الركود يهيمن على سوق الملابس و الأجهزة الكهرومنزلية
تعرف محلات بيع الألبسة على اختلاف أنواعها و كذا الأجهزة الكهرومنزلية، حالة من الركود بولاية قسنطينة ، فيما اضطر الكثير من التجار  و الباعة  إلى تغيير نشاطهم بعد سنوات من الممارسة،  بعدما ألقت الأزمة الاقتصادية و السياسية بظلالها على التجارة، فلا بيع و لا شراء، حسب لغة السوق.
قال علي و هو صاحب محل لبيع الألبسة النسائية، للنصر، أنه لم يشهد مثل هذا الركود منذ 7 سنوات، أي منذ انطلاقه في ممارستها، حيث تراجعت نسبة المبيعات بشكل كبير،  إلى درجة أن المحل لايزال يعرض ألبسة العام الفارط و بكميات كبيرة ، و هو  ما وقفنا عليه داخل محله المتواجد بأحد المراكز التجارية بقلب المدينة ، حيث كانت الساعة تشير إلى منتصف النهار و المحل لا يزال فارغا ، ثم قصدته بعض الفتيات لإلقاء نظرة على ما هو معروض و السؤال عن ثمنها ، و أكد لنا علي أن هذا هو حال السوق منذ 2017 ، في بداية ظهور بوادر سياسة التقشف التي أعلنت عنها الدولة، ناهيك عن تراجع قيمة العملة الوطنية في السوق العالمية مقابل ارتفاع قيمة الأورو،  إضافة إلى الوضع السياسي للوطن منذ بداية الحراك الشعبي و هي المؤشرات التي رمت بثقلها على السوق اليوم.
تجار أنهكتهم الأعباء المالية  و آخرون غيروا نشاطهم
وصف لنا عدد من أصحاب محلات  بيع الألبسة النسائية و الرجالية بوسط المدينة ، حال السوق بعبارة «لا بيع و لا شراء» ، فالسلع مكدسة داخل المحلات، يقابلها تراجع كبير في نسبة الشراء ، و حسب هؤلاء التجار، فإن أغلب المواطنين أضحوا يقتنون ملابسهم بشكل مناسباتي بفترات الخفيضات «الصولد»،  فيما تراجع الطلب بشكل كبير رغم وفرة العرض و اكتساح المنتوجات التركية للسوق الجزائرية .
و اشتكى التجار من الأعباء المالية التي أثقلت كاهلهم، على غرار كراء المحلات التي يقابلها تراجع كبير في المداخيل التي لا تغطي أحيانا حتى هذه النفقات ، فيما قام الكثير من أصحاب محلات الألبسة بتغيير نشاطهم الذي يمارسونه منذ سنوات، و منهم من قام باقتناء سيارة أجرة ، و آخرون حولوا متاجرهم إلى محلات لبيع الأكل السريع ، بعدما أصبحت تجارة الألبسة لا تدر عليهم و لو هامش ربح ضئيل ، كما تحدث آخرون عن خسائر مالية معتبرة تعرضوا لها بعد كساد السلع التي يقتنونها من تركيا .
أما أصحاب محلات بيع الألبسة الأوروبية و تحديدا الفرنسية، فوجدوا أنفسهم بين خيارين ، إما  اقتناء السلع المقلدة  من أوروبا و تكلف التاجر مبالغ باهظة ، أو التحول نحو  السوق التركية التي أضحت تستقطب الجميع، و في الحالتين فان تسويق هذه السلع أصبح أمرا صعب المنال ، ما اضطر الكثيرين منهم إلى التخلي عن هذه التجارة.
استمالة الزبائن لتسويق السلع
الملاحظ منذ بداية الأزمة الاقتصادية التي شلت مختلف القطاعات ، لجوء الكثير  من التجار و خاصة باعة الألبسة إلى استمالة الزبائن بشتى الطرق  ، و محاولة جذب أكبر عدد منهم  ، من خلال  مختلف وسائل الإغراء  كتخفيض الأسعار ، و الدفع بالتقسيط دون تحديد مدة التسديد، كبدائل تجارية لترويج السلع و بيعها ،و هي العامل المشترك حاليا بين كل الباعة ، حيث أكد أغلبهم أنهم يبذلون جهودا كبيرة من أجل إقناع الزبائن  الذين تقتصر زيارتهم للمحلات على مشاهدة السلع و السؤال عن سعرها ،  فيما  ينتظر التجار فترة «الصولد» من أجل بيع  السلع المكدسة و وضع تخفيضات مغرية لاستمالة الزبائن.
