لم تواكب التوسعة الجنوبية بالمقاطعة الإدارية علي منجلي بقسنطينة، التغيرات العمرانية والتجارية التي تعرفها جل أحياء المدينة الجديدة، فقد ظلت مجرد مرقد كبير يعود إليه سكانه ليلا لانعدام أدنى الخدمات به، فيما تشكل المئات من المحلات الشاغرة والمفتوحة أسفل العمارات خطرا يهدد الأطفال والتلاميذ إذ يناشد قاطنو المكان السلطات الولائية التدخل من أجل إيجاد حل مستعجل وردع المرقين العقاريين، في حين تؤكد البلدية أنها ستسعى إلى تحسين حياة السكان والمرفق العام وفق ماهو متاح من إمكانيات.
وتقع التوسعة الجنوبية بالمقاطعة الإدارية علي منجلي في نقطة تعد الأعلى في المدينة، إذ تحدها من الشمال الوحدة الجوارية 20 ويفصل بينهما الطريق الاجتنابي الذي يعرف على المستوى المحلي بمسار الوزن الثقيل، في حين يحدها شرقا وغربا وجنوبا مساحات شاغرة وهي عبارة عن أراض شبه زراعية.
وتتكون من مخططي شغل أراضي، الأول أنجزت به مشاريع لنمط الترقوي المدعم ويتعلق الأمر بمشاريع 1004+900+700، حيث بدأت الترحيلات الأولى إلى الموقع في أواخر سنة 2018 بعد سنوات من انتظار المكتتبين  وتدخل العديد من الولاة من أجل تسليم السكنات لأصحابها من الطبقة المتوسطة، علما أن الموقع يتوفر أيضا على مشروع للسكن الترقوي الحر يجري إنجازه، بما يرفع العدد الإجمالي للسكنات الموطنة به إلى 3 آلاف وحدة.
واصطدم سكان الحي الذي أطلق عليه اسم الشهيد، منصر صالح، بمشاكل وصفوها بالبدائية، إذ ما يزالون إلى اليوم يعانون من مشكلة التزود بالمياه التي لا تصل إلى الطوابق العليا لعدم التزام المرقين بتركيب المضخات وإن وجدت فإنها سرعان ما تتعطل عن العمل.
وقبل أسابيع وبمناسبة يوم الشهيد، زار والي الولاية التوسعة الجنوبية أين التقى بممثلين عن جمعية الحي، حيث تم إطلاعه على مشكلة المياه، قبل أن يأمر مدير سياكو وكذا مديرية الموارد المائية بإيجاد حل استعجالي، في انتظار استلام مشروع خزان المياه، حيث قالت مديرة قطاع المياه، إن الخزانات المتوفرة حاليا تقع في مواقع منخفضة مقارنة بموقع السكنات ولهذا فقد استلزم الأمر إنشاء خزان آخر يقع بمكان عال إذ ما تزال عملية الإنجاز جارية كما ستنتهي المشكلة بعد استلام المشروع.
ويشتكي سكان الحي، من عدم مطابقة أشغال العمارات للبنايات الحديثة، حيث أكدوا أنهم وجدوا سكناتهم في وضعية سيئة جدا، إذ أن المياه تتسرب حتى إلى داخلها، في حين أن المصاعد غير مطابقة في بعضها، في حين لم يتم تركيبها بمواقع أخرى رغم طلباتهم الكثيرة والمتكررة، حيث ناشدوا الوالي بالتدخل لدى المرقين من أجل رفع التحفظات المسجلة.
وتشكل المحلات الشاعرة، تهديدا أمنيا ، حيث وقفنا على وجود المئات منها وهي في وضعية شاغرة ومفتوحة، وأكد لنا سكان أنها تحولت إلى بؤر للإجرام والمنحرفين ليلا ونهارا إذ يتخذون منها مكانا لإخفاء المهلوسات والمسروقات وكثيرا ما عثرت عناصر الدرك الوطني على الممنوعات بداخلها، في حين لاحظنا أن الأطفال لا يتجولون بالحي إلا باصطحاب أوليائهم، فيما أكد لنا ولي تلميذ أنه اضطر إلى ترك ابنه يدرس في الحي الذي يقطن به جده، لعدم قدرته على مرافقته ذهابا وإيابا إلى المدرسة.
ويؤكد محدثونا، بأن الحي أصبح معروفا بمشكلة سرقة الشقق نظرا لنقص التغطية الأمنية، إذ يقتصر التواجد الأمني على دوريات الدرك الوطني إذ يؤكدون أن المكان يتطلب إنجاز مركز دائم للأمن كونه يقع في منطقة حضرية، مشيرين إلى أن الكثير من المواطنين قد أغلقوا سكناتهم وفضلوا استئجار منازل في مناطق أخرى إلى حين تحسن الوضع، فيما وقفنا على وجود العشرات من الشقق الشاغرة التي لم يلتحق سكانها بها.
