تأخر الجني و مخاوف الحرائق تهدّد أطنانا بالتلف        
استعجل منتجو الطماطم الصناعية بولاية الطارف، تدخل الجهات الوصية لتسهيل تسويق محصولهم، بالنظر لزحمة الطوابير الطويلة للشاحنات و الجرارات أمام الوحدات التحويلية التي تنتظر دورها لوقت يصل إلى 30 ساعة تحت أشعة الشمس الحارقة لدفع المحصول، تزامنا مع توقف بعض الوحدات عن الإنتاج بسبب مناسبة عيد الأضحى، بالشكل الذي تسبب في تلف و تعفن كميات معتبرة  من محصول الطماطم الصناعية و تكبدهم الخسارة في غياب التعويضات في مثل هذه الحالات.  

التسويق ..هاجس المنتجين كل موسم
وذكر بعض المنتجين في تصريح «للنصر»، أن مشكلة التسويق تبقى الهاجس  الكبير الذي يؤرقهم مطلع كل سنة مع انطلاق حملة الجني و التحويل، خاصة بعد توسع المساحة المغروسة في ولاية تبقى حسبهم مصنفة كقطب متخصص في إنتاج المحاصيل الصناعية (الطماطم )، مشيرين إلى عائق التسويق المطروح بحدة هذا الموسم و الذي يبقى يرهن الأهداف المرجوة من حملة الجني والتحويل التي يراهنون عليها في تحقيق إنتاج قياسي يفوق 5 ملايين قنطار، في سابقة منذ نشأة الولاية، ملقين بالمسؤولية إلى المصالح المعنية في عدم وضع إستراتيجية فعالة تنهي معاناتهم مع مشكلة التسويق التي تبقى تهدد مستقبل الشعبة في حالة عدم إيجاد ميكانيزمات عملية مستعجلة لحل الإشكال و إنهاء معاناة المنتجين مع عائق التسويق.
و أمام هذه الوضعية الشائكة، دعا المنتجون، السلطات العمومية، لوضع إجراءات تحفيزية لمرافقتهم لإنجاح حملة الجني والتحويل وتحقيق الأهداف المرجوة  إلى جانب حرصهم على ضرورة وضع إجراءات تحفيزية لتسديد مستحقاتهم في الآجال المحددة و مرافقة الديوان الوطني  للخضر و الفواكه لدفع قيمة دعم الدولة الموجهة للشعبة و المقدرة بـ4 دنانير للفلاح و 1.5 دينار للمحول و هذا أمام المتاعب الكبيرة التي يواجهها المنتجون كل موسم مع المحولين للحصول على مستحقاتهم المالية و التي دفعت بالبعض منهم إلى تعليق نشاطهم .
و ذكرت جمعية شعبة الطماطم الصناعية، أنه و بسبب مشكلة التسويق و عجز الوحدات التحويلية المحلية عن استيعاب كميات محصول الطماطم الصناعية و الابتزاز الذي يشكو منه المهنيون في قبول منتوجهم، اضطر بعض المنتجين لنقل محصولهم من اجل تسويقه نحو وحدات الولايات المجاورة مثل عنابة و قالمة و حتى ولاية سكيكدة، رغم ارتفاع تكاليف النقل و العناء، فيما سارعت بعض الوحدات التحويلية في هذه الولايات، من أجل التكفل بتوفير وسائل النقل لتخفيف الأعباء على المنتجين، لاقتناء أكبر الكميات و إنقاذ المحصول من التلف و التعفن، حيث يبقى فيه الطلب على المحصول المحلي المشكل جله من الأصناف الهجينة كبيرا لجودته و نوعيته العالية، هذا في حين لجأ منتجون آخرون لتحويل كميات معتبرة من الطماطم لطرحها في الأسواق للاستهلاك الطازج، في محاولة لتجنب الخسارة بسبب موجة الحرارة الشديدة في هذا الفصل و هو ما أدى إلى تراجع الأسعار في الأسواق إلى حدود 30 دينارا للكلغ، بعد أن كانت خلال الأيام الفارطة بـ 70 دينارا للكيلو.
في حين أبدى بعض المنتجين قلقهم من مغبة تعرض حقول الطماطم للحرائق، بعد تأخر عملية الجني و التسويق، حيث باتت حسبهم حوالي ألف هكتار عرضة للحرائق الصيفية و السرقة و ما زاد الأمر تعقيدا، يضيف هؤلاء، هي مشكلة نقص العمالة التي تطفو للسطح كل موسم، رغم التحفيزات المادية التي يضعها المنتجون لاستقطاب العمالة لجني محصولهم و التي تفوق 1800 دينار لليوم، ليبقى الحل في معالجة المشكلة بحسب المنتجين، في ضرورة مكننة الشعبة للتخلص نهائيا من مشكلة نقص اليد العاملة التي باتت ترهن حملتي الغرس و الجني كل موسم.  
