الحياة البيئية بغابة شطابة بقسنطينة صارت مهدَّدة
تعرف أعالي منطقة شطابة، غرب بلدية قسنطينة، تأخَّرا في إيصال مشاريع التنمية الحضرية، حيث تعاني عشرات العائلات بهذا التجمُّع السكني المعروف بالجباس، تذبذبا حادّا في خدمة التزوُّد بالمياه الشروب، إضافة لغياب الإنارة العمومية، فيما يواجه تلاميذ الطورين الابتدائي والمتوسط ظروفا صعبة، لعدم وجود النقل المدرسي وبُعد المؤسسات التربوية عن مساكنهم، أمَّا بيئيا، فدقَّ الساكنة ناقوس الخطر بعد تحويل حواف الطريق المؤدية نحو الغابة، إلى مكبٍّ للنفايات المنزلية والصلبة بما يهدد الحياة البرية بالمنطقة.
تعتبر منطقة الجبَّاس، المجاورة لحي بن الشرقي صعودا نحو جبل وغابة شطابة، من بين أعرق التجمُّعات السكنية بالولاية، فبها تقع أقدم مجبسة، ومنها استمدَّت اسمها القديم، حيث تشهد تناميا عمرانيًّا غير مسبوق، لاستتابِّ الأمن وفتح الباب للاستثمار الفلاحي والحيواني، وعودة ملاَّك الأراضي، غير أنَّ نقص المرافق الحضرية والخدماتية يرهن بقاء الساكنة بالجهة والاستقرار، خصوصا بعد ظهور مشكل تسرُّب المياه الشروب، وانقطاع هذه المادَّة الحيوية عن الحنفيات لفترات قد تصل إلى ثلاثة أسابيع.
ويقول أحد أعضاء جمعية الحي السابقين الذين التقت النصر بهم، إنَّ سكان الجباس بالجهة المسمَّاة «البهانسة» عموما،  يعانون العطش صيفا وشتاء، حيث وبعد القيام بمجهودات كبيرة وشكاوى متكرّرة لبلوغ الماء الشروب المنازل، انسدَّت شبكة القنوات، ما جعل الولاية تقرُّ مشروعا جديدا يمتدُّ من خزان بوالصوف، غير البعيد عن الجباس، لكنَّ التسربات أعادت الإشكال إلى نقطة الصفر، إذ لا يستفيد حوالي ألفي ساكن من المياه سوى مرة في الأسبوع، على أقصى تقدير.
كما أفاد ذات المتحدث بوجود خطر كبير في تلوُّث مياه المنابع المجاورة للمنطقة، على كثرتها، نظرا لاضطرار المربين وأرباب العائلات، على حدّ سواء، للتزود بالماء منها، لهم ولحيواناتهم، وهو ما يتهدَّد الصحة العامة، و ينذر، حسب السكان، بحدوث كارثة، زيادة على الخسائر التي يتكبدها مربو الدجاج والمواشي والأبقار، الذين استثمروا أموالا ضخمة، ولكنَّها تبقى مهدَّدة بمشكل المياه.
غياب النقل المدرسي و6 خطوط لبن الشرقي بدل الجباس
سألنا شابّا يافعا صادفناه أثناء استطلاعنا بالجباس، عن مدى توفير وسائل النقل المدرسي و العمومي، لضمان تمدرس إيجابي وغير شاق لتلامذة الحي، فأجاب أنَّ العشرات يضطرون لمزاحمة العمال في حافلة خاصَّة صباحا، للوصول إلى المؤسسات التربوية، خاصة الإكماليات والثانويات ببوالصوف ووسط المدينة وبن الشرقي، كما توجد مدرسة وحيدة بجوار المجبسة، و ذلك على مسافة تقارب الكيلومتر، مضيفا أن النقل المدرسي متوفر سوى باتجاه الابتدائية القريبة أصلا، فيما يتعرَّض الجميع لخطر الكلاب والحيوانات الضالَّة، في الصباح الباكر ومساء، لمجاورة هذا الحي لغابة كبيرة وشاسعة.
