نحو 2000 مليار دينار متداولة خارج البنوك
 دعا محافظ بنك الجزائر، محمد لوكال، المؤسسات المصرفية إلى وضع منتجات مالية جديدة وإغراءات في نسبة الفوائد بغية استقطاب الأموال التي يتداولها المتعاملون خارج الحلقة المصرفية والمقدرة بـ 2000 مليار دينار، محذرا من تراجع السيولة المصرفية بعد سنوات، كما كشف لوكال عن مراجعة سياسة تمويل الاقتصاد بتوجيه القروض المصرفية نحو النشاطات التحويلية وقطاع الخدمات، لا سيما المشاريع التي تحملها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. 
شدد وزير المالية عبد الرحمان راوية، على ضرورة مواصلة عصرنة وإصلاح نظام البنوك، من أجل مسايرة التطورات الدولية والمساهمة في مسعى تنويع الاقتصاد الوطني، وقال راوية، أمس، خلال يوم إعلامي حول القطاع المصرفي، أن الإصلاحات المالية تكون بتحرير المعاملات البنكية من خلال عصرنة الخدمات مشيرا انه تم تسطير برنامج واسع للإصلاح الاقتصادي و المالي والمعلوماتي للنظام المصرفي و عصرنة النظام المالي.
وأكد وزير المالية، أن إصلاح المنظومة المصرفية يكتسي طابعا استراتيجيا ويسمح بتدارك النقائص، خاصة فيما يتعلق بتوسيع الشبكة البنكية وتقريبها من الزبائن، إضافة إلى تبسيط إجراءات فتح الأرصدة ومنح القروض وتطوير منتجات مالية جديدة للزبائن مع توسيع الخدمات المصرفية، مشددا على مواصلة البنوك في استراتيجيتها لدعم الاقتصاد الوطني.
وبلغة الأرقام، بلغ إجمالي القروض الممنوحة من قبل البنوك العمومية، في نهاية 2017 أكثر من 7704 مليار دينار، ما يمثل نسبة 87 بالمائة من إجمالي القروض الممنوحة للاقتصاد والتي تقدر بـ 8878 مليار دينار، وقدرت مساهمة البنوك العمومية بنسبة 74 بالمائة مقابل 26 بالمائة للبنوك الخاصة، وبلغ إجمالي القروض الممنوحة للقطاع العمومي 4311 مليار دينار أي ما يعادل 55 بالمائة من القروض الممنوحة للاقتصاد، فيما حصلت الشركات الخاصة على تمويلات بلغت 4566 مليار دينار من البنوك العمومية والخاصة.
من جانبه أكد محافظ بنك الجزائر، محمد لوكال، أن تمويل الاقتصاد الوطني يرتكز بشكل كبير على الإنفاق والاستثمار العمومي الذي يستند بشكل كبير على الجباية النفطية، والتي تراجعت بسبب انخفاض أسعار النفط، ما اجبر الحكومة على اللجوء إلى التمويل غير التقليدي في غياب حلول أخرى وهو ما سمح بفك الخناق عن المالية العمومية لضمان استمرارية الإنفاق العمومي.
وأكد لوكال، بأن خيار اللجوء إلى التمويل غير التقليدي، لا يمكن أن يشكل حلا دائما، وهو ما أقرته الترتيبات القانونية التي صاحبت هذا الإجراء والتي أكدت بأن اللجوء إلى هذا النوع من التمويل يبقى حلا مؤقتا ومحددا زمنيا، والتي تستند إلى هدف العودة إلى ضمان توازن المالية العمومية وتنفيذ  إصلاحات اقتصادية ومالية
أموال البنوك ستذهب للمؤسسات الصغيرة المتوسطة
وبرأي محافظ بنك الجزائر، توجد ضرورة لتحسين فعالية البنوك، من خلال التوجه نحو أنظمة أكثر ملائمة في مجال التسيير واستقطاب الأموال التي تبقى الحلقة الأضعف في المنظومة المصرفية، وقال بهذا الخصوص انه من أصل 5 آلاف مليار الأموال المتداولة من قبل المتعاملين الاقتصاديين، والتي تمثل 32 من الكتلة النقدية، هناك ما بين 1200 إلى 2000 مليار يتم تداولها خارج الحلقة البنكية، ما يفرض تدابير جديدة ومنح مزايا وفوائد مغرية لاستقطاب تلك الأموال، محذرا من أن السيولة البنكية المتوفرة حاليا لن تستمر طويلا.
وبالنسبة لتمويل الاستثمار سجل محافظ بنك الجزائر، زيادة حصة القروض على المدى المتوسط والطويل من إجمالي القروض الممنوحة في السنوات العشر الأخيرة 57 بالمائة في 2009 إلى 75 بالمائة في 2018، تتعلق أساسا بالقروض على المدى الطويل لتمويل مشاريع في قطاعات الطاقة والمياه، مسجلا ارتفاعا في قيمة القروض الممنوحة للاقتصاد سجلت تقدما ملحوظا في السنوات الأخيرة حيث عرفت نسبة نمو بـ 8.7 بالمائة في 2016، و12.3 في 2017، و13.8 في 2018.
وبلغة الأرقام، كشف محمد لوكال، بأن القروض الممنوحة للاقتصاد بلغت مستويات معتبرة ما يعادل 49,9 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2018، حيث انتقلت من 7909 مليار دينار نهاية 2016 إلى 10102 مليار دينار في 2018، وكشف بأن تدابير جديدة يتوجب اتخاذها لتوجيه التمويلات البنكية نحو الصناعات التحويلية والخدمات المنتجة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهي القطاعات التي تضمن قيمة مضافة عالية.
وشدد لوكال على ضرورة تحسين دور البنوك في مرافقة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، خاصة فيما يتعلق بالاستشارة وتقديم الخبرة للزبائن وتحليل نوعية المشاريع المقترحة للتمويل، بغية تحسين مستوى المخاطرة المصرفية والرفع من مردودية التمويلات الممنوحة للشركات، وهو ما يتطلب –حسب محافظ بنك الجزائر- عصرنة مركزية مخاطر القروض ومعالجة إشكاليات الدفع.
وفي السياق ذاته، أعلن لوكال، بأن بنك الجزائر سيطلب من كافة البنوك العاملة في الساحة المصرفية، إجراء تدقيق ذاتي لأنظمتها للمعلومات على أساس دفتر شروط محدد مسبقا لمعرفة النقائص التي تعاني منها تلك البنوك، مشددا على ضرورة التوجه نحو الرقمنة فيما يخص استقطاب الأموال والتسهيلات المتعلقة بمنح القروض، مشددا على أهمية الحوار بين البنوك وزبائنها سواء المدخرين أو طالبي القروض لتعزيز الثقة بين البنوك وزبائنها.   
 ع سمير

الرجوع إلى الأعلى