لخصت حارسة المنتخب الوطني للسيدات فاطمة بلدغم، حصيلة 15 عاما قضتها في ملاعب الكرة، بالقول أنها كافحت واجتهدت قبل أن تتمكن من البصم على مشوار أكثر من حافل في عالم «ذكوري»، مضيفة في حوار للنصر أنها سعيدة بعد اعتزالها كون مسيرتها انتهت بالمشاركة في «كان» غانا التي عددت أسباب الإخفاق به، وهي نفس ما سبق وأن تطرقت له، مدربتها راضية فرتول، كما كشفت الحارسة بلدغم عن مثلها الأعلى وقصتها مع كل من مبولحي وزيماموش ورحماني.
طويت 15 عاما في عالم الكرة وسأتفرغ لتأسيس أسرتي الصغيرة
• عُدتن منذ أيام قليلة فقط إلى أرض الوطن، بعد الإقصاء المبكر، وفي الدور الأول من «كان» 2019 بغانا، هل لك أن تعودي بنا إلى هذه المشاركة، التي اعتبرها البعض بالمخيبة؟
علينا أن لا نلوم المنتخب النسوي، على النتائج المسجلة في نهائيات كأس أمم إفريقيا بغانا، على اعتبار أن الفتيات بذلن كافة المجهودات، في سبيل قيادة المنتخب الوطني نحو النتائج المرجوة، ولكن للأسف الحظ عاندنا، إلى جانب المعطيات الصعبة التي لعبنا فيها، وكلها أمور تسببت في خسارتنا للمباريات الثلاث، ولو أننا ضيعنا فوزا في المتناول، أمام منتخب مالي في المباراة الثالثة، بعد أن كنا متقدمات في النتيجة إلى غاية العشر دقائق الأخيرة، أعتقد بأننا قدمن كل ما نملك، ومن تابعوا لقاءاتنا يدركون مدى التطور الملحوظ للمنتخب الوطني النسوي، مقارنة بالنسخ الماضية.
• يقال بأنك وضعت حدا لمشوارك الكروي، هل تؤكدين لنا هذا ؟
كنت أفكر في الاعتزال منذ فترة، بسبب انشغالي بتحضيرات حفل زفافي، ولكن بعد التأهل إلى نهائيات كأس الأمم الإفريقية بغانا، قلت في قرارات نفسي، بأنه من المستحيل تضييع فرصة المشاركة في تظاهرة بهذا الحجم، حيث طلبت الإذن من زوجي للتنقل مع رفيقاتي إلى غانا، وكلي أمل في البصم على نتائج مميزة، تكون مسك الختام لمشواري الكروي، غير أن الأمور لم تسر معنا كما كنا نرغب، إذ خسرن اللقاءات الثلاث، ما عجل بمغادرتنا للبطولة، ولو أنني عشت لحظات لا تنسى طيلة الدورة، التي أعتقد بأننا قدمن فيها أداء مميزا، خاصة وأننا وقفنا الند للند أمام سيدات البلد المنظم في لقاء الافتتاح، كما كدن نفوز بالنقاط الثلاث في لقاء مالي، لولا التحيز التحكيمي، وبالعودة لجوهر سؤالك، فأؤكد نهاية قصتي مع عالم الكرة، بعد مشوار حافل اعتبره ايجابي، لكن حان الوقت لطي الصفحة والاهتمام أكثر، بعالمي الجديد الذي أسست له رفقة شريك حياتي.
