أدانت، أمس، محكمة الجنايات الاستئنافية بمجلس قضاء سكيكدة، صاحب مصنع يدعى (ر.م)، بجناية تهريب الوقود الذي يهدد الاقتصاد الوطني و جنحة حيازة مخزن معد للاستعمال في التهريب داخل النطاق الجمركي و جنحة ممارسة تجارة غير شرعية عن طريق بيع مواد أولية في حالتها الأصلية، تم اقتناؤها قصد التحويل و جنحة تحرير عمدا شهادة تثبت وقائع غير صحيحة ماديا و استعمالها و عاقبته بثماني سنوات سجنا،  بينما التمس النائب العام تسليط عقوبة 10 سنوات سجنا، مؤكدا في مرافعته أن أركان الجرم قائمة في حق المتهم، مبرزا خطورة هذه الجريمة على الاقتصاد الوطني و المجتمع.
حيثيات القضية تعود إلى 17 مارس، عندما قدم وكيل العبور لمصالح الجمارك بميناء سكيكدة، ثمانية تصريحات جمركية من أجل القيام  بتصدير 40 حاوية ذات 20 قدما لفائدة الشركة ذات المسؤولية المحدودة المسماة (سولفن بانت) لصاحبها المسمى (ر.م) الكائن مقرها بمنطقة الايداع حمروش حمودي ببلدية حمادي كرومة، على أساس أنها مادة "ديليون" بكيمة إجمالية تقدر بـ816.8 طنا بقيمة 244.824.00 أورو و سعر وحدوي يقدر بـ0.3 للكيلوغرام الواحد.
و أثناء قيام مصالح الجمارك بعملية المراقبة، راودتهم شكوك حول طبيعة البضاعة محل التصدير، بعد تسجيلهم لانبعاث رائحة مادة المازوت من الحاويات و عليه، تقرر توقيف عملية التصدير و في اليوم الموالي 18 مارس، قامت مصالح الجمارك بأخذ ثلاث عينات من ثلاث حاويات و إرسالها إلى مخبر شركة سوناطراك لإجراء عملية التحاليل المخبرية للتأكد من طبيعتها، حيث أسفرت نتائج التحاليل عن كون البضاعة عبارة عن مادة (كيروزان) و في 19 من نفس الشهر، قامت ذات المصالح بأخذ ثماني عينات على عدد من التصاريح الجمركية و إرسالها إلى نفس المخبر و أظهرت التحاليل أنها مادة المازوت (غازوال) نوع (NAB110) و بعد تسجيلها لاختلاف في نتائج التحاليل المخبرية لعشر عينات مأخوذة من عشر حاويات للبضاعة محل التصدير، قامت مصالح الجمارك بأخذ 30 عينة من الحاويات المتبقية، و ارسلتها إلى نفس المخبر، لتسفر النتائج بتاريخ 29 مارس 2020، عن كون البضاعة عبارة عن مادة المازوت.
و على ضوء هذه النتائج، تم إخطار وكيل الجمهورية بمحكمة سكيكدة، الذي أمر الفرقة الاقتصادية و المالية بفتح تحقيق معمق في القضية و بناء على تقرير مفتشية الجمارك، أعادت الفرقة الاقتصادية و المالية إخضاع البضاعة للتحاليل المخبرية بالمخبر التابع لشركة سوناطراك و عينات على مستوى المخبر الجهوي للشرطة العلمية و التقنية بقسنطينة و تبين أن محتوى البضاعة عبارة عن مادة المازوت، عكس ما هو مصرح به ضمن وثيقة التصريح الجمركي.
و توسيعا للتحقيقات، قامت مصالح الجمارك بالاتصال بمؤسسة نفطال التي ردت بأن المتهم قدم طلبا لعقد اتفاقية مع مصالح نفطال للحصول على مادة المازوت، مقدما طلبا للتموين بكميات معتبرة قدرت بـ 20 ألف طن، بمعدل 24 مليون لتر، لكن المؤسسة سجلت تحفظات بعدم ملاءمة الورشة و بسبب عدم قيام صاحب المصنع برفع التحفظات، لم يتم إبرام الاتفاقية، ما جعل المتهم يقوم باقتناء البضاعة من التجار الخواص بكميات جد معتبرة، كما كشفت التحقيقات، عن كون المنتوج لا يحوز على أي اعتماد و لا علامة تسجيل تجارية (الوسم) و بعد تقديم البطاقة التقنية لصاحب المصنع على البضاعة لدى رئيس دائرة المخبر بمركب تكرير البترول، أكد أنها لا تتطابق مع محتوى الحاويات، كما أن المتهم كان بصدد تهريب البضاعة إلى تونس، المغرب و موريتانيا و أنه شريك مع متعاملين من تونس و الجزائر في شركات أخرى.
أثناء المحاكمة أنكر المتهم الجرم المنسوب إليه و ظل متمسكا في تصريحاته بأن البضاعة عبارة عن مادة "ديليون" و ليس مازوت، متحججا بكون مخبر التحاليل بمركب تكرير البترول التابع لشركة سوناطراك غير مؤهل لتحديد نوعية و طبيعة الخليط و تحديد نسبة كل مادة من مكوناته، مضيفا بأن المادة الأولية قام باقتنائها من عند الخواص و قام بخلطها في صهاريج بمادتي الكيروزان و الوايت سبيريت، ثم قام بشحنها في الخزانات لتصديرها.
و أكد دفاع المتهم في مرافعاته، أن موكله قام بتمرير حاويات البضاعة على مصالح الجمارك و لا يوجد تهريب من الناحية القانونية، معتبرا أن اختلاف نتائج التحاليل في العينات الأولى، يطرح شكا حول مدى دقة المخبر الذي أجريت فيه التحاليل التي جاءت، مثلما قال، غير دقيقة و غير منطقية.
كمال واسطة

الرجوع إلى الأعلى