يؤكد عمر نومري، الشاب الجزائري والمسلم، الذي يعتبر انتخابه على رأس بلدية كاستيو دي فرفانيا سابقة تاريخية في كتالونيا في هذا الحوار مع النصر، أن مجموعة من الإشاعات روّجت حوله خلال الحملة الانتخابية بسبب أصوله ودينه، من بينها أنه يسعى إلى هدم كنيسة البلدة وإقامة مسجد عوضا عنها، فيما يحدثنا عن مكان ولادته وعائلته التي ما يزال على اتصال بأفرادها في الجزائر، بالإضافة إلى بعض من تجربته في صفوف حزب يسار كتالونيا الجمهوري وأطروحة تخرجه من الجامعة حول موضوع الحركة الوطنية الجزائرية والاستقلال والعديد من الجوانب الأخرى.
النصر: في البداية ماذا يمكنك أن تخبرنا عن عمر نومري؟ أين ولدت في الجزائر؟
عمر نومري : أنا مختص في التاريخ وأبلغ من العمر 27 سنة. ولدت في الجزائر وعائلتي كانت تقطن بمنطقة زرالدة بالعاصمة.
متى غادرت عائلتك الجزائر؟ ولماذا؟
غادر والداي الجزائر وأنا معهم، في سنة 1992، بسبب الأوضاع الأمنية التي عرفتها البلاد آنذاك، وتميزت بالإرهاب والحرب الأهلية، لذلك فقد قررت عائلتي العودة إلى كتالونيا، المكان الذي ولدت فيه أمي.
هل مازلت على اتصال بأفراد عائلتك في الجزائر ؟
بالطبع، فأنا أزور والديّ كلما استطعت ذلك، في الصيف وعطل الشتاء، كما أنني أجري اتصالات عبر الانترنيت بأبناء أعمامي وأعمامي كل أسبوع، ونتحدث عن السياسة في الجزائر والوضع الحالي الذي تمر به.
ماذا تفعل في الحياة ؟
درست التاريخ في جامعة برشلونة، ثم أتممت شهادة الماستر، وأصبحت بعد ذلك أستاذا للتاريخ، وهو توجهي الأساسي. وقبل ترشحي للانتخابات البلدية، عملت أستاذا للتاريخ وقاضي صُلح لثلاثة أعوام، كما عملت كدليل سياحي في البلدة التي أقطن فيها. أما في الوقت الحالي، فأنا أبني مساري السياسي كعمدة لبلدتي، كاستيو دي فرفانيا في شمال كتالونيا.
كيف بدأ اهتمامك بالسياسة ؟
بدأ اهتمامي بالسياسة منذ أن كنت طفلا، فقد كان أبي يحدثني عن الحركة الجمهورية في الجزائر، ولذلك اكتسبت منه قيمه السياسية، بما فيها قيم ثورة نوفمبر واستقلال البلاد من سطوة الاستعمار. في الحقيقة، لقد كانت أطروحتي الجامعية في التاريخ حول الحركة الوطنية الجزائرية والاستقلال، في حين اكتسبت القيم الجمهورية والقيم المعادية للفاشية من جدي لأمي، وهو كتالوني.
وهل لقيت ترحيبا في صفوف الجمهوريين الذين تنتمي إليهم ؟
أجل، لقد لقيت ترحيبا بين الجمهوريين الكتالونيين بفضل بعض من قيمهم، على غرار التسامح والاحترام وتقبل الآخر المختلف. وأعتقد أن التقبل الاجتماعي للآخر المختلف هو أهم قيمة، فالأشخاص من حولي لم يظهروا معارضة لأصولي أو معتقداتي أو أي شيء آخر.
بحسب ما اطلعنا عليه في بعض وسائل الإعلام الكتالونية، فإن ترشحك للانتخابات البلدية قد قابلته حملة من الإشاعات على أساس أصلك الجزائري ودينك الإسلامي. ماذا يمكن أن تخبرنا عن كل هذا؟
_ لقد ظهرت بعض الإشاعات بالفعل خلال فترة ترشحي بسبب ديني الإسلامي وهي مجموعة من الأكاذيب في الحقيقة. وعلى سبيل المثال، فإن أكثرها اتصالا بعامل الدين، إشاعة تقول أنني سأعوض كنيسة البلدة بمسجد.
