تعتزم الحكومة إعادة بعث كل المؤسسات المسترجعة بقرارات قضائية والتي كانت مملوكة لرجال أعمال فاسدين، حيث يشكل تدشين وتشغيل مركب سحق البذور الزيتية...
• الإنتاج المحلي يغطي 81 بالمائة من احتياجات البلاد للأدوية كشف وزير الصناعة الصيدلانية، وسيم قويدري، أمس، أن الجزائر ستتحصل شهر أكتوبر المقبل على...
أكدت المفوضة الوطنية لحماية الطفولة، السيدة مريم شرفي، أمس الثلاثاء بالعاصمة، أن الطفل «يعد من بين الأولويات في برنامج رئيس الجمهورية السيد عبد...
* الإجماع الدولي ضامن رئيسي لتسوية عادلة ونهائية * محمود عباس يشيد بالدور البارز للجزائر * ست دول جديدة تعترف بالدولة الفلسطينية أحمد عطاف يؤكد من...
طغى «حديث الشيوخ» هذه الأيام على الحياة الوطنية، حيث شرع سياسيون وعسكريون سابقون وشخصيات تاريخية في عملية تصفية حساب واسعة عبر وسائل إعلام بشكل يوحي بوجود مواجهة مصيرية.
والغريب أن هذه المعارك أصبحت تدور على الصفحات الأولى للجرائد وفي بلاتوهات التلفزيونات وعلى المواقع الالكترونية، وكأن الحياة الوطنية تتوقف على الشهادات والاتهامات التي يتبادلها خارجون من الخدمة.
صحيح أن النقاش في مسائل تاريخية وتقديم شهادات وكتابة مذكرات من شأنه أن يغني الذاكرة الوطنية ويوفر مادة للمؤرخين والباحثين، كما أنّه يمنح فرصة لكشف حقائق عن فترات من تسيير البلاد، لكن استخدام كلّ ذلك في محاولة للتأثير على الحياة الوطنية يكشف عن استماتة من الشيوخ في البقاء في مقدمة المشهد الوطني الذي لم ينتبهوا إلى أنه تغيّر بفعل «دورة الحياة» -على حد تعبير الراحل آيت أحمد- التي دفعت بجيل جديد قليل الاهتمام بالحروب القديمة، وبتغيّر اهتمامات الجزائريين المنفتحين على عالم يتطوّر باستمرار والذي يجعلهم في غنى عن ذكريات أشخاص توقّف زمنهم فسعوا إلى توقيف الزمن. والأخطر من كلّ ذلك أن التراشق و استخدام لغة التهديد يُبرز صورة لا تسرّ الناظر لهؤلاء الذين كانوا يمسكون بعجلة قيادة البلاد و لازالوا يقدّمون أنفسهم كأوصياء على المستقبل أيضا، ولأنّهم لم يرحموا أنفسهم بالصّمت فإنهم يسيئون إليها وهم يحاولون احتكار أدوار البطولة وتسفيه الآخرين، بل ويقدّمون، أحيانا، أدلّة إدانتهم طواعيّة، وإلا كيف نفسّر تفاخر شخصيات بسلوكات يعاقب عليها القانون ويدينها التاريخ.
وربما خدم ركود الساحة السياسية هؤلاء ومكّنهم من تسيّد المشهد، إعلاميا على الأقل. ركود
(و أخواته) أنجب عزوفا في ممارسة السياسية بين الأجيال الجديدة من الجزائريين ما جعل الوجوه ذاتها تتكرّر في جميع المراحل وهو وضع غير صحي ومخيف في بلد أغلبية ساكنته من الشباب.
من جهة أخرى فإن الجدل الدائر يغطي على رهانات أخرى وعلى مسائل وطنية وإقليمية جديرة بالنقاش، وفي مرحلة دقيقة تتميّز بأزمة اقتصادية تحتاج فيها البلاد إلى متدخلين بأدوات فعالة وبقدرة على التدبير وتقديم المقترحات وليس إلى مسؤولين سابقين يبادرون إلى “التشفي”. كما أن الوضع الجيوسياسي للمنطقة كان يقتضي من عسكريين متقاعدين، مثلا، أن تكون تدخلاتهم العمومية “درسا” في الحروب الخفيّة الدائرة خلف الستار وخلف ابتسامات الدبلوماسيين ومصافحاتهم وكلماتهم البروتوكولية وليس سردا لانتصاراتهم على السياسيين وكيف دفعوا رؤساء إلى الاستقالة أو كيف كتبوا استقالاتهم، وكان يمكن أن يساهموا في إشاعة الثقافة العسكرية وتبسيط الرهانات الجيوستراتيجية لعامة الشعب باعتبارهم متخففين من واجب التحفظ الملازم للوظيفة والمنصب، وليس في إشاعة الخوف وهم يقدمون العسكري الكبير أو السياسي المخضرم أو الوجه التاريخي في صورة مواطن منفعل منزوع الدسم المعرفي، صورة تجعل الشعب يشكّك في جميع النخب السياسية والعسكرية ، تماما كما يشكّك في التاريخ وصنّاعه ورواياته.
و بالطبع فإن وسائل الإعلام الباحثة عن غذاء الإثارة ساهمت في توجيه النقاش في المنحى الذي أخذه بمحاورين يعوزهم سلاح المحاورة و يفتقرون إلى المعلومات التاريخية ويسعون، في الغالب، لانتزاع تصريحات انفعالية تقتضيها “الدراما المهنية”.
ونتيجة ما سبق، حصاد من المرارة و انطباع عام مؤداه: ليت الذين عادوا، واصلوا الغياب!
النصر