يشكل الانتشار الواسع للوحدات الصناعية و وحدات التخزين المنجزة بطرق عشوائية، في مناطق التوسع الصناعي الفوضوية بولاية برج بوعريريج، أكبر مشكل و عائق يحول دون التسوية العقارية، بعدما تعمد عشرات المستثمرين و رجال الأعمال على مدار العشريتين الفارطتين، توطين مستثمراتهم فوق أراض فلاحية بشكل عشوائي و دون الحصول على رخص البناء، بتواطؤ من قبل مصالح المراقبة التي غضت الطرف عن مثل هذه التجاوزات، حيث شيدت مصانع بجوار الأودية و بمناطق غير قابلة للتعمير، ناهيك عن تحول مساحات فلاحية واسعة إلى مناطق للتوسع الصناعي و النشاطات التجارية بشكل فوضوي.
و يشكل هذا العائق، واحدا من أهم التحديات التي تراهن اللجنة الولائية لمتابعة الاستثمار المنصبة مؤخرا، من أجل حلها، من خلال التسوية النهائية لمشكل العقار و البحث عن الطرق و الآليات الممكنة لفضها في أقرب الآجال، بعد تعذر جميع المساعي السابقة، لإدراج هذه المناطق ضمن مخطط شغل الأراضي والتهيئة العمرانية، و من ذلك تسهيل إجراءات التسوية العقارية، بما فيها المخطط الأخير الذي عرض على دورة المجلس الشعبي الولائي قبل أشهر و كان مصيره الرفض لتسجيل عديد التحفظات، على الرغم من عدم تحيينه وتعديله منذ مدة تزيد عن 15 سنة .
و كان لأعضاء اللجنة الولائية لمتابعة الاستثمار زيارة ميدانية يوم أمس، للعديد من الوحدات الصناعية التي لا تزال بحاجة إلى التسوية العقارية، على غرار الوحدة الصناعية ( برج ستيل) التي دخلت حيز الإنتاج منذ سنوات، غير أنها لاتزال بحاجة إلى تسوية لمشكل العقار، في ظل تأخر تسوية رخصة البناء التعديلية، بالإضافة إلى أزيد من 17 وحدة صناعية و وحدات للتخزين التي دخل أغلبها حيز الخدمة بمنطقة النشاطات الصناعية الفوضوية لشبور الواقعة بجوار الطريق الوطني رقم 5 في جزئه الرابط بين بلديتي البرج و اليشير، أين عمد عشرات المستثمرين إلى توطين مشاريعهم ومستودعات عملاقة بالمنطقة، فضلا عن إنجاز مصانع و تزويدها بوحدات للإنتاج و التخزين، قبل تسوية مشكل العقار و الحصول على الرخصة، بعد تلقيهم لوعود بتسويتها فيما بعد غير أنها بقيت عالقة منذ سنوات، حيث قام أغلبهم بشراء أراض ذات طابع فلاحي، و حولوها إلى منطقة نشاطات دون المرور عبر الإجراءات الواجبة للتسوية العقارية، ما خلف عديد المشاكل و العوائق الإدارية و الفراغات القانونية في تسيير هذه المنطقة و كيفية التعامل مع المستثمرين، بعد تجسيد مشاريع لعشرات المصانع ودخولها مرحلة الإنتاج، في حين مازال مستثمرون آخرون ينتظرون تسوية الملف و الحصول على الرخصة لدخول مرحلة الإنتاج.
و قد تمت معاينة مصانعهم و السماع لانشغالاتهم من قبل أعضاء اللجنة و حثهم على تشكيل ملفات للتسوية و عرضها على اللجنة الولائية، التي ستحاول فض الإشكال أو تحويله إلى اللجنة الوطنية لدراسته بغية إيجاد الصيغة الممكنة للتسوية.
و يطرح مشكل التسوية بحدة، بعدماتحولت بعض الوحدات الإنتاجية و مراكز تخزين لمواد سريعة الاشتعال، إلى مصدر خطر، في ظل انعدام التهيئة والحوادث الخطيرة المحتملة، على غرار الحرائق التي اندلعت بوحدات صناعية بالمنطقة والتي كادت  تأتي على وحدات صناعية أخرى، أمام الانعدام التام للرقابة كون أغلب هذه المصانع منجزة بطرق غير قانونية، وغير خاضعة للتأمين عن الحوادث والكوارث في الغالب.
و خلفت هذه الوضعية انتشار وحدات صناعية بضواحي المدن الكبرى وخاصة عاصمة الولاية، وبجوار شبكة الطرقات الوطنية في مختلف الاتجاهات، ما أضحى يمثل إشكالا حقيقيا، في ظل تعذر جميع المساعي للتسوية العقارية، على مدار عشريات كاملة و اصطدامها بثقل ملف الإجراءات الإدارية و القانونية و القرارات الصارمة لحماية الأراضي الفلاحية من توسع الإسمنت، في وقت تحولت هذه المجمعات الصناعية وخاصة منطقة النشاطات لشبور، إلى قطب صناعي هام بالولاية يسير بطرق عشوائية و فوضوية و بحاجة، حسب ما أكده أعضاء اللجنة الولائية لمتابعة الاستثمار خلال تنقلهم إلى مختلف الوحدات الصناعية، لحلول استعجالية نهائية من خلال البحث عن الآليات الممكنة لإدخالها ضمن مخططات شغل الأراضي و البحث مع الوزارات المعنية على غرار وزارة الصناعة و وزارة الفلاحة، عن حلول في إطار القرارات و التدابير المتخذة لتشجيع الاستثمار و النهوض بقطاع الصناعة، بداية برفع العراقيل و التراكمات التي أفرزتها حالة التسيير الارتجالي لملف الاستثمار على مر عقود خلت بالولاية و بالأخص خلال العشريتين الفارطتين.
تجدر الإشارة، إلى أن محاولات عرض ملف التسوية العقارية، و مخطط شغل الأراضي، في دورات المجلس الشعبي الولائي، باءت في مجملها بالفشل، بالنظر إلىالحسابات والحساسية التي صاحبت دراسة و عرض الملف و المناطق المدرجة في مخطط التسوية، أين كان النقاش الدائر حول منطقة النشاطات الفوضوية لشبور بطريق اليشير، من بين أهم الأسباب التي أدت إلى رفض المصادقة عليه وتجميد المخطط، في ظل رفض أغلبية الأعضاء تمريره، وتأجيل عرضه للمناقشة، لأسباب أرجعوها إلى التخوف من فتح هذا الملف الذي سجلت به عديد التجاوزات و تراكمات لسوء تسيير ملف العقار بالولاية، و بالأخص بمدينة البرج التي ورثت ملفات شائكة، منها من بلغت إلى أروقة العدالة، فضلا عن الارتجالية في التسيير على مدار عشريات كاملة، ما أفرز وضعية تتسم بالعشوائية وحالة من الفوضى في قطاع البناء والتعمير.
ع/بوعبدالله

الرجوع إلى الأعلى