عودة قوية لظاهرة البناء الفوضوي ببلديـــــــة البونـــــي في عنـــابــة
تعرف بلدية البوني بولاية عنابة منذ بداية الحراك ظهورا متسارعا وغير مسبوق للبناءات الفوضوية والقصديرية ، ما أدى إلى  تشكل بؤر متعددة في ظرف قياسي ، وذلك استعدادا لعملية إحصاء شرعت فيها البلدية ضمن برنامج القضاء على السكن الهش ، وإذا كان هذا النوع من البناء بالنسبة لبعض العائلات حلا لأزمة سكن و"فرصة قد لا تتكرر" ،  فقد تحوّل إلى تجارة لها سماسرتها الذين يتحكمون في البورصة ، حيث يعرضون أكواخا غير مكتملة البناء  للبيع ، فيما فتحت بأكواخ أخرى أبواب متعددة لتمويه المحققين والحصول إلى أكثر من وصل استفادة ، في ظاهرة مقلقة قد تشوّش على نزاهة عملية توزيع السكن ، حيث تحصي مصادر مطلعة عدد الأكواخ بالمئات وتقول أخرى أنها تعدت ذلك.  
 و وقفت النصر، أمس، ميدانيا على تنامي ظاهرة تشييد البنايات القصديرية بإقليم بلدية البوني وكانت العينة من حي الصرول بالضحية الغربية للبوني وهو من الأحياء المهمشة، التي تعرف فوضى في العمران وغياب المشاريع التنموية والسكنية بالحي، رغم أنه يضم منطقة نشاطات صناعية وسوق جهوية للخضر والفواكه، تُحقق مداخيل كبيرة لبلدية البوني، تجعلها من أغنى البلديات في الولاية لتحقيقها فائضا في الميزانية، مع العائدات الجبائية المحصلة من نشاط
مركب فرتيال.
و لدى وصولنا إلى حي الصرول وبالتحديد إلى التجمع الفوضوي القريب من مسجد الحي، تبين تشييد العشرات من السكنات القصديرية والفوضوية الجديدة، أغلبها مغطاة بالقصدير لا تتجاوز مساحتها في العموم 30 مترا مربعا.
النصر اقتربت في خرجتها الميدانية من مجموعة أشخاص بصدد تشييد سكن فوضوي، يُشرفون على إنهاء بناء الجدران بالآجر الأحمر، تحدثنا مع الشخص الأول، فتبين بأنه صديق و جار لصاحب البيت، أكد على أنه قام مع مجموعة من أبناء الحي بالتطوع لبناء المسكن الفوضوي، لإيواء صديقهم البالغ من العمر 43 سنة، الذي كان يُقيم 12 سنة في مقهى الحي و هو يتيم الأبوين أرادوا إسعاده لإيجاد مكان يأوي إليه و تشجيعه على الزواج و ما هي إلا لحظات حتى شاهدنا المعني قادما يحمل منشارا خشبيا و هو في حالة إعياء، قال لنا بأن لديه ملف سكن اجتماعي يعود إلى سنة 2007  لم يتمكن من الحصول على سكن يُؤسس به حياة كريمة و قد دعانا إلى المكان الذي يبيت فيه في المقهى و قال بأنه يحلم أن تكون له غرفة و فراش كباقي الجزائريين، مضيفا بأن سماعه بالإحصاء الجديد للسكن، اضطرته الظروف لتشييد سكن فضوي، للاستفادة من سكن اجتماعي في إطار البرنامج الوطني للقضاء على السكن الهش، لعدم دراسة ملفه في عمليات الإسكان السابقة.
من جهته أكد رب عائلة مقيم بالحي نحو 25 سنة في بيت فوضوي، على أنه لم يستفد من سكن إلى حد الآن رغم إحصائه عدة مرات. كما حدثنا شخص آخر يعمل في قطاع الصحة بعنابة ينحدر من ولاية قالمة، قام بتشييد بناء فوضوي بالقرب من أصهاره بحي الصرول، لعدم تمكنه من الحصول على سكن اجتماعي.
