لا يتذمر من وصف «فيروس» الحلبة، أنهى جل منازلاته بهزم خصومه بالضربة القاضية، بدأ مشواره في رياضة الكيك بوكسينغ بعدما تجاوز بسنة العقد الثاني من عمره، غير أن هذا التأخر لم يمنع جلال مانع الشاب المغترب من التألق بفرنسا، وحصد الكثير من الألقاب أبرزها بطل أوروبا في زون 75 كلغ.

مانع جلال ابن الملاكم السابق في فريق شباب قسنطينة هلال مانع، كان له لقاء مع جريدة النصر، يبرر من خلاله أسباب تأخره في الدفاع عن الألوان الوطنية، وسبب قبوله تمثيل منتخب فرنسا، قبل أن يعرج عن علاقته بفريق السنافر وصلة القرابة، التي تجمعه بطارق عرامة مناجير النادي، وكذا بعض نقاط «الظل» التي سلطت عليها النصر، قبس من النور في محاولة لتقديمه للقراء.
• هل لك أن تقدم نفسك للجمهور الرياضي الجزائري؟ وكيف أطل علينا هذا البطل من وراء البحار؟
جلال مانع شاب جزائري مغترب، يبلغ من العمر ثلاثون سنة، وتعود أصولي إلى مدينة قسنطينة التي ولدت بها، قبل أن أغادرها في سن العاشرة، باتجاه مدينة مارسيليا، التي لم أشعر فيها بمرارة الغربة إطلاقا، كونها كما يقال الولاية الجزائرية رقم 49، لقد وجدت كافة ظروف النجاح في فرنسا، خاصة بعد التحاقي بأحد الفرق الخاصة برياضة الكيك بوكسينغ، التي احترفتها في سن متأخرة، إذ أتذكر بأن أول ملاكمة احترافية لي كانت في سن 21 ربيعا، ورغم ذلك فاجأت الجميع بمؤهلاتي، إلى درجة أن لا أحد صدق بأنني لم أتلق التكوين في الفئات السنية.
*لماذا اخترت الكيك بوكسينغ بالتحديد؟
لم أكن مهتما بهذه الرياضة في بادئ الأمر، وميولي كان أكبر للملاكمة الانجليزية، غير أن رغبتي في إسعاد والدي مانع هلال، الذي كان ملاكما في صفوف فريق شباب قسنطينة، جعلتني أحاول تجريب حظي في هذه الرياضة، من خلال خوض منازلة أو منازلتين، لأجد الجميع يشيد بمؤهلاتي الفنية والبدنية فيما بعد، ويطالبني بضرورة احترافها، لأن لدي من الإمكانات ما يجعلني أكون بطلا مستقبليا.
• ألا تعتقد بأن التكوين الأوروبي الذي حظيت به ساهم في بروزك كنجم ؟
بطبيعة الحال، التكوين الأوروبي الذي استفدت منه، ولو في وقت متأخر، مكنني من النجاح في رياضة الكيك بوكسينغ، خاصة وأن عملت إلى جانب قامات كبار في هذا المجال، على غرار المدربين ألان سبورتوش وابنه جيريمي سبورتش الذي جلبته معي إلى قسنطينة، وكنت وراء إعلان إسلامه بفضل المولى عزوجل حيث وضع حدا لاعتناقه الديانة اليهودية وتحول لمسلم يؤدي الفرائض والسنن الإسلامية، كما أنني أفخر بالتدرب تحت إشراف مدرب عالمي، كان وراء بروز أحد أفضل الأبطال في هذه الرياضة، ويتعلق الأمر بسيغيل أبيجي الذي كان ينشط ضمن ذات الفريق الذي ألعب له.   
• هل لك أن تحدثنا عن الألقاب التي تمتلكها؟
رغم أنني كما قلت لكم احترفت هذه الرياضة في سن متأخرة، مقارنة بزملائي في نفس المجال، إلا أنني تحصلت على خمسة ألقاب في مشواري إلى حد الآن، والبداية بتتويجي كبطل في دورة «باكا»، مع فوزي بلقب بطل فرنسا في ثلاث مناسبات، دون نسيان تتويجي الباهر كبطل أوربا في سنة 2015، لأتعرض بعدها لقطع في الرباط الصليبي في إحدى المنازلات، ما جعلني أقرر وضع حد لمشواري الاحترافي، ولكن بعد إلحاح ابني الذي لا يتعدى الخمس سنوات، عدت إلى أجواء الحلبة من جديد، بعد غياب دام لسنتين كاملتين، والحمد لله عودتي تكللت بالظفر بلقب جديد.
• يقال بأنك بطل الضربات القاضية، أليس كذلك؟
لا أمتلك سجلا كبيرا، وخضت إلى حد الآن 28 منازلة احترافية فقط، فزت خلالها في 20 مناسبة، ولو أن غالبية الانتصارات كانت بالضربة القاضية ( 15 مرة)، وهو ما جعلني أحظى باهتمام كبير من طرف الصحافة الفرنسية، التي خصصت لي حيزا معتبرا، ووصفتني بالمبدع، كونها تدرك كيفية ولوجي هذا العالم الصعب.