وذكر أحد الأولياء أنَّ مديرية النقل قد منحت حقّ استغلال ستة خطوط كاملة تربط بين الجباس وبن الشرقي، ووسط المدينة، إلا أنَّ أصحاب الخطوط حوَّلوا مسار نشاطهم القانوني، وجعلوه مقتصرا على بن الشرقي، وهو أمر مخالف لما تمَّ التعاقد عليه مع الجهة الوصية، مطالبا بالتحقيق في هذا الوضع، الذي أكد أنه دفع بأرباب الأسر والمتمدرسين إلى الاعتماد على سائقي «الفرود» والجيران الذين يملكون مركبات، أمام صعوبة تحمُّل هذه المشقة شتاء، وصيفا، وخطر تعرُّض الصغار لمكروه.
الإنارة العمومية شبه منعدمة
ويمتدُّ مسار الطريق نحو الجباس والبهانسة عبر غابة كثيفة معروفة على مستوى الولاية، لمسافة تقارب 4 كيلومترات، وأمام خطر المنحرفين واللصوص، يكاد شباب وعمَّال المنطقة يأوون إلى منازلهم قبيل وقت المغرب، لغياب الإنارة العمومية في مقاطع ممتدَّة على مسافات طويلة، خوفا من التعرض للاعتداءات أو مصادفة الحيوانات البرية الخطيرة، في جنح الظلام، وهو أحد المطالب الملحَّة للمعنيّين تجاه بلدية قسنطينة، التي قامت مؤخرا بإرسال وحدة لا تمتلك وسائل كبيرة لإصلاح بعض المصابيح، وانصرفت دون استكمال الأشغال، حسب ما ذكره لنا عمي أحمد، أحد قاطني المنطقة.
مفرغات عشوائية على الطريق
و يلاحظ القاصدون لغابة شطابة من أجل الاستمتاع بإخضرار الطبيعة وتنوُّع الحيوانات والطيور البرية بها، تحوُّل حافتي الطريق نحوها، صعودا، إلى مفارغ عشوائية للنفايات المنزلية والصلبة، حيث تنتشر أكوام بقايا ورشات البناء والبلاط المكسور والزجاج، وحتى بقايا مذابح الدواجن، ما حوَّلها إلى مفرغة مفتوحة على الهواء الطلق، باتت روائحها الكريهة تزكم الأنوف، وتنفِّر المارة من سكان الجباس والبهانسة، وكذا الزوَّار.
وقال لقمان، أحد سكان الجباس القدماء، إنَّ أصحاب الشاحنات اتخذوا من الموقف مكانا لتفريغ حمولاتهم من النفايات الصلبة، وحتى المنزلية، دون الحديث عن أحشاء الدواجن والريش القادم من المذابح النظامية والفوضوية، وهو ما جلب الكلاب الضالَّة، وكذا الحيوانات البرية الضارية على غرار الذئاب والثعالب والخنازير، و هو  الأمر الأكثر خطورة، حسبه، حيث من الممكن انتشار أوبئة معدية قاتلة بين الحيوانات نفسها، خصوصا لدى نفوقها، داعيا مصالح البلدية والولاية ومنظمات حماية البيئة إلى التدخُّل.
و بعد أن وجهنا مندوب مندوبية بوذراع صالح إلى خلية الاتصال والعلاقات العامَّة ببلدية قسنطينة، للحصول على رد بخصوص انشغالات السكان التابعين لقطاعه، اتصلنا الأسبوع الماضي بأحد المكلفين بهذه الخلية، لكننا لم نتحصل على جواب شاف، حيث أخبرنا أن السبب هو غياب مسؤولة المصلحة التقنيّة عن المكتب، لنحاول الاتصال برئيس البلدية عبر هاتفه لكن تعذر علينا ذلك.                                    فاتح/ خ

الرجوع إلى الأعلى