المؤبد لقاتل ابن رجل أعمال بحي بارة لخضر بقالمة  
أصدرت محكمة الجنايات بمجلس قضاء قالمة أمس الاثنين؛ حكما بالسجن المؤبد في حق المسمى (ل.م) البالغ من العمر 25 سنة المتهم بقتل ابن رجل أعمال معروف بمدينة قالمة في شهر أفريل من سنة 2014 ،في واحدة من أبشع و أذكى جرائم القتل التي وقعت بالمدينة في السنوات الأخيرة.  
و حسب وقائع القضية المثيرة فإن عصابة مجهولة نفذت عملية سرقة لمحلات رجل الأعمال المتواجدة بحي بارة لخضر الواقع بالضاحية الشرقية للمدينة و وجهت أصابع الاتهام لمجموعة من الشباب المنحرفين بالحي الشعبي الكبير بينهم الجاني الذي غضب كثيرا و قرر الانتقام من أحد أبناء رجل الأعمال بعد أن ورد اسمه في قائمة المجموعة التي يعتقد بأنها نفذت عملية السطو.  
قبل تنفيذ الجريمة خطط بدقة حتى لا ينكشف أمره و حتى لا يقع تحت طائلة العقوبات الثقيلة في حالة القبض عليه، اختار إحدى ليالي شهر أفريل ودخل في ملاسنات مع الضحية الذي لم يكن يعلم بأن الوضع خطير و أنه مستهدف بعمل إجرامي تم تدبيره منذ عدة أيام.  
دارت ملاسنات حادة بين الطرفين عن بعد دون أن يقع أي التحام بينهما و في هذه الأثناء كان الجاني يضع يديه خلفه و يقترب من الضحية و في لمح البصر أخرج سكينا كبيرا و قطع وريد الرجل الأيسر و لاذ بالفرار.  
سار الضحية أمتارا قليلة ثم سقط و نقل بسرعة إلى مستشفى الحكيم عقبي القريب من مسرح الجريمة و حاول الأطباء إنقاذ حياته لكنهم فشلوا في النهاية و لم يتمكنوا من وقف النزيف الحاد و الدماء التي كانت تندفع بقوة من الوريد المقطوع، و توفي الضحية تاركا وراءه أب و أم و إخوة تحت وقع الصدمة التي استمرت آثارها المدمرة إلى تاريخ المحاكمة عندما أظهر محامي العائلة الجريحة صورا للوالد و هو ملقى على سرير المستشفى من هول الفاجعة التي تركت أثارا واضحة عليه عندما حضر أمس جلسة المحاكمة رفقة بقية أفراد العائلة.  
خلال جلسة المحاكمة حاول المتهم التراجع عن أقواله السابقة و صرح بأنه لم يكن ينوي قتل الضحية بل حاول الدفاع عن نفسه عندما تعرض لاعتداء من طرف الضحية حسب قوله ، مضيفا أمام الهيئة الجنائية بأنه فعلا استعمل الخنجر لكنه لم يكن يعلم بأنه أصاب الضحية في مكان قاتل و انه أراد تخويفه فقط  حتى يبتعد عنه.  
و بالرغم من محاصرته من قبل قضاة محكمة الجنايات و هيئة الدفاع بدلائل قاطعة تثبت نيته في إزهاق روح الضحية عمدا غير أن المتهم واصل الهروب و كأنه يتحدى الهيئة الجنائية أن تثبت بأنه تعمد قتل غريمه و أنه كان مصرا و مخططا لتنفيذ العملية.  
كان يتحدث بثقة كبيرة و كأنه مجرم محترف تعود على إزهاق الأرواح و الإفلات من العقاب، لكن خبرة القضاة جعلته ينهار في النهاية و يتعرف بالجرم المنسوب إليه و هو طعن الضحية في الرجل بنية تخويفه وليس لقتله.  
و جاء تقرير الطبيب الشرعي صادما للمتهم « الطعنة غائرة بعمق 10 سنتيمترات و المكان هو وريد الفخذ الأيسر دون سواه».  
و قالت النيابة العامة بأن قضايا قتل كثيرة مرت على محكمة الجانيات تمت بنفس الطريق البشعة، قطع الشريان الرئيسي بطعنة واحدة للهروب من تهمة القتل العمدي و الإصرار و هو ما قام به الجاني الذي كان يعرف موقع الشريان الرئيسي و يعرف أيضا بأن طعنة واحدة ربما تصنف في خانة الضرب و الجروح العمدية المفضية إلى الوفاة دون قصد إحداثها، و عندها تكون العقوبة أخف بكثير من عقوبة القتل العمدي مع سبق  الإصرار و الترصد التي تقود إلى الإعدام لدى الكثير من قضاة محكمة الجنايات.  
و طالبت النيابة العامة بتسليط عقوبة السجن المؤبد في حق المتهم مؤكدة بأن نية القتل متوفرة و الجاني خطط للعملية و بدقة و عرف مكان الشريان القاتل و أصابه بطعنة واحدة كانت كافية لإزهاق روح الضحية.  
و مر شهود كثيرون أمام الهيئة الجنائية بعضهم حاول قول الحقيقة التي رآها بأم عينيه في تلك الليلة السوداء و البعض تراجع عن تصريحاته السابقة أمام الضبطية و قضاة التحقيق و البعض أنكر معرفته بالمتهم و الضحية و أنكر أيضا رؤيته لوقائع الجريمة.   و بعد غلق باب المرافعات انسحبت الهيئة الجنائية إلى قاعة المداولات السرية قبل أن تعود للنطق بعقوبة السجن المؤبد في حق المتهم الذي كان آخر من يتكلم طالبا تخفيف العقوبة و نادما على جريمة قتل ارتكبت في لحظة غضب و تهور لم يحسب لها حساب.                       فريد.غ                       

الرجوع إلى الأعلى