 


• تحتفل عادة بقميص شباب قسنطينة، لماذا؟
كما قلت لكم أنا أنحدر من ولاية قسنطينة، وأعتبر مشجع وفي ل «سي.آس.سي»، وأحرص في الكثير من المناسبات على التواجد بملعب الشهيد حملاوي، من أجل متابعة الفريق عن قرب، ولذلك أحاول خلال كل منازلاتي الإشارة لحبي لعميد الأندية الجزائرية بارتداء أقمصته، سواء قبل انطلاق المباريات أو حتى عند أجواء الاحتفال، كما أحرص على أن يكون قميصي أو تباني مكتوب عليه كلمة “السنافر”، لأنه بدونها أو في غياب القميص الأخضر والأسود، أشعر بأنني ألاكم دون قفازات.
• هل صحيح أنك حريص على متابعة السنافر كلما أتيحت لك الفرصة ؟
في فترة تواجدي بقسنطينة لا أضيع ولا مباراة لفريق القلب، وأعمل كل ما في وسعي لمتابعة المواجهات المقامة خارج أسوار ملعب حملاوي، كما أفكر في التواجد مع الشباب في المواعيد المقبلة في المسابقة الإفريقية، التي تستهوي الجميع في مدينة الجسور المعلقة، أنا حريص على متابعة كل كبيرة وصغيرة تخص السنافر، وكنت متأثرا للغاية بالعقوبة الظالمة التي سلطتها الكاف على الفريق، بحرمانه من جمهوره في لقاء الترجي، خاصة وأن أنصارنا لم يرتكبوا أي تصرفات مشينة.
• يقال بأنه تجمعك علاقة قرابة بمناجير الشباب طارق عرامة؟
أجل تجمعني صلة قرابة بالمسؤول الأول على فريق شباب قسنطينة طارق عرامة، كونه ابن عمتي وتجمعني به علاقة وطيدة، ويعد مزودي الأول بأقمصة شباب قسنطينة، وبالمناسبة أتوجه له بالشكر الجزيل، وأتمنى له كل التوفيق في مهامه، التي يقوم بها على أحسن وجه، فبعد أن كان وراء قيادة السنافر لثاني لقب في تاريخه، هاهو الآن يضعنا في المربع الذهبي لكأس الجمهورية، وكذا الدور ربع النهائي لرابطة الأبطال، على أمل أن يهدينا إنجازا غير مسبوق بالنسبة للشباب.
• هل أنت متابع للكيك بوكسينغ في الجزائر، وكيف تقيم مستواه؟
قبل احترافي الكيك بوكسينغ لم أكن متابعا لهذه الرياضة، ولم أكن على دراية بوجود قاعات لممارستها بمدينة قسنطينة، ولكنني تفاجأت فيما بعد بامتلاكنا لمواهب كثيرة في هذا المجال، على غرار بعض الأسماء التي أتذكرها مثل حليم الكيكور ومحمد من زيغود يوسف، ولو أنه يعاب على المسؤولين في الجزائر عدم التكفل بهم، حيث لا يمتلكون أدنى الوسائل المطلوبة.
• لماذا لا تدافع عن ألوان المنتخب الوطني في هذه الرياضة؟
كيف تريدني أن أدافع عن ألوان المنتخب الوطني، ولا أحد من الاتحادية الجزائرية لرياضة الكيك بوكسينغ، قد اتصل بي لمعرفة رأيي في الموضوع، رغم أن مواقع التواصل الاجتماعي، سهلت من مهمة التعرف على الأبطال الجزائريين الناشطين وراء البحار، أنا أعتقد بأن لدي من المؤهلات، ما يمكنني من جلب الميداليات لبلدي الجزائر، غير أن عدم الاهتمام بالأبطال المغتربين أضاع علينا عدة إنجازات، لأنه لا يعقل أن أعرض خدماتي بمفردي، وحتى إن أردت ذلك لا علم لي بمن اتصل.  
• هل يمكن أن نراك يوما كمدرب لهذه الرياضة بقسنطينة؟
أتمنى أن تتحسن أحوال بلدي الجزائر، وأعود للإستقرار في مدينتي قسنطينة، التي أشتاق لها دوما، ولم لا أساهم في تطوير رياضة الكيك بوكسينغ من خلال الاهتمام بالشبان على مستوى مدينة الصخر العتيق، التي تعج بالمواهب من خلال متابعتي لتدريبات بعض الجمعيات الرياضية الناشطة في هذا المجال.
• بصراحة، هل فكرت يوما في تمثيل المنتخب الفرنسي ؟
لكي أكون صريحا معكم، وجدت نفسي مجبرا على الدفاع عن ألوان المنتخب الفرنسي في بطولة أوروبا سنة 2015، خاصة وأنني لم أتلق أي دعوة للمنتخب الوطني، ولكن هذا لا يعني بأنني فرنسي، بل أنا جزائري حتى النخاع وافتخر بأصولي الجزائرية، كما أن الرياضة التي أمارسها تمكنني من الدفاع عن ألوان الخضر في أي لحظة، والكرة في مرمى المسؤولين إن أرادوا الاستفادة من خبرتي.
•بماذا تريد أن تختم الحوار ؟
أتوجه بالشكر الجزيل لجريدتكم المحترمة لمنحي هذه الفرصة، كما أحيي والدي الذي كان وراء ولوجي هذا العالم، وأنا فخور لأنني نسجت مشوارا على منواله، وهو الذي كان ملاكما مميزا ومعروفا في فريق شباب قسنطينة، دون أن أنسى الحديث عن اللقب الذي اشتهرت به في فرنسا، إذ أوصف ب»فيروس» الحلبة، باعتبار أنني لا أفوز سوى بالضربات القاضية.

 

الرجوع إلى الأعلى