الحراك الشعبي ينفض الغبار عن مواهب ابداعية 
يتواصل الحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر منذ أزيد من شهرين، و يواصل معه الجزائريون المتظاهرون التعبير عن مطالبهم و مواقفهم بأساليب معروفة، و أخرى جديدة تحمل البصمة الجزائرية، حيث ظهرت فئة جديدة كشفت أن الكثير من المواطنين برتبة فنانين.
إبداعات الشعب الجزائري الذي انخرط في الحراك الشعبي أو سانده، لم تتجسد فقط في تلك الأغاني التي تم تأليفها ، أو في مشاهد التضامن و التآزر التي رسخها التاريخ، أو حتى في تلك اللوحات الفنية التي طبعت فوق الجدران و نظافة الشوارع و المدن، بل تعدى كل ذلك إلى أسلوب خاص في التعبير عن المواقف أو المطالب، استحدثه الجزائريون، عبر كتابة سيناريوهات و تجسيدها في قلب المسيرات التي تشهدها مختلف المدن الجزائرية.
الأمير عبد القادر يتصدر المسيرات

المتتبع لكل ما يقوم به المتظاهرون في الشارع، لا بد و أن تستوقفه  الكثير من الأساليب الاحتجاجية التي استحدثها الجزائريون، و ما تعكسه تلك المشاهد التي كتب سيناريوهاتها، و مثلها و أخرجها المواطنون للمواطنين، معادلة بسيطة، من فئة لم تجد غير تقمص الأدوار لتوجيه رسائل ثقيلة، من خلال ارتداء أزياء خاصة، كالشاب الذي خرج بزي الأمير عبد القادر في إحدى المظاهرات بالجزائر العاصمة، مما يوحي للمشاهد بأنه بطل سلسلة تاريخية، يسير وسط المتظاهرين فأصر الكثير منهم على التقاط صور معه، و كأنه نجم  سينما معروف.
إبداع المواطن الجزائري لم يتوقف عند هذا الحد، فقد ذهب إلى أبعد من ذلك، و ربط كل ما يجسده بالمطالب التي رفعها، كمجموعة من الشباب ارتدت لباسا موحدا باللون البرتقالي ، الذي يرمز للمحكوم عليهم بالإعدام، و أياديهم مكبلة بالأغلال، في انتظار محاكمتهم.
أم ترتدي زي ابنها الدركي المغتال

و يبدو أن الإبداع لم يتوقف عند الشباب، بل امتد إلى المسنين ، كتلك العجوز التي أبت إلا أن تشارك في المسيرة و هي ترتدي قبعة و بزة ابنها الدركي المغتال خلال العشرية السوداء، و كأنه عاد من جديد ليقول “ أنا هنا”.
بالإضافة إلى  الشعارات التي تمت كتابتها بتفنن و إتقان تام، و بدت و كأنها لكتاب و أدباء ، لشدة حرص الجزائريين على استخدام اللغة العربية دون أخطاء، مع الاستعانة ببعض البيوت الشعرية و المقولات المعروفة، فإن المواطنين المتظاهرين استعملوا أيضا تقنية الكاريكاتير، لتجسيد مشاهد واقعية بطريقة هزلية، كتلك اللافتة العملاقة التي صنعها مواطنون من ولاية برج بوعريريج، والتي تمثل مقابلة في كرة القدم بين فريقي الشعب والعصابة، و هي المباراة الذي حان وقتها الإضافي و تمكن خلالها الشعب من جعل النتيجة في صالحه في انتظار النتيجة النهائية التي وضعت أمام ميزان العدالة. ومهما اختلفت الأساليب الاحتجاجية للجزائريين، فإن المطلب واحد، و القضية واحدة و الحلم في غد أفضل، يبقى أمل ينتظر الجميع أن يتحقق.              
إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى