عمليات تطوّع تغيّر وجه مدينة بئر العاتر
بادرت مجموعة من الشباب إلى تشييد محاور دوران بمدينة بئر العاتر في ولاية تبسة،  في حين قام بعضهم بتهيئة شارع على مسافة 700 متر بقلب المدينة، فيما انبرى آخرون لتزويد مقبرة المدينة بالكهرباء، في إطار أعمال تطوعية تهدف إلى تغيير وجه مدينتهم و جعلها تحظى بالمكانة التي تليق بها، و الانخراط في العمل الجمعوي بكل حب و تلقائية.
  إنجاز  محور دوران وانطلاق محاور أخرى
انتهى مؤخرا مجموعة من الشباب المتطوعين بمدينة بئر العاتر، من  إنجاز محور دوران مركز المدينة ، بعد بضعة أيام من الجهد و العمل، بالاعتماد على  مالهم الخاص و مساعدات بعض المحسنين ، الذين تفاعلوا مع المبادرة الراقية، التي اصطدمت في البداية بقلة الإمكانيات و تنصل المسؤولين و كثرة الوعود الزائفة،لكن الشباب  رفعوا التحدي و جسدوا المشروع.
محور الدوران الواقع بمفترق الطرق، ظل مهملا لسنوات، و لم يلق أي اهتمام أو التفاتة من المجالس البلدية المتعاقبة، وأصبح يشوه وسط المدينة العريقة، ومحل انتقاد كل من يزورها ، وهو ما أثار غيرة ثلة من شباب المدينة فانتفضوا لتغيير هذا الوضع.
الشاب  إبراهيم علوان، أحد الناشطين الجمعويين لجأ إلى موقع التواصل الاجتماعي  فايسبوك، و نشر إعلانا على صفحته، يدعو فيه كل من يلتمس في نفسه الرغبة في التطوع ، إلى الالتحاق به لانجاز محور الدوران، من أجل إعطاء الوجه اللائق لمدينته التي تعتبر واجهة الجزائر بالنسبة للتونسيين، و من ثمة تغيير وسط المدينة البائس.
و أوضح اراهيم للنصر، بأنه أطلق المبادرة الشبانية، تحت شعار « كن مؤثرا في دنيا الناس، من أجل هبة تضامنية لإعادة تشييد محور الدوران الذي يتوسط المدينة»، مضيفا  بأنه تفاجأ بتوافد الشباب إلى موقع محور الدوران المعني بالأشغال، التي انطلقت على قدم وساق وسط ظروف مناخية صعبة، لم تمنع المتطوعين من القيام بمهمتهم على أحسن وجه، لاسيما في ظل التشجيع والإطراء الذي لقيه الشبان من طرف المواطنين، الذين لم يبخل الكثير منهم بتقديم يد المساعدة لهم.
مجسم يرمز إلى بئر الملكة ديهيا
بعد أيام من العمل الدؤوب ، تم الاتفاق على اختيار مجسم « البئر» بلواحقه، و لم يكن اختياره اعتباطيا ، وإنما جاء كما يقول المشرفون على هذه المبادرة، كرمز للمدينة ، فاسمها الأصلي « بئر العطر» ، و تحولت بمرور الزمن  إلى» بئر العاتر»، فضلا عن كون المدينة تضم « بئر الكاهنة» المعروف الذي أنجزته الملكة « ديهيا» و « رجال البير»، حيث يرقد عدد من التابعين والفاتحين.
و كان لنجاح هذه المبادرة أثرها الإيجابي، حيث حمست الشباب لمواصلة طريقهم للنهوض بوضع المدينة المتعب، وانطلق بعضهم  في إنجاز محور الدوران الكائن بالقرب من مقر الدائرة، فيما انطلق البعض الآخر في إنجاز محور دوران بالقرب من مقر الفرقة المتنقلة للشرطة القضائية بطريق الشريعة، في حين شرعت كوكبة منهم في إنجاز محور الدوران بطريق الوادي، وفي أجندتهم مبادرات أخرى، تترجم الوعي الذي يتحلى به هؤلاء الشباب، رغم ظروفه الصعبة، حبا ووفاء لمدينتهم، التي تحتاج للكثير من الاهتمام والعناية من طرف السلطات المحلية ورجال المال والأعمال والأعيان.  