انعدام للمساحات الخضراء وأماكن الجلوس
وما يلاحظ في المكان، هو كثرة الإعلانات عن بيع الشقق، إذ يحاول سكان التخلص من المكان والتنقل للعيش إلى أحياء أخرى لعدم توفر المرافق الضرورية، فلا ملاعب جوارية أو مساحات خضراء أو أماكن للجلوس، وحتى أقرب نقطة للعلاج تبعد بأزيد من 5 كيلومترات عن المكان الذي لا يتوفر إلا على عدد قليل من محلات المواد الغذائية والمقاهي.
وتعرف الابتدائية الوحيدة، اكتظاظا كبيرا إذ لم تعد تستوعب تلاميذ الحي، لتفكر السلطات في إنجاز أخرى من صنف د، إذ تم وضع حجر الأساس شهر نوفمبر الماضي ثم توقفت الأشغال، فيما أشرف الوالي، على وضع حجر أساس إنجاز ثانوية لإنهاء معاناة تنقل التلاميذ إلى أحياء مجاورة، كما برمجت مديرية التجهيزات مشروع عيادة متعددة الخدمات حيث تجري بها الأشغال حاليا بوتيرة مقبولة مثلما وقفنا عليه أمس.
ويسجل المكان نقصا كبيرا في التهيئة الخارجية، إذ تعرف مختلف أجزائه تدهورا كبيرا، كما تكاد أن تكون حاويات النظافة منعدمة ما جعل المكان يغرق في النفايات رغم المجهودات المبذولة من طرف مؤسسات النظافة، التي تشرف على عمليات الجمع والكنس، إذ وقفنا على وجود عاملين فقط يعملان على الكنس بمختلف التجمعات السكنية.
ويعد الخروج ليلا من بين الأمور المستعصية على السكان، إذ تنعدم الإنارة العمومية وفق تأكيدهم بمختلف التجمعات، كما أنها تشتغل يدويا وسرعان ما تسجل بها أعطاب بعد إصلاحها، في حين تشكل الكلاب الضالة خطرا صحيا إذ قدر السكان عددها بأكثر من 100 كلب، كما وقفنا في جولتنا بالمكان على تجول العشرات منها في كل مكان، في حين يتخذ بعضها من المحلات المهجورة مكانا للعيش.
ويرى سكان الحي، بأنه لابد من التفاتة إلى المكان من خلال فتح مقر أمن دائم إذ يعد هذا المطب بحسبهم، أولوية قصوى مع الاهتمام بالمحيط وتحسين خدمات المرفق العام، سواء ما تعلق بالإنارة أو التهيئة وجمع النفايات وفتح مستوصف جواري مع إنجاز ملعب أو ملعبين جواريين، على غرار مختلف الأحياء الأخرى التي أنجزت بها مرافق رياضية ساهمت في استيعاب الشباب والحد من مختلف الآفات الاجتماعية.
ويؤكد مندوب المندوبية رقم 1 بعلي منجلي، بشيري عزيز، بأن مطالب السكان مشروعة، ووجب التكفل بها بحسب الأولويات والإمكانيات المتوفرة، حيث ذكر بأنه سيتم العمل على تحسين كل خدمات المرفق العام سواء ما تعلق بالنظافة أو الإنارة مع التنسيق مع مختلف الهيئات والقطاعات الأخرى لإيجاد حلول لمشكلة المياه والأمن وغيرها، كما أشار إلى أن إمكانيات المؤسسات العمومية البلدية أضحت محدودة جدا في ظل التوسع العمراني الكبير الذي تعرفه علي منجلي.
من جهته أكد، مدير مؤسسة تهيئة مدينتي علي منجلي وعين نحاس، أمين سردوك، أن أولوية المؤسسة الحالية تكمن في تهيئة مخطط شغل الأراضي الثاني بالتوسعة الجنوبية، وذلك من أجل فتح المسالك وإنجاز طرقات حتى يتسنى للسلطات إنجاز المشاريع المبرمجة بالمكان، مشيرا إلى أن برمجة عملية تهيئة بمخطط شغل الأراضي الأول غير ممكنة، كون الأولى تمت قبل أقل من خمس سنوات، في حين أن هكذا برامج تسجل بعد مرور 10 سنوات على الأقل.
لقمان/ق

الرجوع إلى الأعلى