الألعاب المتوسطية يمكن أن تتحوّل إلى - مونديال جزائري -

تطرق مختصون في الإعلام خلال ملتقى أشرفت على تنظيمه في نهاية الأسبوع، لجنة تحضير الطبعة 19 للألعاب المتوسطية و جامعة وهران 1، إلى واقع الصحافة الجزائرية اليوم و أهميتها في الترويج و إنجاح التظاهرة الأولمبية التي لم يعد يفصلنا عنها سوى أقل من شهرين، و تناولت المداخلات مختلف الجوانب الواجب التركيز عليها في هذا الحدث الرياضي الذي تعيشه الجزائر، بعد 47 سنة من احتضانها له لأول مرة في السبعينات، مشيرين إلى أن الترويج الفعال و الناجع و الإعلام الاحترافي الإيجابي يمكن أن يحوله إلى «مونديال جزائري».
في هذا الإطار، قال الإعلامي مراد بوطاجين، رئيس لجنة الإعلام التابعة للجنة تحضير الألعاب المتوسطية، أنه لا خوف على تظاهرة الألعاب المتوسطية، لأن الإعلام الجزائري يفرض وجوده و حاضره في الساحة، رغم أنه يتطلب المزيد من التنظيم، و ستكون تغطية مجريات الألعاب كبيرة، فهي لا تتعلق بحدث رياضي وفقط، بل هو حدث ديبلوماسي و اجتماعي وسياسي و اقتصادي.
و أبرز الإعلامي خلال مداخلته في الملتقى، أن الإعلام الجزائري اليوم يزخر بطاقات شبانية من صحفيين وإعلاميين، في ظل تعدد القنوات التلفزيونية و ظهور الإعلام الرقمي، و سيرفعون التحدي، مثلما رفع أسلافهم خلال العشرية السوداء، و علق الطلبة الذين حضروا اللقاء، أن فترة التسعينات هي المحطة التي تركت بصمتها في عالم الصحافة الجزائرية، فقد استهدف الإرهاب العديد من الوجوه الصحفية و الإعلامية، و اغتالها دون ذنب، سوى أنها رفعت التحدي و واصلت عملها.
و ذكر الإعلامي أن الصحفيين كانوا عندما يغادرون مقرات المؤسسات الإعلامية في المساء، لا يعرفون من سيعود غدا للعمل و من لا يعود، وعرج على التحدي الذي رفعه عمال مؤسستي التلفزيون و الإذاعة خاصة، و بعض الجرائد مباشرة بعد الاستقلال، حيث أخذوا على عاتقهم مسؤولية الاعتماد على الطاقات الجزائرية و انطلقوا في البث و نجحوا منذ البداية، إلى غاية إقرار التعددية، فبدأت القوانين تصدر و تؤطر المهنة و المهنيين.
تحديد مفهوم الإعـلام و تكريسه في المؤسسات دعم قـوي للدولـة
بالمناسبة وجه الإعلامي يوسف تازير، رئيس المنظمة الوطنية  للصحافيين  الرياضيين الجزائريين، في كلمته التي ألقاها خلال فعاليات الملتقى، نداءا  إلى السلطات العليا في البلاد، لتحديد مفهوم الإعلام، و هذا ما سيسمح بحل العديد من المشاكل التي تتخبط فيها الصحافة الوطنية حاليا، مشيرا إلى أن هذه المساعي يجب أن تتم بالتنسيق مع الشركاء الاجتماعيين للمهنة.
و أكد يوسف تازير أن الدول القوية ضبطت مفهوم الإعلام و كرسته  في مؤسساتها و حكوماتها، فالإعلام هو الآلية التي تؤثر في الرأي العام من أجل خدمة مصالح البلاد و العباد، مردفا أن الإعلام في الجزائر مر بمراحل عديدة عرفت تطورات و تقلبات و أيضا تجاذبات، حسب كل مرحلة، وصولا إلى الفترة الراهنة التي انفجر فيها المشهد الإعلامي، و الصعوبات التي يواجهها الصحفي اليوم، تنقسم إلى قسمين الأول مهني ويتمثل في جانب التأطير والتكوين و هو مهم جدا للانطلاق في مسار الاحترافية المهنية، وهنا أوضح المتحدث، أنه رغم الانتقادات التي توجه للتكوين الجامعي في أقسام الإعلام و الاتصال، إلا أنه لا يمكن إغفال مسؤولية القائمين على المؤسسات الإعلامية الذين لا يولون اهتماما لتكوين صحفييهم، رغم أن القانون يجبرهم على تخصيص جزء من ميزانيتهم لهذا الجانب.
في المقابل، حسبما أفاد، يلقي الجمهور اللوم غالبا على الصحفي لأن مستواه “ضعيف”، كما حمل المتدخل المسؤولية أيضا إلى المنظمات الصحفية، كونها لم تأخذ مسألة التكوين بجدية، وحتى إن وجدت بعض المبادرات، ففي بعض الأحيان لا يتابع الصحفي الدورات التي تنظمها هذه الهيئات.
