أحكام متفاوتة ضد متهمين في قضية فساد  بمديرية السكن بالطارف
أصدرت، أمس الأول ، محكمة الجنح الابتدائية بمحكمة الطارف ، أحكاما متفاوتة بالحبس النافذ وموقوف النفاذ وغرامات مالية، في قضية فساد في مديرية السكن و التجهيزات العمومية ،  والتي توبع فيها 27متهما،  منهم المدير السابق  للسكن و التجهيزات العمومية الذي أنهيت مهامه و إطارات  بذات المديرية، و  أعضاء اللجنة الولائية للصفقات العمومية،  إضافة إلى مقاولين و مكاتب دراسات.
حيث تمت إدانة المدير السابق   للسكن والتجهيزات العمومية بعقوبة عام حبسا غير نافذ و غرامة مالية قدرها 50 ألف دينار، فيما تمت إدانة 6 أعضاء من لجنة الصفقات للولاية بعقوبة 6أشهر موقوفة التنفيذ و حكم على  مقاولين اثنين بعقوبة 6أشهر حبسا نافذا، وأدين إطاران بمديرية التجهيزات العمومية بغرامة 20 ألف دينار ، فيما استفاد بقية المتهمين و عددهم 16،  منهم  أصحاب مكاتب دراسات و  مقاولات إنجاز و إطارات و رؤساء أٌقسام و مصالح بذات المديرية من البراءة.
في وقت التمست  النيابة العامة تسليط عقوبة تتراوح بين 3سنوات و 7سنوات   للمتهمين الذين تمت متابعتهم في إطار تطبيق أحكام قانون مكافحة الفساد، حيث  تمت متابعة المتهمين بعدة تهم خطيرة تخص،  جنحة إساءة استغلال الوظيفة ، جنحة إبرام صفقات مخالفة للإحكام التشريعية بغرض إعطاء امتيازات غير مبررة للغير ، جنحة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية طبقا للمادة 26 من قانون الوقاية و الفساد و مكافحته .                                   
القضية تعود إلى تلقي المصلحة الولائية للشرطة القضائية لأمن ولاية الطارف، لمراسلة من المديرية العامة للأمن الوطني مرفقة بتقرير مفصل محرر من قبل لجنة التحقيق الوزارية الموفدة إلى مديرية السكن و التجهيزات العمومية، من طرف وزارة السكن و العمران و المدينة، على خلفية المراسلة الموجهة من قبل والي الطارف السابق تحت رقم 1019/15 المؤرخة في 14/07/2015 لوزير السكن والعمران والمدينة، بخصوص تسجيل تجاوزات بالفساد و تلاعبات بذات المديرية، حيث تضمنت المراسلة عدة نقاط تمثلت على وجه الخصوص في الصعوبات و العراقيل التي سجلتها مديرة السكن و العمران السابقة بعد توليها مهامها تسيير القطاع   بالنيابة، بعد وقوفها على وجود جملة من المشاكل المطروحة من طرف أصحاب مقاولات الإنجاز و مكاتب الدراسات، مما تسبب في انسداد تام في تسوية وضعية المقاولين، الأمر الذي انعكس سلبا على تسليم المشاريع في آجالها المحددة.
و هو ما أدى، تضيف مراسلة الوالي السابق، إلى عرقلة عجلة التنمية المحلية بالولاية، حيث طلب من وزير السكن و العمران و المدينة إرسال لجنة تحقيق   و رفع التجاوزات المسجلة للوصاية لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
 ليتم  إيفاد لجنة تفتيش وزارية  قامت بين 10 و  13 أوت 2015 بالتحري في عديد الملفات والشبهات التي حملتها مراسلة الوالي السابق المرفوعة للوزير ، تم على إثرها تسجيل العديد من التجاوزات و الخروقات  ، تم إدراجها في تقرير لجنة التفتيش رقم 17/36  المؤرخ في 01/09/2015، المرسل لوزير السكن والعمران و المدينة ، والذي من خلاله تم التطرق لعدة نقاط منها ، التأخر الكبير المسجل في إنجاز بعض المشاريع العمومية لبرنامج 2003،2005،2006و2009، بينها مشروع 2000مقعد بيداغوجي برنامج 2006 ، الذي تم منحه عن طريق صفقات بالتراضي البسيط سنة 2014 ، بحجة أنه يكتسي الطابع الاستعجالي.
