عالجت المحكمة الابتدائية بدائرة الحروش بولاية سكيكدة، أمس، قضية التزوير في الشهادات وبيعها لبطالين من مختلف ولايات الشرق الجزائري، مقابل أموال، من أجل تكوين ملفات والحصول على قروض بنكية لتمويل مشاريع في إطار المقاولاتية، حيث اتهم فيها 55 شخصا، على رأسهم نائب المدير و وسطاء مكلفون بجلب الزبائن ومتربصون من مختلف ولايات الشرق الجزائري.
النيابة العامة اعتبرت في مرافعتها، أن القضية خطيرة وتقوض مجهودات الدولة في مجال التكوين المهني، وأضافت أن المتهم الرئيسي خان الأمانة بانتحاله صفة المدير، من خلال إنشاء إدارة موازية في منزله الوظيفي بالمركز وعليه التمس من هيئة المحكمة تطبيق القانون في حق جميع المتهمين، فيما سيتم النطق بالحكم الأسبوع القادم.
القضية التي أثارت الرأي العام تعود حيثياتها إلى ماي 2021، عندما خرج مدير المركز التكوين المهني في عطلة بسبب ترشحه في الانتخابات  التشريعية، حيث منح للمتهم تفويضا بالنيابة، وبعودته إلى العمل اكتشف وجود شهادات المصادقة على الكفاءات المكتسبة مشكوك في صحتها.
وبعد فتح تحقيق داخلي توصل المدير إلى أن المتهم الذي يشغل منصب رئيس مصلحة التكوين البيداغوجي الحضاري، قام بتزوير الشهادات المذكورة باستعمال ختم مزور، وبيعها لمتربصين مزعومين من ولايات الطارف، قالمة، عنابة، قسنطينة، وسوق أهراس مقابل أموال، وتوصل المدير إلى اكتشاف كم هائل من الشهادات المزورة وأزيد من 100 شهادة صحيحة وعلى إثرها تقدم بشكوى لوكيل الجمهورية.
وتم فتح تحقيق في القضية كشف عن وجود تلاعبات وتجاوزات كثيرة قام بها المتهم الرئيسي في عملية إصدار شهادات المصادقة على الكفاءات المكتسبة، وبتفتيش منزله الوظيفي داخل المركز، عثر على مبالغ مالية هامة وأجهزة تستعمل في التزوير وأختام وكم هائل من الشهادات المزورة، قبل أن تحل لجنة من وزارة التكوين المهني إلى المركز للتحقيق في القضية.
وأثناء المحاكمة أنكر المتهم الرئيسي الجرم المنسوب إليه وصرح بأن الشهادات التي أصدرها المركز والمختومة من طرفه، كلها صحيحة، مقترحا على هيئة المحكمة إجراء خبرة عليها و إن ثبت أنها مزورة فهو مستعد لأي عقوبة، كما أرجع عدم تلقي المتربصين لأي تكوين أو امتحان داخل المركز، إلى افتقار الورشات للأجهزة والعتاد المطلوب في التخصصات التي سجلوا فيها.
وأضاف المتهم أنه قام باستلام أموال مقابل الشهادات وفق المبلغ المحدد من طرف إدارة المركز، وقد سلم للإدارة بعد رجوع المدير من العطلة، مبلغ 22 مليون سنتيم، معترفا بأنه قام بإبرام اتفاقية مع معهد خاص بسوق أهراس ومنح شهادات لمتربصين بختم مركز التكوين بالحروش، كما قال إن إدارة مركز التكوين كانت بحوزتها ثلاثة أختام وليس ختما واحدا كما ذكر المدير، متراجعا بذلك عن اعترافاته أمام الضبطية القضائية التي أقر فيها بالوقائع المنسوبة إليه مرجعا ذلك إلى ظروفه الاجتماعية الصعبة.
من جهته صرح مدير المركز بأنه خرج في عطلة بعد ترشحه للانتخابات التشريعية ومنح تفويضا بالنيابة للمتهم، لكن لما استأنف العمل بعد شهر، لاحظ  أمورا غير عادية بالإدارة، منها على وجه الخصوص شهادات المصادقة على المكتسبات وعدم تدوينها في السجل كما هو معمول به، مضيفا أنه لما أجرى تحقيقا داخليا تأكد من وجود تزوير في الختم، كما استقبل متربصين من ولايات قالمة، الطارف، عنابة وسوق أهراس، بينهم فتيات ونساء قدموا من أجل التأكد من صحة الشهادات التي استلموها وأكدوا له أنهم لم يتلقوا أي تكوين أو امتحان وإنما منحت لهم الشهادة من طرف المتهم مقابل أموال.
وصرح مدير المركز بأنه وجد شهادات صادرة في شهر أوت وهي فترة عطلة، كما وجد متربصين حتى من غرداية  وعثر على المئات من الشهادات من حوالي 160 وثيقة صحيحة، بالإضافة إلى ما عثرت عليه الضبطية القضائية بعد تفتيشها للمنزل الوظيفي للمتهم، مؤكدا أن إدارة المؤسسة لها ختم واحد خاص بالمدير وليس ثلاثة كما يدعي المتهم.
كما صرح المتربصون الذين ينحدرون من ولايات عنابة، الطارف، قالمة، سكيكدة وسوق أهراس، بأنهم بطالون وأصحاب حرف في مختلف التخصصات، تقدموا بملفات من أجل الحصول على شهادة المصادقة على المكتسبات، لاستعمالها في ملف الحصول على قرض لإنشاء مؤسسات أو فتح محلات مقابل أموال تراوحت قيمتها بين مليون سنتيم 10 ملايين، لكنهم لم يتلقوا أي تكوين أو امتحان.
كمال واسطة

الرجوع إلى الأعلى