أصحاب المراكز التجارية من جهتهم، أصبحوا يمنحون تسهيلات كبيرة للمستأجرين ، من خلال مراجعة أسعار الإيجار و تخفيضها ، خاصة و أن الكثير من محلات الألبسة بالمراكز التجارية أغلقت، نظرا لفشل أصحابها الذين يشتكون من ارتفاع أسعار الإيجار بشكل جنوني ، بعدما  أصبح الكساد و الركود ميزة الوضع العام .
ارتفاع الأسعار يعصف بسوق الأجهزة الكهرومنزلية
لم تسلم تجارة الأجهزة الكهرومنزلية هي الأخرى من تبعات الأزمة السياسية و الاقتصادية،  و ربما كانت الأكثر تضررا، بالنظر إلى حجمها الثقيل ، و كساد شبه كلي للمنتجات ، و في جولة بمنطقة لوناما المعروفة بانتشار محلات بيع الأجهزة  الكهرومنزلية  لمختلف العلامات التجارية ، وقفنا على معاناة كبيرة لأصحاب المحلات الذين يجدون صعوبات كبيرة في بيع مختلف التجهيزات.
و حسب السيد خالد،  و هو بائع بأحد محلات الأجهزة الكهرومنزلية الوطنية ، فإن ارتفاع أسعار مختلف الأجهزة جعل الزبون يعزف عن اقتنائها ، خاصة مع تراجع القدرة الشرائية للمواطن ، فلا بيع و لا شراء ، مشيرا في حديثه أن الوضع قد بدأ في التأزم خلال الثلاث سنوات الأخيرة ، فبعدما كانت السلع تباع بناء على طلب الزبون ، فلم يكن يمر أسبوع، إلا و يقوم بجلب كميات كبيرة من الأجهزة لبيعها بعد نفادها ، أما حاليا قد تمر شهور دون بيع 2 بالمئة من السلع الموجودة بالمحل و المستودع.
 و يرى خالد أن الكثير من العائلات تقتصر زيارتها للمحل على اكتشاف آخر المنتجات الكهرومنزلية الحديثة و معرفة أثمانها دون اقتنائها ، في حين يلجأ الكثيرون إلى الاقتناء بالتقسيط و التي أضحت سياسة رائجة و  منتهجة لتسويق السلع و بيعها من جهة، و مساعدة الزبون على شراء جهاز يتماشى و قدرته الشرائية من جهة أخرى  ، لكن ما يعاب عليها هامش الربح الكبير و المبالغ به.
منع الاستيراد  و غياب البديل المحلي يضرب النشاط
السيد توفيق، صاحب محل كبير للأجهزة الكهرومنزلية ذات علامة أوربية ، جاء رأيه مغايرا لسابقيه ، فهو يرى  أن المناخ غير مناسب  و أصل المشكل بدأ  مع  بداية تطبيق قرار منع الاستيراد و تشجيع الصناعة المحلية و ظهور الكثير من العلامات  الوطنية ، و لم تتمكن، حسبه،  من منافسة المنتوج المستورد، خاصة الأوروبي و العلامات المعروفة في مجال الصناعة الكهرومنزلية ، فالزبون الجزائري يرغب في شراء أجهزة أجنبية على حساب المحلية رغم غلائها ، و مع توقيف الاستيراد  و غياب الخيار ، وجد المواطن نفسه مجبرا على شراء المنتجات المحلية ، هذه الأخيرة يقال بشأنها الكثير،  خاصة من جانب  النوعية  التي لا ترقي للمستوى المطلوب، و هو ما نشاهده في  نقاط ما بعد البيع التي تعرف توافدا يوميا لعشرات الزائن بهدف تصليح أو صيانة تجهيزاتهم،  خلاف محلات و مراكز البيع  التي تعد شبه فارغة ، باستثناء بعض العلامات المحلية الكلاسيكية ذات السمعة الحسنة ، و التي يطلبها الزبون.
سعاد شابة تعمل كبائعة بأحد المحلات الكبرى لبيع الأجهزة الكهرو منزلية ، قالت للنصر، أن نسب البيع قد تراجعت كثيرا ، و ارتفاع السعر هو السبب الرئيسي في كساد السلع و تراجع الشراء ، بالنظر إلى ضعف القدرة الشرائية، فالمواطن الذي يتقاضى  20ألف دينار جزائري لا يمكنه اقتناء ثلاجة سعرها 60 ألف دينار جزائري.
و أضافت المتحدثة أن المحل يقصده يوميا عشرات الزبائن ،و تقتصر زيارتهم على مشاهدة التجهيزات و معرفة أثمانها ، أما الشراء فقد تراجع كثيرا ، خاصة التجهيزات الثقيلة كالثلاجات ، الأفران الكهربائية وغيرها.
هيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى