تُعد ولاية قسنطينة إحدى أكثر ولايات الجزائر تأثرا بالجائحة، كما تضاعف عدد الحالات المؤكدة لكورونا بها بعشر مرات خلال آخر أسبوعين، ما تسبب في إقبال كبير للمواطنين على أجهزة الكشف بمختلف المستشفيات وأحدث صعوبات كبيرة في التشخيص، لتلجأ العديد من الحالات إلى العلاج الذاتي قبل التأكد من الإصابة، مرجعة ذلك إلى ارتفاع تكاليف الفحص لدى الخواص.
وتنقلت النصر إلى مستشفى «البير» بمدينة قسنطينة، حيث وجدنا عددا كبيرا من الأشخاص جالسين وآخرين يقفون أمام باب مصلحة «كوفيد»، فيما يقوم عون أمن بإدخال كل شخص بشكل فردي من أجل المعاينة، كما تم وضع مكتب بمدخل المصلحة يتواجد به طاقم طبي يتكون من ممرضين وطبيب.
ولاحظنا أن الطاقم الطبي يقوم بإدخال بعض المرضى الذين كان جلهم من كبار السن للقيام بالفحص عن طريق تقنية تفاعل البوليميراز المتسلسل «بي سي آر»، فيما يتم تحرير وصفات للبعض الآخر، حيث تقتصر الاستفادة من الكشوفات على الحالات الخطيرة أو المصابين بأمراض مزمنة على غرار السكري وضغط الدم.
قاعات انتظار ممتلئة
وبمستشفى المقاطعة الإدارية علي منجلي التي تضم كثافة سكانية كبيرة، شاهدنا عشرات الأشخاص بقاعة الاستقبال، وكلهم كانوا يضعون كمامات، وحالاتهم تبدو مقلقة، حيث تسمع بين الفينة والأخرى سعالا جافا متواصلا، ويأتي بين الحين والآخر أشخاص غير قادرين تماما على السير، فيما تسبب مرافقو المرضى في ارتفاع عدد الأفراد داخل القاعة.
وبعد المكوث لدقائق في القاعة، علمنا أن المستشفى لا يتوفر على وسيلة الكشف «بي سي آر»، لنتوجه نحو الإدارة وهنا قابلنا عاملان ذكرا أن عدد الحالات المشتبه في إصابتها بفيروس كورونا ارتفع كثيرا و تضاعف بأكثر من 10 مرات، موضحين أن هذا العدد قبل أكثر من شهر لم يتعد 5 حالات يوميا، ليفوق خلال آخر أسبوع 100 حالة يوميا.
وأكد عدد معتبر من المواطنين الذين ظهرت عليهم بعض الأعراض التي تشبه أعراض كورونا، والتقت النصر بهم في بعض المستشفيات على غرار علي منجلي والبير، أنهم وجدوا صعوبة كبيرة في الخضوع لاختبار الكشف عن الفيروس، حيث يتم إخطارهم من طرف مسؤولين بالمستشفيات أن المصالح قد استوفت العدد اللازم من الكشوف.
وذكر بعض المرضى، أنهم يعجزون عن تشخيص حالاتهم ولا يعلمون إن كانوا مصابين أو لا، مكتفين بالأعراض التي ظهرت عليهم مثل الحمى والإسهال وآلام بالمفاصل و الوهن في الجسم، موضحين أن إمكانياتهم المادية لا تسمح لهم بإجراء الكشوفات في العيادات أو المخابر الخاصة، سيما وأن سعر الكشف بجهاز سكانير يفوق مليون و400 ألف سنتيم، أما الكشف عن طريق «بي سي آر» فتصل تكلفته إلى مليون و800 ألف سنتيم، فيما يبقى الحل الوحيد هو تحاليل المصل والتي تُظهر  إن كان الشخص قد أصيب بكوفيد 19 شرط مرور عدة أيام على الإصابة.
تفاوت في توفر فحوصات «السكانير»
وذكر إداري بمستشفى علي منجلي، أن فحوصات الكشف عن كوفيد 19 بتقنية «بي سي آر» غير متوفرة، مضيفا أنه يتم توجيه المرضى إلى مؤسسات استشفائية أخرى تتوفر على الكشوفات اللازمة. وذكر المتحدث أنه تتم معاينة كل المرضى أو الحالات المشتبه في إصابتها بالفيروس، و من ثم توضع الحالات الخطيرة أو شبه المؤكدة تحت المراقبة الطبية، وتزود بالأوكسجين والأدوية اللازمة، فيما يتم تحرير وصفات للحالات العادية لاتباع البروتوكول الصحي مع الالتزام بالحجر المنزلي.وبمستشفى محمد بوضياف بالخروب، أكد مديره، نذير طايق، للنصر، أن مصالحه تتوفر على تقنية الفحص «بي سي آر»، لكن استعمالها يقتصر على الحالات الخطيرة أو التي تخضع للعلاج بالمستشفى، وهي توصيات وزارة الصحة حسب المتحدث، مؤكدا استحالة إخضاع كل شخص للفحوصات، و مضيفا أن الحالات المعقدة والتي تظهر عليها الأعراض المعروفة هي التي تستفيد من كشوفات «بي سي آر».
وبخصوص جهاز «السكانير» أضاف المدير أنه غير متاح حاليا، بسبب عطل مس أحد أجزائه، مضيفا أن عملية اقتنائه تتطلب التنقل للخارج، بما أن قطع جهاز السكانير مستوردة، وبحكم غلق الحدود البرية والجوية لم يتسن لمسؤولي المستشفى اقتناء هذه القطع، ما أدى لعدم استغلال الجهاز في كشف حالات كوفيد 19. وأوضح طايق، أن عدد الحالات المشتبه في إصابتها والحالات المؤكدة تضاعف عشر مرات خلال الأيام الأخيرة.
أما بمستشفى بلدية ديدوش مراد، فقد كانت الوضعية أكثر استقرارا، حسب مديره عبد الكريم  بن مهيدي، حيث أكد للنصر أن مصالحه تتوفر على كافة الإمكانيات الضرورية من أجل استقبال المرضى، سواء تعلق الأمر بكميات الأوكسجين اللازمة والأدوية الضرورية المستعملة أثناء العلاج من الوباء.
كما أوضح المسؤول، أن عدد الحالات التي تخضع للفحوصات يوميا تتراوح بين 30 إلى 40، ويتم الاحتفاظ بما بين 5 إلى 8 مرضى بالمستشفى، وهي الحالات التي تكون معقدة، مضيفا أن من تبقوا يستفيدون من وصفات محررة تخص البروتوكول الصحي الواجب اتباعه من أجل التعافي.
وأضاف المدير، أن مصالحه تحوز على أجهزة الكشف اللازمة، سواء تعلق الأمر بـ «سكانير» أو فحص «بي سي آر»، ولكن يتم حسبه استغلالهما للحالات الخطيرة والتي تبدو للطاقم الطبي أنها شبه مؤكدة، و رغم ذلك فقد اتضح أن نتائج بعض الحالات كانت سلبية، وفق تأكيد المسؤول.
وبالمستشفى الجامعي ابن باديس، أكد سليم بن ثلجون، رئيس وحدة فحص مرضى كوفيد 19 التي تم استحداثها مؤخرا، توفر جهاز سكانير للكشف عن الحالات المشكوك فيها، مضيفا أنه يمكن للحالات المستعجلة الخضوع للتحاليل سواء بواسطة «السكانير» أو تقنية «بي سي آر». 

الرجوع إلى الأعلى