فرتول عددت أسباب الإقصاء ولم تذر الرماد في العيون
• تحدثت مع الناخبة الوطنية بخصوص الاعتزال أم ليس بعد ؟
تجمعني علاقة طيبة بالناخبة الوطنية راضية فرتول، التي كانت مدربتي في فريق فتيات وئام قسنطينة، كما أحيطكم علما بأنها كانت على دراية بكل شيء يخص مستقبلي، ورغم ذلك وجهت لي الدعوة لأشارك في النهائيات الماضية، وهنا أستغل الفرصة لشكرها، وشكر كافة زملائي اللائي بذلن المستحيل في سبيل الوصول إلى أبعد محطة ممكنة في دورة غانا، ولكن للأسف المرور للدور الثاني، لا يزال يعاند منتخبنا النسوي، على أمل فك هذه الشفرة في البطولات القادمة، خاصة وأن مستوانا في تطور ملحوظ، بدليل الاعترافات التي حظينا بها، رغم توديع “كان” غانا مبكرا.
• هل لك أن تعددين لنا أسباب الإخفاق، وهل توافقين المدربة راضية فرتول، التي  بررت ذلك بقلة التحضير وتحيز التحكيم ؟
أشاطر مدربتي راضية فرتول في كل ما قالته، خاصة وأن الجميع لاحظ بأننا ظلمنا كثيرا من طرف التحكيم، خاصة خلال اللقاء الأخير أمام مالي، إذ تم احتساب ضربتي جزاء وهميتين ضدنا، إلى جانب التسللات الواضحة، والتي تسببت في تلقينا للهدف الثالث، وهو ما رجح الكفة للمنتخب المنافس، دون أن ننسى نقص التحضيرات التي عانينا منها، إذ لم يكتمل التعداد سوى خلال الأسبوعين الأخيرين، بانضمام العناصر الناشطة في بعض البطولات الأجنبية، مع قوة المنتخبات التي أوقعتنا معهن القرعة، ويتعلق الأمر بوصيف النسخة الماضية الكاميرون، الذي دك شباكنا بثلاثية كاملة، وكذا البلد المنظم غانا، الذي أحرجناه في لقاء الافتتاح، غير أنه فاز علينا بهدف لصفر.  
كان بالإمكان تحقيق الأحسن في الكان»
• ماذا عن غياب بعض الكوادر، على غرار نعيمة بوهني التي قالت عنها راضية فرتول بأنها افتقدتها كثيرا خلال دورة غانا ؟
كما تعلمون نعيمة بوهني، تمتلك خبرة كبيرة في مثل هذه البطولات الإفريقية، بحكم مشاركتها في أربع دورات كاملة، وبالتالي فإن غيابها عنا في دورة غانا الأخيرة أثر علينا بالسلب، بالنظر إلى الدور الكبير، الذي تقوم به زميلتي السابقة في فريق فتيات وئام قسنطينة، سواء داخل المستطيل الأخضر أو خارجه، لقد استمعت لتصريحات الناخبة الوطني، بخصوص الغياب المؤثر لبوهني، وأنا أوافقها تماما، باعتبار أننا افتقدنا للفعالية أمام المرمى، في غياب الهدافة التاريخية للمنتخب الوطني، التي أجمع الجميع بأن إصابتها في المغرب، كانت ضربة موجعة للمنتخب النسوي.
• هل لك أن تعودي بنا لأولى خطواتك مع عالم الساحرة المستديرة، ولماذا فضلت ولوج هذا العالم، الذي يعتبره الكثيرون بالذكوري ؟
صحيح أن عالم كرة القدم ذكوري بامتياز، غير أن ذلك لم يمنعني من ولوجه في سن مبكرة جدا، إذ أتذكر بأنني التحقت بفريق فتيات نادي الرمشي، وأنا لا أتجاوز الثماني سنوات، وكنت أنشط كمدافعة محورية، ولعبت في هذا المنصب الحساس لسبع سنوات كاملة، قبل أن يقوم مدرب فريق آفاق

غليزان، بتحويلي إلى حارسة مرمى، بعد وقوفه على أدائي المميز في إحدى الحصص التدريبية، أنا راضية بمشواري لحد الآن، خاصة وأنني لعبت لعدة فرق مميزة، كما حملت ألوان المنتخب النسوي لعدة سنوات.