كيف استجاب سكان البلدة لهذه الإشاعات  مع العلم أنهم منحوك أصواتهم في نهاية المطاف؟
_ لقد آمن سكان البلدة بمشروعي دون الرجوع إلى أصلي أو معتقدي، كما أن الجهد الذي بذلته في الحملة الانتخابية قد قادني في النهاية إلى مبنى البلدية.
ألم تواجهك أصوات مشككة فيك بسبب سنك ؟
العمدة السابقة انتقدتني وشككت في قيمي الجمهورية، وربطت ذلك بحقيقة أنني مسلم وأنني أصغر من أتقلد المسؤولية، لكنني أثبت في تجمعات الحملة الانتخابية أنني أملك مشروعا مقنعا ومتماسكا، كما أظهرت أنني أمتلك المؤهلات اللازمة لأتقلد المسؤولية، والدليل على ذلك في دعم أغلبية الأصوات لبرنامجي.
ما هي طموحاتك السياسية في المستقبل ؟
_ أريد قبل كل شيء أن أتعلم المزيد عن سياسة البلدية والتسيير. سوف أعمل بجد من أجل سكان بلدتي، وسأسعى إلى تحسين جودة الخدمات. والغاية الأساسية في الوقت الحالي هي أن أستجيب لجميع احتياجات سكان البلدة ضمن الأطر السياسية المختلفة، على غرار البلدية أو حتى الشؤون الوطنية إذا اقتضى الأمر ذلك.
هل تتابع الشؤون الجزائرية ؟
نعم، أتابع أخبار الجزائر بقدر ما أستطيع.
ما رأيك في الحراك الشعبي المطالب بمزيد من الانفتاح السياسي وبتعزيز الديمقراطية ؟
سمعت بالحراك الشعبي وبعض من مطالبه. في رأيي، فإن كل ما أستطيع قوله هو أنني أحترم الشعب الجزائري وإرادته، كما أنه يجب التكفل بمطالبه. وهذا الرأي ينطبق على كتالونيا في علاقتها مع حكومة إسبانيا.
هل تشعر بأنك جزائري أكثـر منك كتالوني أم العكس؟
أنا أشاطر نفس الشعور بالانتماء لكلا البلدين، وأتمنى الأفضل لهما معا ولشعبيهما.
يلاحظ أن كثيرا من الشخصيات ذات الأصول العربية أو من خارج إسبانيا على العموم قد هللت لبلوغك هذا المنصب لأول مرة في تاريخ كتالونيا.
بكل تأكيد، ففي حزبنا “يسار كتالونيا الجمهوري” توجد الكثير من الشخصيات ذات الأصول الإثنية المختلفة، على غرار روبرت ماسيه أول سيناتور من أصول هندية وشاكر الهمامي وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية والأسرة، وهو ابن مهاجر مغربي وآنا سورا وهي عضو كونغرس سابق واليوم تشغل منصب سيناتور.
n هل تعني هذه الحقيقة أن الإكزينوفوبيا أو الإسلاموفوبيا في الغرب ليست بالسوء الذي تروّج له وسائل الإعلام ؟
لا يمكننا في الحقيقة أن ننفي وجود بعض الإسلاموفوبيا، وخصوصا التي تغذيها التشكيلات اليمينية المتطرفة، وكما يقول رئيس يسار كتالونيا الجمهوري، أوريول خونكويراس، فإن هذا الحزب يسعى إلى تمثيل جميع أطياف المجتمع، ولا يمكن استيعاب فكرة أنه لا يوجد إلى الآن رئيس بلدية من أصول عربية في مجتمع بني على التنوع، ويسار كتالونيا يحاول أن يمنح الفرصة للجميع.
س.ح

الرجوع إلى الأعلى