فتح 6 وحدات تحويلية لاستقبال المحصول
و أوضحت مصادر مسؤولة بمديرية المصالح الفلاحية، بأنه تم فتح 6 وحدات تحويلية لاستقبال محصول الطماطم الصناعية بطاقة تحويل تقدر بحوالي 10 آلاف طن يوميا، في حين مازالت أبواب وحدتين مغلقة لمشاكل مع البنوك، كما تم  تنصيب لجنة لمتابعة حملة الجني و التحويل من أجل التدخل لإزالة كل العوائق التي قد تعترضها، خاصة ما تعلق بمشكلة التسويق مع وفرة الإنتاج هذا الموسم، كما تم عقد لقاءات تنسيقية بين كل الشركاء لضبط كل الأمور التقنية لإنجاح حملة الجني و التحويل التي انطلقت منذ 20 يوما، وسط توقعات بتحقيق إنتاج تاريخي يفوق 5 ملايين قنطار، بمعدل لا يقل عن 800 قنطار في الهكتار، بزيادة نصف مليون قنطار عن إنتاج الموسم الفارط الذي بلغ 4.5 مليون قنطار.
و أوعزت المصالح المعنية القفزة النوعية لشعبة الطماطم الصناعية، إلى تراجع الأمراض الطفيلية و الظروف المناخية الملائمة التي ميزت الموسم الفلاحي و تحكم المنتجين في المسار التقني و خصوصا السقي بالتقطير و استعمال أصناف الطماطم الهجينة ذات المردودية الكثيفة.
و ذكر مصدر مسؤول، أن المساحة المغروسة قفزت من 4500 هكتار الموسم الفارط، إلى أزيد من 5 آلاف هكتار هذه السنة و هذا بعد عودة عشرات المنتجين  لمزاولة نشاطهم بعد هجرة أراضيهم، على إثر الإجراءات العملية المتخذة من قبل السلطات العمومية، لإعادة بعث هذه الشعبة ذات القيمة الاقتصادية و الاجتماعية، فضلا عن التدابير التي اتخذتها الوصاية للتكفل بمشاكل المنتجين و المحولين على حد سواء، بما فيها التكفل بحل مشكلة السقي، من خلال تخصيص 10 ملايين متر مكعب من مياه سد الشافية، لسقي الطماطم الصناعية على مساحة تفوق 4 آلاف هكتار، حوالي 200 هكتار منها في سهل بوناموسة بكل من بلديات الذرعان، بن مهيدي، البسباس و عصفور، إضافة إلى ترخيص السلطات المحلية للفلاحين بإنجاز آبار عميقة و هو ما أسهم في الرفع من مردود إنتاج الطماطم الصناعية بالولاية.
و تؤكد مصالح الفلاحة، على أن 98 بالمائة من المساحة المغروسة من الطماطم، تخص الأصناف الهجينة ذات النوعية و المردودية الكثيفة التي يتعدى مردودها ألف قنطار في الهكتار و هو ما سمح بالرفع من قدرات الإنتاج نوعا و هذا بعد أن عمدت مصالح الفلاحة إلى توفير أكثر من 40 مليون شتلة لتغطية حاجيات المنتجين، في حين تم تخصيص مساحة 2500 هكتار بسقيها عن طريق التقطير  وفق عقود مبرمة مع 500 منتج و كذا سقي 3 آلاف هكتار بمختلف أنماط الري الأخرى، ما سمح بتوفير مردود إنتاجي تراوح بين ما بين ألف و 1500 قنطار في الهكتار.
و أفادت نفس المصالح، بأنه و من أجل تجاوز مشكلة التسويق، تم إبرام اتفاقيات مع 450 فلاحا لتسهيل تسويق محصولهم نحو الوحدات التحويلية، مقابل حصول المنتج على دعم الدولة المقدر بـ4 دنانير و المحول على 1.5 دينار للكلغ الواحد من الطماطم، في وقت تطمح فيه السلطات المحلية أمام الإجراءات المتخذة لإعادة بعث و تطوير الشعبة، ما جعل الولاية قطبا للطماطم الصناعية و ذلك بمرافقة المنتجين و المحولين و توسيع المساحة، موازاة مع دعوة المستثمرين لإنشاء وحدات تحويلية مع المرافقة لهم .
80 بالمائة للتحويل والباقي للاستهلاك الطازج
مصالح الفلاحة أشارت إلى أن 80 بالمائة من إنتاج الطماطم الصناعية سيذهب للتحويل، فيما يوجه باقي المحصول لسد حاجيات السوق المحلية من الاستهلاك الطازج، أمام تزايد الطلب على هذه المادة خاصة في هذا الفصل، على أن يحول فائض المحصول بتسويقه نحو الوحدات التحويلية الأخرى خارج الولاية، في الوقت الذي كشفت فيه مصادرنا، أن إنتاج ولاية الطارف من الطماطم المصبرة، يشكل 40 بالمائة من الإنتاج الوطني الذي بقي في حدود 120 ألف طن.
و قد تقرر لأول مرة إدراج شعبة الطماطم الصناعية في برنامج المكننة، من خلال دعم المنتجين بآلات الجني و تشكيل تعاونيات ما بين المنتجين لإقتناء العتاد الفلاحي الخاص بالمكننة و الذي تبقى تكلفته باهظة، حيث قام بعض كبار المنتجين باقتناء هذه التجهيزات الحديثة و هو ما سمح بتجاوز مشكلة نقص العمالة التي كانت تطرح مع انطلاق حملة الجني أو الغرس، في انتظار تعميم العملية على باقي المنتجين .         نوري.ح

الرجوع إلى الأعلى