مروج رحبة تجذب الباحثين عن الهدوء و عشاق الرياضة
يقصد الكثير من سكان المناطق الشمالية لولاية ميلة، غابة السطاح،  وتحديدا منطقة مرج أولاد عامر، التابعة لبلدية تسدان حدادة والتي تبعد عنها بحوالي 20 كيلومترا في حدود ولاية جيجل، حيث يجد قاصدو هذا المكان فيه المتنفس الوحيد لهم، في ظل غياب المرافق و الهياكل الترفيهية، خصوصا بالنسبة للشباب والأطفال، فهناك يجتمع سحر الطبيعة بنقاء الهواء و الهدوء، ما جعل الإقبال عليه لا يقتصر على أهل المنطقة فقط، بل يقصده زوار من  مختلف الولايات المجاورة على غرار جيجل، و البعيدة مثل سطيف و الجزائر العاصمة.
منطقة السطاح التي كانت خلال العشرية السوداء وجهة ممنوعة على الكثيرين، ولا يدخلها إلا القلة القليلة فقط من العارفين بخباياها من سكانها و سكان بلدية مينار زارزة، تسدان حدادة و أولاد عامر، أصبحت اليوم قبلة و مقصدا للكثيرين الذين لا يمكنهم التفريط في هذا المكان بعد زيارته لأول مرة، خصوصا مرج أولاد عامر، ذلك الفضاء الفسيح الذي تحيط به غابة السطاح، لتحميه بأشجارها، و كأنه ملعب كبير بأرضية طبيعية خضراء، يشعر المتأمل فيه بالهدوء و السكينة و الراحة، ما جعله قبلة للعائلات.
 هذا الفضاء الرحب يجذب هواة الرياضة، فيعج بهم كل مساء و في فترات العطل، حيث تجدهم منقسمين في أفواج ومجموعات، منهم من يركض و يقوم بالتمارين الرياضية، ومنهم من يلعب كرة القدم، سواء كانوا كبارا أو صغارا، محطمين بهتافاتهم هدوء المكان الذي أينما تلتفت فيه لا ترى إلا اخضرار و سحر الطبيعة.
 التقت النصر هناك بأحد أبناء بلدية مينار زارزة، فأخبرنا بأنه يزور المنطقة مرتين في الأسبوع، رغم بعدها عن مكان إقامته بحوالي 15 كيلومترا، و ذلك منذ التسعينات من القرن الماضي، مؤكدا بأن الوضع الأمني آنذاك، لم يمنعه من القدوم لممارسة الرياضة والاسترخاء، خاصة و أن بلدية مينار زارزة لا تتوفر على مرافق رياضية، عدا ملعب تدهورت وضعيته و بحاجة ماسة إلى التهيئة.
و أشار محدثنا إلى أن فريق الأصاغر بالبلدية يحقق نتائج إيجابية و يحتاج إلى مكان مناسب للتمرين لمواصلة تقدمه، فهو يستقبل منافسيه في بلديات أخرى لعدم وجود أرضية ملعب مهيأة بالبلدية، و يضطر إلى التوجه إلى مرج أولاد عامر، للتدريبات والترويح عن النفس، شأنه في ذلك شأن كل سكان المناطق المجاورة.
 التقينا بعد ذلك بتاجر قدم رفقة أبنائه و أصدقائه لممارسة الرياضة كعادته التي دأب عليها منذ سنوات، فقال لنا بأن الطبيعة العذراء هناك، جعلت من المكان منطقة سياحية بامتياز، و تساءل: لماذا لا يكون هذا المكان وجهة أصحاب المال والأعمال للاستثمار فيه، والاستفادة من مقوماته الكبيرة في ميدان السياحة؟
و دعا إلى  إقامة هياكل رياضية ذات مستوى عال، تصلح لإقامة تربصات الفرق والأندية الوطنية والمحلية، بدل التوجه إلى خارج البلاد، مؤكدا بأن بلادنا تتوفر على مناطق رائعة و مناسبة، تحتاج فقط إلى الاهتمام و العناية بإنشاء مركبات رياضية وسياحية لاستقبال واحتضان مختلف الأنشطة، وإنجاز مختلف المرافق العمومية من مطاعم ومحطات خدمات يجد بها الزائر ما يحتاجه.
الملاحظ أنه و بالرغم من انعدام المرافق بمرج أولاد عامر و غابة السطاح المحيطة به، تتوافد العائلات بشكل كبير على المنطقة على مدار السنة، عدا فصل الشتاء،  و تدل لوحات ترقيم السيارات بأن الكثير منهم قدموا من سطيف، العلمة، جيجل و الجزائر العاصمة إلى جانب ولاية ميلة، و ذلك من أجل قضاء أوقات ممتعة بين أحضان الطبيعة الخلابة الهادئة، ومنهم من يبقى هناك إلى غاية الليل و لا يغادر المكان إلا بعد تناول العشاء، فالأمن عاد و الخوف ذهب دون رجعة .
و تأسف معظم الزوار لأن المنطقة لا تزال غير معروفة على نطاق واسع، على غرار المناطق المجاورة لسد بني هارون مثلا بميلة، و يتمنون أن تكون وجهة للمستثمرين و تأخذ حقها من الاهتمام، و تبقى مساعي السكان وأهل المنطقة و إن كانت بسيطة، هي التي ساهمت في جذب عشاق الطبيعة من عدة ولايات، خصوصا وأن أهل المنطقة معروفين بكثرة السفر، فأغلبهم يعمل في ولايات أخرى و حتى خارج الوطن، ما روج بطريقة غير مباشرة للمكان من خلال تداول صوره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة فايسبوك. كما أن موقع المنطقة قرب حدود ولايتي جيجل و سطيف، جعل مستعملي الطريق يكتشفونها.
و قد أعرب العديد ممن تحدثنا إليهم عن تفاؤلهم باستكمال شطر الطريق السيار، الرابط بين ميناء جن جن و مدينة العلمة، لأنه يمر قرب غابة السطاح على مسافة  15.5 كلم، و إذا تمت تهيئة المنطقة  و فتح فضاءات للراحة و مختلف الخدمات فسيتوقف بها مستعملو الطريق.
ابن الشيخ الحسين.م

الرجوع إلى الأعلى