و حسب المعطيات التي استقيناها بعين المكان، فقد تم تشييد السكنات الفوضوية مؤخرا بموقعين، الأول يضم قاطنين بحي الصرول يعيشون ظروفا صعبة جدا، يحاولون إيجاد حل بإدراجهم في الإحصاء للحصول على سكن لائق يحفظ كرامتهم، في حين أن الموقع الثاني الواقع بآخر التجمع السكني لحي الصرول، استغله أشخاص سماسرة لبناء السكنات و إعادة بيعها بمبالغ تتراوح ما بين 5 و 20 مليون سنتيم، عبارة عن جدران فقط، يتكفل المشتري بتسقيفه.
و في سياق متصل، صرح ممثل عن حي الصرول للنصر، بأن ظاهرة السكن الفوضوي انتشرت بقوة منذ بداية الحراك و شروع البلدية في إحصاء السكنات القصديرية، حيت يحصي حي الصرول لوحده بناء نحو 500 سكن جديد، البعض منهم يعيشون ظروفا صعبة و لجؤوا إلى هذا الحي للحصول على سكن لائق، أما أغلبية السكنات التي شيدت، فقد تمت من أجل البزنسة بها، حتى ميسوري الحال قاموا ببناء سكنات فوضوية لإعادة بيعها و آخرون يستغلونها لأعمال مشبوهة كالدعارة و ترويج الممنوعات.
و أضافت مصادرنا، بأن انتشار البناء الفوضوي بالبوني، أنعش سوق مواد البناء، حيث أصبح الطلب كبيرا على مختلف المواد و اعتبر المتحدث بأن تشييد السكنات، نسف ما تبقى من القطع الأرضية، أحد المواقع كان مخصصا لانجاز مرافق تربوية و عمومية.
اتصلنا برئيس القطاع الحضري لحي الصرول، غير أننا لم نجده في مكتبه، حتى رئيس البلدية غير موجود و لا يرد على اتصالات النصر.  
و شهدت باقي أحياء البوني، تناميا غير مسبوق لظاهرة تشييد البيوت القصديرية، حيث تشير تقديرات غير رسمية إلى انجاز آلاف السكنات القصديرية بكل من جمعة حسين، سيدي، بوخضرة، بوزعرورة، خالد ابن الوليد، الشابية، أول ماي، واد النيل، عين جبارة، بشارب اسماعيل وغربي عيسى..
و أرجعت مصادرنا سبب الانتشار السريع للبيوت القصديرية في بلدية البوني لوحدها دون باقي البلديات، إلى إطلاق مصالح البلدية لعملية الإحصاء بكافة الأحياء، تمهيدا لدراسة ملفاتهم ضمن البرنامج الوطني للقضاء على السكن الهش، للحصول بموجبها على سكنات اجتماعية و هو ما شجع طالبي السكن من بلديات أخرى، على القدوم إلى البوني للاستفادة من الإحصاء الجاري.
و حسب مصادرنا، فإن هذا الإحصاء، يشمل السكنات القصديرية القديمة و الحديثة، فبمجرد وصول اللجنة، تقوم بترقيم البيت الفوضوي و يسلم لصاحبه وصل الإحصاء لإدراجه في ملف السكن الاجتماعي.
كما صدمت اللجنة حسب مصادرنا في بعض الأحياء، بوجود 4 أبواب في مسكن فوضوي واحد، في محاولة تضليلية للحصول على 4 أرقام استفادة من وصولات، لإعادة بيعها لأشخاص آخرين.
و وفقا لمصادرنا، فقد كانت عملية الإحصاء ببلدية البوني متوقفة في سنة 2010 و كانت تقتصر عملية إسكان أصحاب البيوت الفوضوية، على القديمة منها و كذا المحتشدات الاستعمارية.
حسين دريدح

الرجوع إلى الأعلى