إضافة إلى التجاوزات المسجلة في 3مشاريع أخرى برنامج 2003و2006 التابعة لقطاع التربية ، وكذا الخروقات المسجلة في العملية المسجلة سنة 2003 الخاصة بمشروع إنجاز المكتبة الولائية ، ومشروع دار الثقافة برنامج 2006 ، والذي لازالت أشغاله معطلة لحد الآن ، ومشروع ثانوية شيحاني برنامج 2008 و أيضا مشروع إنجاز وتهيئة مركزي الحدود أم الطبول والعيون برنامج 2009.
كما سجلت لجنة التفتيش الوزارية في تقريرها المرفوع ، تلاعبات خطيرة بالمشاريع العمومية ذات قيمة مالية باهظة ، منها تجزئة المشروع الواحد من حصة وحيدة إلى عدة حصص ، و في حالات أخرى يتم تجزئة الحصة إلى حصتين أخريين لتجنب مرور الصفقة على لجنة الصفقات للولاية ، مثلما ما هو الحال بمشروع قصر الثقافة ، حيث قسمت الحصة الوحيدة إلى قسمين ، حصة البناء  و حصة هياكل معدنية و تجزئة باقي مشروع  500سرير جامعي إلى 6 حصص و إدراجه بصيغة جديدة كصفقات جديدة ضمن المشاريع التي أعلن عنها لاحقا ، وفقا لمقرر التراضي البسيط.
في حين كان من الواجب ، يقول تقرير لجنة التفتيش الوزارية ، على المصالح المعنية اعتمادها كباقي أشغال وبحصة وحيدة ، كما كان عليه الحال بالصفقة الأصلية ، بالإضافة إلى ذلك سجلت اللجنة تجاوزات وحالات تحايل مفضوحة على غرار إجراء عمليات فسخ تمت على عاتق المقاولة، في حين أن مقررات الفسخ كانت عكس ذلك، مثلما هو الحال بالنسبة لعملية فسخ صفقة مشروع دار الثقافة  التي لم يتم بها إدراج الكميات في مضمون المقررة، زيادة على إشكالية التكفل بملفات المقاولين العالقة على مستوى المديرية المعنية و تأخر تسوية وضعياتهم و مستحقاتهم المالية، و كذا الانسداد السلبي في عملية تسليم المشاريع في آجالها المحددة ، بالرغم من أنها تعود إلى برامج سابقة بين 2003 ،2005،2006،2008.
فضلا عن الزيادة في التكاليف الخاصة بالملاحق و اعتماد أسعار جد مرتفعة خلال عملية مناقشة الأسعار ، مما تسبب في الاختلال بتوازن الصفقات ، و الغياب التام في متابعة المشاريع وعدم الجدية من طرف رؤساء المصالح و الإطارات المعنيين ، و غيرها من النقاط السوداء التي تم التطرق لها في التقرير و ملاحقه، و هو ما يمكن تصنيفه في خانة الفساد المالي و الإداري بالمشاريع العمومية.
و خلال المحاكمة، أنكر جل المتهمين الاتهامات الموجه لهم، مشيرين إلى أن تجزئة بعض المشاريع و منح الصفقات بالتراضي البسيط أملته الضرورة و الطابع الاستعجالي للعملية، و أن اللجوء إلى الفسخ و إعادة إسناد المشاريع لمقاولات أخرى، يبقى الهدف منه الإسراع في تسليم المشاريع في مواعيدها، و أن كل الإجراءات تمت في إطارها القانوني، فيما نفى متهمون آخرون ضلوعهم   في هذه القضية التي وجدوا أنفسهم متابعين فيها دون أي سبب واضح على حد تعبيرهم.
نوري.ح

الرجوع إلى الأعلى