غذائي خاص فرضته الجدات و لا تزال الأمهات تلتزمن بأدق تفاصيله، وهو برنامج تتشارك فيه معظم الأسر، ورغم كونه يعتمد على قائمة دسمة و غير صحية، إلا أن غالبية الجزائريين لا يزالوا يميلون إلى تطبيقه، فأعياد القسنطينيين مثلا لا تحلو دون كسكسي أو تريدة أو شواط أو بوزلوف و لا يكاد يخلو منزل من منازلهم من رائحة هذا الأخير خلال يومي العيد، ورغم أن الزمن تغير و العادات الغذائية اختلفت، خصوصا لدى الشباب، إلا أن رؤية قدر الكسكسي أو الرشتة على النار و شم رائحة العصبانة، تبقى تفاصيل أساسية بالنسبة لهم، لا يحلو العيد دونها لأنها بمثابة ديكور هام و مظهر من مظاهر العيد.
في صبيحة العيد بقسنطينة، يميل الكثيرون، خصوصا الرجال إلى تأجيل إفطارهم إلى غاية الانتهاء من نحر الأضحية و تجهيزها، ليفطروا على قطعة من كبد الأضحية اقتداء منهم بسنة الرسول الكريم، أما الغذاء فيكون موحدا تقريبا في كل البيوت، قائمة واحدة طبقها الرئيسي شواء، بالإضافة إلى تحضير رأس الكبش و أطرافه و غليها في القليل من الماء و الملح، أما العشاء فيكون طبقا تقليديا من العجائن مع مرق أحمر يحضر بالعصبانة.
اليوم الثاني كذلك تكون العجائن طبقا رئيسيا على مائدة غذاء العائلات القسنطينية و تقوم النساء عادة بتحضير طبق شواء خاص لرب الأسرة ، يكون مكونا من كليتي الأضحية و رئتها و كبدها و غير ذلك، طبق يخص به دون غيره كطريقة للتعبير عن الامتنان و الشكر لما قدمه من سعادة للعائلة في العيد، أما العشاء فيكون عادة شواء يحضره ذكور الأسرة، بينما تجهز الأم المخ لتضيفه لقائمة المأكولات بعد أن تتبله جيدا، و تضيف إليه القليل من الثوم و البقدونس وقد تضيف البيض، قبل قليه في قليل من الزبدة، هكذا و الى غاية انقضاء الأسبوع الأول بعد العيد، تفضل العائلات التركيز على اللحم كمكون رئيسي لوجباتها، فتحضر المشاوي و كل الأطباق التي يدخل البروتين في إعدادها كالقلاية أو البكبوكة و غيرها.
تعد هذه العادات جزءا لا يتجزأ من عيد الكثيرين و طقسا مقدسا، خصوصا بالنسبة للأمهات، اللائي يرفضن تغييرها، فالعجائن التقليدية بالنسبة لهن ضرورية، لإكرام الضيوف و هي الطبق الوحيد الذي يجتمع فيه عاملا الكم و الذوق، وبالرغم من تحذيرات الأطباء من ثقل هذه القائمة الغذائية على معدة الإنسان، لكونها دسمة و تحتوي على كميات كبيرة من الزيوت و النشويات، إلا أن تحضيرها يبقى عادة من عادات العيد التي يتوجب على الجزائريين ضبطها، تماما كما هو الأمر بالنسبة للإفراط في تناول اللحوم و المشاوي على اختلافها، لأن الأمر، كما وضح الدكتور شماشمة محمد الهادي يؤدي إلى الإصابة بالتخمة، و حرمان الجسم من الفيتامينات الأخرى على حساب البروتين و لا يعد جيدا و قد يسبب عسر الهضم و حتى آلام شديدة في المعدة.