سكان يُعبّدون شارعا بطول 700 متر  
انتفض مؤخرا سكان حي العتيق بمدينة بئر العاتر، وشمّروا على سواعدهم  و اعتمدوا على إمكاناتهم المادية الخاصة، من أجل تعبيد وتهيئة شارع بكامله يمتد لأكثر من  كيلومتر.
الانطلاقة كانت بتوفير كميات معتبرة من الحجارة، تم وضعها على امتداد الحي، ثم تلتها عملية سكب الإسمنت فوقها، فتحول الشارع الذي كان أصحاب المركبات المختلفة يتجنبون المرور عليه، نظرا لوضعيته البائسة، بعد أن تحول مع مرور الوقت، إلى أخاديد وحفر، جراء سيول الأمطار،  و هاهو اليوم شارع معبّد و مهيأ و نظيف في ظرف قياسي، مستعملين في ذلك وسائلهم الخاصة لتوفير الرمل والإسمنت والحجارة.
النصر تحدثت مع بعض المتطوعين حول المبادرة، فأكدوا بأنهم لم يجدوا بدا من الاعتماد على إمكاناتهم الخاصة ، في ظل التهميش الذي يعاني منه الحي العتيق،حسبهم، و الذي يعتبر من أقدم الأحياء بالمدينة، لكنه  لم ينل حظه من التهيئة .
وأضافوا أن وضعية البنية التحية لحي العتيق، تعرف تدهورا مزريا،  فعدم تعبيد الطرق والشوارع و تبليط الأزقة ، لطالما أرقهم ، لاسيما عند بداية كل فصل خريف و شتاء جراء انتشار الأتربة والغبار ومياه الأمطار الراكدة بالحفر، و تآكل جوانب الطريق ، فلم يعد بمقدور السكان تحمل المزيد من المعاناة، فهبوا لتصليح ما يمكنهم تصليحه بإمكانياتهم  . و يطالب السكان  المسؤولين ، عبر النصر، بالتدخل لتحسين وضعية الحي وغيره من الأحياء المجاورة، التي تعاني من تدهور فظيع، مشيرين إلى تقدمهم بعديد الشكاوى إلى الجهات المسؤولة،  وفي كل مرة ينتظرون وعودا لا تغير في واقع محيطهم شيئا، و أعربوا عن أسفهم لحرمان حيهم من أي مشروع ، من شأنه تحسين وضعه، منذ الاستقلال، حسبهم.
و توجه مؤخرا أعضاء المكتب البلدي لأكاديمية المجتمع المدني بنداء إلى جميع المحسنين و المنظمات و الجمعيات من أجل المساهمة بجهودهم و أموالهم في تزويد مقبرة رجال البير التاريخية التي تضم في بعض قبورها رجالا من الفاتحين والتابعين، بأعمدة كهربائية تشتغل بالطاقة الشمسية، لإنقاذها من الظلام و التهميش، و التخفيف من معاناة المواطنين الذين يضطرون لدفن موتاهم في الليل،  مؤكدين بأن هذه المبادرة الخيرية ستعود بالنفع على الأحياء والأموات. وقد لقي هذا النداء استجابة واسعة من أهل الخير و المواطنين، و تم الاتصال بالشركة المختصة في إنجاز الأعمدة الكهربائية، و هي شركة غلوبال تكنولوجي، و مقرها  ببئر العاتر للانطلاق في تجسيد العملية.   
 عبد العزيز نصيب

الرجوع إلى الأعلى