و قال الإعلامي يوسف تازير، أن عدم التكوين في الجانب الرياضي، جعل أغلب الصحفيين يعتقدون أن الرياضة هي كرة القدم و فقط، ويتناسون العشرات من الرياضات الفردية و الجماعية، التي تستحق إيلاءها الاهتمام والتغطية الصحفية المناسبة، مضيفا أنه مثلا في الألعاب المتوسطية المقبلة، يوجد 24 تخصصا رياضيا، وهنا كشف أن المنظمة الوطنية للصحافيين الجزائريين، ستطلق دورات تكوينية للصحفيين، للإلمام بالتخصصات المرتقبة في جوان، وكي لا يقدم الصحفي معلومات مغلوطة للرأي العام.
و ذكر المتدخل أنه في ظل غياب نطاق عمل يحدد العلاقة بين المؤسسات الإعلامية والهيئات الرياضية، يسجل إجحاف في حق بعض الصحفيين الذين يحرمون من اعتمادهم لتغطية العديد من المنافسات الرياضية، وعلى رأسها لقاءات المنتخب الوطني.
أما في الشق الاجتماعي، أبرز المتدخل أن العديد من الصحفيين، يعانون من عدم تسديد الرواتب و التعويضات في وقتها، حيث يوجد العديد منهم لم يتقاضوا أجورهم منذ أشهر، معتبرا أن هذه المعضلة لم تجد حلا إلى غاية اليوم، وبالتالي، وفق يوسف تازير، لا يمكن في ظل هذه الوضعية الاجتماعية المزرية، الحديث عن إعلام موضوعي و مهني.
نجاح الألعاب المتوسطية  هو نجاح للجزائر..
 من جهته، اعتبر الدكتور محمد حمادي، أستاذ بقسم الإعلام بجامعة وهران 1، نجاح الألعاب المتوسطية هو نجاح للجزائر، و يمكن أن نجعل منها “مونديالا جزائريا”، بالترويج للطاقة الإيجابية و الابتعاد عن السلبية، داعيا الطلبة في كل ربوع الوطن، إلى المساهمة من منابرهم الأكاديمية وعبر حساباتهم عبر شبكات التواصل الإجتماعي، في المساعي التي تعمل عليها لجنة تحضير الطبعة 19 للألعاب الأولمبية المتوسطية.
و أكد الدكتور حمادي أن تظاهرة الألعاب المتوسطية تكتسي أهمية كبرى بالنسبة للجزائر، و بالتالي فهي بحاجة إلى مشاركة الجميع في التسويق السياحي و الرياضي و لمكتسبات البلاد، وأن كل جزائري من شأنه المشاركة في هذه المنظومة من مكانه، عبر المنصات الرقمية و شبكات التواصل الاجتماعي، داعيا أيضا إلى ضرورة التوقف عن بث السلبيات، رغم أنها موجودة، لكن يجب ترقية صورة الجزائر التي تزخر بإمكانيات كبيرة جدا في كل المجالات.
وتطرق المتدخل في ذات السياق، إلى ظاهرة “المواطن الصحفي” و أفاد أن الدول الغربية وجدت أطرا قانونية لتسييرها، وضبطت لها الحدود الأخلاقية، فهناك فرق بين حرية التعبير و الحرية المسؤولة، بينما لا تزال  دول أخرى تتخبط و أصبح كل مواطن يحمل هاتفا ذكيا أو كاميرا رقمية، ينقل كل ما يجري حوله وينشره ويدونه ويقدمه كمادة إعلامية.
و في بعض الأحيان يسبق الصحفي التقليدي المعتمد من طرف مؤسسته، و بالتالي البث من طرف المواطن، يحمل غالبا معلومات مغلوطة أو يشوبها  الغموض، لكن بعض الصحفيين ينقلونها للإعلام الرسمي المعتمد، دون التأكد من صحتها و مصداقيتها، و دون تفعيل خاصية الاستقصاء والتحري، حيث تحول الصحفي إلى شخص كسول يستقي المعلومات من شبكات التواصل الاجتماعي، ويعيد نشرها.
 كما تعيش الصحافة المكتوبة خاصة، أزمة غير مسبوقة كونها اليوم تحت حصار الإعلام الرقمي، و مثلما أضاف الدكتور حمادي، فإن أكبر تحدي يعيشه الصحفي اليوم، هو أن الجمهور لم يعد متلقي للمعلومة فقط، بل أصبح ينقل وينشر ويقوم بدور الصحفي بواسطة الأجهزة الرقمية المتوفرة لديه.
و أصبح ينافس الصحافة التقليدية في خاصية “الحصري” و”المباشر” وغيرها، لدرجة أن بعض صناع المحتوى على يوتيوب، أصبحوا مرجعا للمعلومة و يستند إليهم الصحفي، كما أن فايسبوك تحول إلى منبر للمحطمين اجتماعيا، و هو المتنفس الوحيد لهم، ينشرون من خلاله معلومات كثيرة و متنوعة، بعضها تنبع من واقعهم و أخرى من نسج خيالهم.
للعلم استهل الدكتور حمادي مداخلته بالعودة إلى تاريخ وظروف الاحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير والصحافة، الذي حمل هذا العام شعار “الصحافة تحت الحصار الرقمي”، لتذكير طلبة الإعلام الذين حضروا الملتقى، بهذا التاريخ وترسيخ معانيه في أذهانهم.
بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى