أدانت أمس الأحد، محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء قسنطينة ثلاثة أشقاء بتهمة تعذيب أخيهم القاصر غير الشقيق بالكي وصعقات التيار الكهربائي، و عاقبتهم بالسجن النافذ لخمس سنوات، فيما سلطت عقوبة بالحبس غير النافذ لعام في حق خاليه وأخته لأبيه بعد إدانتهما  بجنحة الضرب والجرح العمدي.
وقائع القضية، وبحسب ما دار في جلسة المحاكمة تعود إلى شهر مارس من العام الماضي، أين فتحت مصالح الأمن تحقيقا بناء على شكوى قدمتها جدة الضحية المسمى  «ق م أ» وصهرها الشاهد في القضية، مفادها أن إخوة القاصر قد جاؤوا إلى منزل زوج خالته بحي جبل الوحش بقسنطينة واتهموه بسرقة 200 مليون سنتيم ثم ضربه أحدهم و أخذوه إلى منزلهم العائلي الواقع بحي بوصوف.
القاضي وبعد انطلاق مجريات المحاكمة، استمع في بادئ الأمر إلى أخ الضحية الأكبر ذو 30 عاما والمسمى «ق ز»، حيث صرح أنه سحب مبلغ 400 مليون سنتيم من البنك و وضعها بمعية أمه في غرفة نومها، لكنه تفاجأ مساء باختفاء نصف المبلغ لتحوم شكوكه مباشرة نحو أخيه لأبيه، الذي اعتاد كما قال، سرقة أمواله مستدلا بضبطه في ثلاث مناسبات متلبسا بالسرقة.
القاضي و بلهجة شديدة واجه المتهم بوقائع القضية، حيث قال: «كيف سولت لك نفسك أن تعذب أخاك ذا 13 عاما بالكي على مستوى فخذه ودبره وظهره  بحجة أنه سرق مالك؟ كيف لك أن تتسبب له في كدمات على الوجه وأن تلطمه حتى يخرج الدم من فمه وأنفه، هل لأنه ليس ابن أمك؟»... لكن المتهم أصر في جل تصريحاته بأنه لم يقم بتعذيبه و بأنه اكتفى بصفعه على وجهه دون إحداث أي ضرر له، في حين واجهه القاضي بتصريحاته السابقة فضلا عن شهادة زوجته في حقه والتي ذكرت أن المتهم لطم الضحية بقوة حتى ارتطم رأسه بالحائط ما تسبب له في نزيف على مستوى الفم والأنف.
أما المتهم الثاني و هو أخ غير الشقيق للضحية يبلغ من العمر 26 عاما، فنفى أيضا واقعة التعذيب وصرح أنه تلقى اتصالا هاتفيا من أخيه مفاده أن الضحية سرق المبلغ المالي المذكور وفر نحو بيت أخواله، ليتنقل على جناح السرعة إلى جبل الوحش أين وجد الضحية رفقة أخويه ينزف دما من فمه، مضيفا أنه اصطحب إخوته إلى المنزل العائلي ببوصوف و رافقه في سيارته خال الصبي المسمى  «ب.ر»، كما أكد أنه تحدث برفق معه وحاول أن  يتحصل على تصريح منه حول مكان إخفاء الأموال، حيث أخبرهم أنه أخفاه تحت فراش جدته ليفتشوا المكان دون أن يجدوا أي شيء، ثم صرح أنه أخفاها عند صديقه لكنهم حين قصدوا بيته نفى أن يكون قد تحصل على شيء منه، حسب المتهم.
ونفت أيضا أخت الضحية المسماة «ق ك» قيامها بضرب أخيها بعنف، سوى صفعه مرة واحدة، كما أنكرت وقائع التعذيب المتهم بها إخوتها وقالت إنها كانت جالسة في غرفة الاستقبال ولم تتنقل رفقتهم إلى بيت أخوال الضحية، فيما نفى أيضا أخوه « ق ي» الذي لم يتم إيداعه الحبس المؤقت، قيامه بالتعذيب أو ضرب وتعنيف أخيه كما دافع ايضا عن أشقائه ونفى وقائع التعذيب وجدد التأكيد على عدم قيامه وإخوته بأي فعل عنيف اتجاه الضحية، لكن القاضي واجه المتهمين بالصور التوضيحية، التي حملت آثار التعذيب والكدمات القوية بمختلف أنحاء جسمه.
تقرير الطبيب الشرعي: الضحية تعرض للحرق والضرب المبرح
وجاء في التقرير الشرعي أن الصبي قد تعرض للحرق والضرب المبرح، ما تسبب له في رضوض و ندبات في أنحاء متفرقة من جسمه كما تم منحه شهادة عجز بثلاثين يوما، فيما صرح خال الضحية «ب ع» أن أخاه «ق ز» قام بلطمه في أول مرة ثم لطمه مرة ثانية أخوه «إ ق» كما نفى واقعة مشاركته بالضرب وحمل مسؤولية تعذيبه إلى إخوته الثلاثة دون أن يصرح أنه شاهد وقائع التعذيب.
أما خاله «ب ر» فقد صرح أنه هو من دل إخوته على بيت خالة الضحية، كما نفى أن يكون قد ضرب ابن اخته، غير أن القاضي واجهه بتصريحاته التي قال فيها إنه ضربه برأسية، كما صرح المتهم أن الإخوة ساوموه بأن يمنحهم الحزام الذهبي لأم الضحية المتوفاة وهددوه بأن يجروه معهم إلى المحكمة بتهمة التعذيب، مشيرا إلى أنه لم يشهد ما تعرض له ابن اخته من تعذيب.
و صرح الضحية القاصر أمام القاضي أنه لم يسرق أي مبلغ مالي و بأنه اتجه كما اعتاد في كل مساء يوم خميس إلى بيت جدته في الزيادية  ولم يجدها في بيتها، قبل أن يتوجه إلى منزل خاله الذي قال له إنه جدته في زيارة إلى بيت خالته في جبل الوحش، قبل أن يتوجه إلى هناك، ليتفاجأ بقدوم إخوته وضربه من طرف أخيه الأكبر حتى سال الدم من فمه وأنفه، ليأخذوه مثلما صرح، إلى البيت العائلي ببوصوف، أين قاموا بتعذيبه بعد مغادرة خاليه من خلال إحماء سكين على نار الموقد ثم كيه وهو عار بمختلف أنحاء جسمه، كما صرح أن أشخاصا آخرين كانوا حاضرين، مشيرا إلى أن أم إخوته وزوجة أبيه المقعد حاولت أن تنتزعه من بين أيديهم، لكن أخاه الأكبر منعها و ضربها بالسوط ليغمى عليه مباشرة ويجد نفسه في الصباح مستحما ومرتديا ملابسه.
وتضاربت أقوال الشهود حول وقائع القضية، حيث نفت أم الأشقاء وقائع التعذيب وقالت إنها لم تشاهد أي شيء وهو ما أكده جل الشهود، غير أن شاهدا قاصرا وهو ابن خال الضحية قال إنه رافق أباه إلى المنزل العائلي للإخوة، وحين كان أبوه جالسا في غرفة الاستقبال تسلل إلى المطبخ وشاهد الإخوة وهم يعذبون أخاهم بالكهرباء والكي، كما شاهد واقعة ضرب الابن لأمه بالسوط ومنعه لها بالتدخل.
ممثلة الحق العام ذكرت في مرافعتها أن الأفعال ثابتة في حق المتهمين، كما أكدت أن تقرير الطبيب الشرعي واضح ويثبت تعرض الطفل إلى حروق وكدمات ورضوض وهو ما أظهرته الصور أيضا، ملتمسة تطبيق عقوبة بالسجن لعشر سنوات في حق الإخوة الثلاثة والحبس لخمس سنوات في حق الخالين والأخت.            
 لقمان/ق    

الرجوع إلى الأعلى