• كيف كان موقف عائلتك بالانضمام إلى أحد فرق كرة القدم؟
صدقوني، عائلتي كانت من أبرز المشجعين لي، ووالدي ووالدتي عملا المستحيل، لكي أبصم على هذا المشوار الحافل في عالم كرة القدم، وهنا أشكرهما، وأتمنى أن أرد جميلهما في أقرب وقت ممكن.
زيماموش ورحماني دعماني وهذا ما جرى في لقائي بمبولحي
• حدثينا عن مشوارك مع الفرق، التي دافعت عن ألوانها طيلة ال15 سنة السابقة؟
بدأت ممارسة كرة القدم من مسقط رأسي بالرمشي (ولاية تلمسان)، إذ لعبت هناك لسنوات عديدة، وكنت أحظى باحترام شديد من سكان المنطقة، الذين اعتبروني بمثابة المثال الناجح للفتاة المكافحة، قبل أن أنتقل إلى آفاق غليزان، وبعدها إلى نجم وهران، لأعود مجددا إلى آفاق غليزان، الذي كان مسيطرا بالطول والعرض على فعاليات البطولة النسوية، لأحط الرحال بعدها نحو فريق الأمن الوطني، ومن هناك صوب فريق فتيات وئام قسنطينة، الذي يعد المحطة الأفضل في مشواري، خاصة بعد فوزي بثنائية البطولة والكأس، في موسم سيظل في أذهان كافة زميلاتي في الفريق.
• ماذا اكتسبت من تجربتك كلاعبة كرة قدم ؟
اكتسبت الكثير من خلال تجربتي الطويلة في عالم كرة القدم، إذ وصلت إلى قناعة مفادها، أن لا شيء مستحيل، وبالعمل والمثابرة والاجتهاد بالإمكان الوصول إلى تحقيق كافة الأحلام، دون أن أنسى العلاقات الأخوية، التي كونتها خارج المستطيل الأخضر، والبداية باحتكاكي بشخصية مثل راضية فرتول، التي تعلمت منها الكثير، سواء مع المنتخب أو حتى في فريق فتيات وئام قسنطينة، أنا سأظل ممتنة لها ولكافة العناصر التي لعبت معي، خاصة وأننا أكدنا بأن المرأة الجزائرية قادرة على كل شيء، شريطة وضعها في أحسن الظروف، مع توفير عوامل النجاح المعروفة.
• من هو مثلك الأعلى كحارس مرمى ؟
كانت لي الفرصة أن التقيت بحارس المنتخب الوطني رايس وهاب مبولحي سنة 2014، حيث اكتفيت بالتقاط بعض صور الذكرى معه، دون أن أحصل منه على أي نصيحة، على عكس ما حدث لي مع حراس آخرين اعتبرهم بمثابة القدوة بالنسبة لي، على غرار حارس إتحاد العاصمة محمد لمين زيماموش، الذي شجعني، وأفادني ببعض التوجيهات، رفقة حارسي شباب قسنطينة شمس الدين رحماني وحسام ليمان، اللذين لا يكفان عن دعمي، خاصة خلال تجربتي بفريق فتيات وئام قسنطينة.

زوجي متفهم ومنحني «ترخيص» المشاركة في الكان
• بماذا تريدين أن تختمي هذا الحوار ؟
أشكركم على هذه الالتفاتة الطيبة، واستغل الفرصة من أجل توجيه عبارات الثناء لكل من لعب معي خلال مسيرتي الكروية، أو ساهم من قريب أو بعيد في تطوير وصقل موهبتي، كما أتمنى حظا موفقا للمنتخب الوطني في قادم الاستحقاقات، دون أن أنسى فريقي فتيات وئام قسنطينة، الذي أرجو أن يعود إلى سابق عهده في أقرب وقت، ولم لا ينجح في معانقة الألقاب من جديد، أنا حزينة لتوديع عالم كرة القدم، وآمل أن أوفق في حياتي الجديدة.
حاورها: مروان. ب

الرجوع إلى الأعلى