ربيـع قسـنطيـنــة يسـتقطــب الــتونسييــن
تستقطب مدينة قسنطينة منذ بداية فصل الربيع أعدادا كبيرة من الأشقاء التونسيين الذين حضر بعضهم على متن حافلات بيضاء و رمادية كبيرة ، بينما وصل آخرون عن طريق الجو، من أجل التسوق و الاستمتاع بمناظر و معالم مدينة الصخر العتيق، قالبين بذلك عجلة السياحة التي اعتادت أن تدور لصالح الجارة تونس في كل موسم.
 الإقبال على قسنطينة يعد نتاجا لبرنامج رحلات أقرته الخطوط  الجوية التونسية يوم 20مارس الماضي، بالتنسيق مع وكالات سياحية، لنقل التونسيين الراغبين في زيارة المدينة إليها بغرض السياحة و الاستجمام.
 بوسط المدينة و بنهج 19جوان، التقت النصر بالعديد من الأزواج التونسيين يقتنون ملابس نسائية و أخرى للأطفال من المحلات التجارية المتعددة الموجودة على جانبي الطريق، و حتى تلك التي يعرضها بعض الباعة المتجولين على الرصيف بأسعار تحطم كل منافسة، و هم في رحلة كر و فر مع رجال الشرطة.
و سألتنا سيدة تونسية شابة كانت تجوب الشارع رفقة طفلة صغيرة، عن المحلات التي تبيع أحذية الأفراح بأسعار معقولة، فأرشدناها إليها، و شكرتنا بلطف، معربة عن إعجابها بالمعالم السياحية و الثقافية للمدينة و قالت بأنها تعتبرها أجمل مدينة بالشرق الجزائري، و تعشق أطباقها التقليدية خاصة «الشخشوخة» .
و في محلات نهج  العربي بلمهيدي و جدنا بعض العائلات التونسية تتفاوض مع الباعة حول أسعار المفروشات و ملابس الأعراس، و أخبرتنا شابة في العشرينيات، بأنها قدمت إلى قسنطينة مع والديها لاقتناء جهازها، لأن الأسعار ملتهبة بتونس، و قد عشقت القندورة القسنطينية من أول نظرة، و إذا سمحت لها ميزانيتها، فلن تعود إلى بلادها إلا و معها واحدة.و لاحظنا بأن نقطة التقاء معظم هذه العائلات هي باب القنطرة، حيث تم ركن حافلات تونسية كبيرة قبالة محطة القطار، فهناك نقطة الوصول و من هناك نقطة العودة إلى الديار، بعد رحلة سياحة أو تسوق أو تجارة.  فقد قال لنا العديد من التجار بوسط المدينة بأن بعض التوانسة يشترون سلعا بالجملة و نصف الجملة، خاصة المفروشات و مواد التجميل و ملابس النساء، ليبيعوها في بلادهم، محققين هامش ربح لا بأس به.

تفاوض حول الأسعار و مقارنتها بالدينار التونسي

و في المركز التجاري «ريتاج مول» لاحظنا بأن الكثير من التونسيات وجدن ضالتهن في محلاته،و قد قابلنا هناك فتاتين الأولى تونسية و الثانية جزائرية، بدا جليا بأن التونسية كانت تناقش مع صاحب محل لمواد التجميل أسعار الجملة، بينما كانت صديقتها الجزائرية تجري حسابا بسيطا لتوضح قيمة المبلغ بالدينار التونسي.
التجارة ليست وحدها ما يشد السياح التونسيين هذه الأيام إلى قسنطينة، فربيعها  و وروده التي تزين ساحة بن ناصر « لابريش» أثارت اهتمام الكثير منهم، كما علمنا من باعة الورد، فالنساء على وجه الخصوص أبدين قابلية لشراء الورود، كما أثارت عملية التقطير فضولهن، حتى أن القطار أصبح من بين اهتماماتهن.
 بالمقابل شكل جسر ملاح سليمان، محور اهتمام جميع السياح، خصوصا العائلات و الأزواج، الذين تاه الكثيرون في  طريق الوصول إليه  قبل أن يهتدوا إلى سؤال المارة، إذ أكدت سيدة بأن كل الجسور الأخرى معروفة، إلا هو لأنه يختفي أسفل مصعده، أما سبب شهرة الجسر ، فلا تكمن فقط في جماله، بل في كونه أهم دليل في خارطة الرحلة، لأنه يربط وسط المدينة بحي باب القنطرة ، أين تتوقف الحافلات التي تقلهم إلى الديار، وقد علمنا بأن عمر الرحلات مبرمج حسب كل وكالة سياحة ، فمنها ما يدوم خمسة أيام ومنها ما لا يزيد عن ثلاثة.
 محدثتنا قالت بأن التسوق لا يشمل فقط الألبسة و تجهيزات العرائس، بل أن الكثير من التونسيين اعتادوا زيارة مدينة تبسة في كل سنة للتحضير لشهر رمضان، نظرا  لملاءمة الأسعار في الجزائر، مقارنة بتونس، لكن قسنطينة برزت كوجهة سياحية و تجارية بديلة هامة هذه السنة، لسببن الأول لجمالها و الثاني لكونها أكثر قبولا من حيث الأسعار.
و بهذا سجلنا انقلاب عجلة السياحة في ربيع قسنطينة، فأصبحت تغري أكثر فأكثر الأشقاء التوانسة بزيارتها .
ق-م

الرجوع إلى الأعلى