مع ذلك تعرف السنوات الأخيرة، تغيرا نسبيا في برنامج الوجبات في منازل أخرى، فبعض ربات البيوت، خصوصا الشابات أصبحن أكثر ميلا للتجديد في قائمة الطعام، بالاعتماد على الوصفات التي تقدمها قنوات و كتب تعليم الطبخ، كما أن الطاجين المغربي بات من بين أكثر الأطباق تحضيرا، باعتباره غنيا بالخضر الممزوجة مع اللحم، و الذي تحبذ كثيرات طهوه على الجمر و تقديمه في الخزف التقليدي.
نور الهدى طابي
العجائن و الأطباق الدسمة ملكة موائد القسنطينيين في العيد
- التفاصيل
-
درس في مناهضة الاستعمار: فيلم “ معركة الجزائر” حاضر في اعتصام طلبة جامعة ستانفورد
اختار الطلبة المعتصمون لأجل غزة، بحرم جامعة ستانفورد بأمريكا فيلم معركة الجزائر لشحن طاقة الصمود والتحدي...
طلبة يتحركون لمواجهة محاولات السطو: التراث الفلسطيني يزين بهو قصر الحاج أحمد الباي
اكتسى أمس، بهو متحف الفنون والتعبير الثقافية قصر الحاج أحمد باي بقسنطينة حلة فلسطينية، تنوعت بين...
توجيهات عن بعد لتعزيز ثقافة المتابعة: مختصون يكسرون النظرة التقليدية للعلاج النفسي
استطاع أخصائيون نفسانيون من الجزائر، أن يصنعوا محتوى متخصصا مطلوبا على مواقع التواصل الاجتماعي يحظى بالمتابعة...
2500 سائح من 5 قـارات زاروها في شهرين: قسنطينة تعيش ربيعها السياحي
تستعيد قسنطينة بريقها و تستقطب السياح بشكل مكثف في السنوات الأخيرة، ما يضعها في مقدمة الوجهات الثقافية...
عناية بحيوانات منزلية وتطوّع لعلاج أخرى مشرّدة: الرعاية الصحية للقطط ضرورة لتجنّب الأوبئة
يعرف الاهتمام بالرعاية الصحية للحيوانات تزايدا منذ الجائحة كما يؤكده بياطرة، قالوا إن المربين صاروا...
تنافس بقوة وتفرض إنتاجا مختلفا: هل ستنهــــي منصــات البــث التدفقــي زمن التلفـــاز؟
استثمرت منصات رقمية للبث التدفقي بقوة في عادات التلقي الجديدة التي شكلتها التكنولوجيا الحديثة، وذلك طوال...
موسم جديد ينطلق بقسنطينة: تقطير الورد والزهر يدخل دائرة الأنشطة الاقتصادية
تتعطر مدينة الصخر العتيق هذه الأيام، بنسائم الزهر والورد، الذي يفوح عبقه من بيوت ألف أهلها عادة التقطير، التي ظهرت...
تستقطب زبائن من دول مجاورة ولا تنام قبيل الأعياد: علي منجلي تتحوّل إلى عاصمة للتسوّق بالشرق الجزائري
أصبحت المقاطعة الإدارية علي منجلي في قسنطينة، عاصمة للتسوّق في الشرق الجزائري، بعد نجاحها في جذب...
أغنية "من زينو نهار اليوم" للراحل عبد الكريم دالي : نشيــد الفـــرح الخالــد في عيــد الجزائرييـــن
تشكل أغنية "من زينو نهار اليوم صحة عيدكم" للراحل عبد الكريم دالي، رمزا من رموز الهوية الموسيقية الجزائرية و الموسيقى...
تقليد مكرّس بقرى جبال جيجل: “لوزيعــة” عــادة الأجـداد لاستقبال الشهـر الفضيل
تحافظ العديد من العائلات القاطنة بأعالي جبال جيجل، على عادة "لوزيعة" قبل حلول شهر رمضان الفضيل،...
<< < 1 2 3 4 5 > >> (5)