الاســتــدانــة الخــارجـيـــة ليـســـت أولـــويــة حـــاليــــــا
أكد وزير المالية، محمد لوكال، أن الدولة اتخذت التدابير اللازمة التي من شأنها الحفاظ على أداة الانتاج و مناصب عمل المؤسسات الاقتصادية التي سجن مالكوها لتورطهم في قضايا الفساد و غيرها ، وأشار من جهة أخرى إلى تجميد اللجوء لآلية التمويل غير التقليدي ، موضحا أن الاستدانة الخارجية لا تشكل أولوية للجزائر.
و أوضح الوزير في حوار خص به “واج” أنه يتم العمل على مستوى الحكومة من أجل الخروج بحلول قضائية متعلقة  بهاتة المؤسسات، مؤكدا أنه سيتم الحفاظ على أداة الانتاج و مناصب الشغل.
و ذكر لوكال أن المؤسسات تشكل أهم الأعوان الاقتصادية لخلق الثروة ، مضيفا أن استمرارية نشاطها و نشاط المشاريع الصناعية الذي يواجه تدابير تحفظية في إطار إجراءات قانونية، يتواجد في صلب انشغالات الحكومة.
و حسب الوزير فان الحكومة - التي لا يمكن لها أن تظل سلبية نظرا لما يحدث في الساحة الاقتصادية - قررت وضع جهاز حفظ  من أجل التحذير حول إمكانية حدوث اضطرابات من شأنها التأثير على العمل و الإنتاج و مناخ الأعمال بصفة عامة في الجزائر.ويتم مراقبة جهاز الحفظ من طرف لجنة متعددة القطاعات تسير تحت اشراف وزارة المالية.
و تتشكل هاته اللجنة - حسب الوزير- من أعضاء الحكومة و محافظ بنك الجزائر بدون ذكر تفاصيل أوفر حول طبيعة التدابير التي سيتم اتخادها في هذا الإطار.
ومن جهة أخرى، أكد وزير المالية،  أن اللجوء الى التمويل غير التقليدي،  الذي اعتمدته الجزائر منذ نهاية سنة 2017 لمواجهة تراجع السيولة البنكية بسبب انهيار أسعار النفط، قد “تم تجميده” للسنة 2019 ،غير أنه سيبقى كآلية تمويل صالحة إلى غاية سنة 2022.  
 وقال الوزير،  إن “التمويل غير التقليدي بالنسبة للسنة المالية الجارية 2019  قد تم تجميده، غير أنه سيبقى أداة مهمة و غير حصرية لتمويل الخزينة إلى غاية سنة 2022» ، موضحا في هذا الإطار، أن قرار “التعليق المؤقت” للجوء الى هذا النمط من التمويل، الذي يشار إليه عادة باسم “طباعة النقود”، قد تم اتخاذه خلال اجتماع للحكومة بتاريخ 26 يونيو الفارط.
يذكر أن التمويل غير التقليدي ، الذي تم تطبيقه بعد تعديل لقانون النقد و القرض يسمح للخزينة العمومية بالاستدانة مباشرة من بنك الجزائر، قد تمت برمجته لفترة انتقالية مدتها خمس سنوات (2017-2022) وهي فترة كان من المقرر أن يتم خلالها “تجسيد اصلاحات هيكلية هامة»  
و أوضح  وزير المالية، أن “الحكومة قررت أن تسد حاجيات التمويل لسنة 2019 دون اللجوء من جديد إلى التمويل غير التقليدي الذي سيبقى ثابتا عند مستواه لشهر يناير 2019؛ أي في حدود 6553.2 مليار دينار جزائري».
و فيما يتعلق بالتكفل بحاجيات التمويل برسم السنة الجارية، أوضح لوكال، أنه سيتم انطلاقا من “موارد بديلة”، متوفرة في السوق، تضاف إليها سياسة مالية ترتكز على ترشيد مستمر للواردات.
وأشار الوزير، إلى أنه من أصل 2.6553 مليار دينار المسخرة في إطار التمويل غير التقليدي، تم ضخ حوالي 5500 مليار دينار في الاقتصاد، وبالتالي «تبقت قيمة حوالي 1000 مليار دينار مسخرة منذ 18 يناير 2019 ستوجه لتمويل جزء من عجز خزينة الدولة برسم السنة المالية الجارية”، حسب الوزير.
وانعكست الأزمة المالية الحادة التي تسبب فيها الانخفاض الكبير في أسعار النفط من خلال استنفاذ صندوق ضبط الإيرادات في شهر فبراير 2017 وتسجيل 1400 مليار دينار تأخيرات الدفع في نهاية 2017.وبلغ عجز الخزينة 28.1590 مليار دينار في نهاية 2017 (5.8 بالمائة من الناتج المحلي الخام).
ورغم هذا الوضع المالي الهش، تميزت سنة 2017 بعودة توسع النفقات بفعل إعادة بعث إنجاز مشاريع اقتصادية واجتماعية في قطاع التربية والصحة والموارد المائية.ولشرح اللجوء إلى التمويل غير التقليدي في 2017 ، ذكر لوكال بأن “هذا الوضع ولد ضغطا متزايدا على خزينة الدولة تطلب تمويل معتبر في حين كانت الميزانية قد استنفدت جميع الأدوات المتاحة».
وأدى توسع النفقات والتكفل بعجز الصندوق الوطني للتقاعد إلى تفاقم عجز الخزينة في 2018 الذي بلغ 57.1952 مليار دينار (6.9 بالمائة من الناتج المحلي الخام) تمت تغطية 900 مليار دينار منها من خلال اللجوء إلى التمويل غير التقليدي.وأوضح  لوكال، أنه باحتساب قيمة 570 مليار دينار المسخرة في 2017 بلغت تغطية عجز الخزينة في إطار التمويل غير التقليدي 1470 مليار دينار في نهاية 2018.كما أكد وزير المالية، أن الاستدانة الخارجية لا تشكل أولوية للجزائر، لكن يمكن اللجوء إليها لتمويل مشاريع هيكلية ذات مردودية.
و قال في رده على سؤال حول إمكانية اللجوء إلى الاستدانة الخارجية بعد أن تم تجميد التمويل غير التقليدي للسنة الجارية، أن “اللجوء إليها لا يشكل حاليا أولوية، لكن يمكن توقعها لضمان تمويل، بطريقة، مستهدفة لمشاريع هيكلية ذات مردودية».
و يرى وزير المالية، أن احتمال اللجوء الى التمويل الخارجي يتطلب “الخضوع إلى إجراءات استثنائية تتعلق بالمدة الزمنية و في إطار قروض مطابقة لشروط تفضيلية و موجهة». وفي رده على تخوف بعض المحللين من لجوء الجزائر إلى صندوق النقد الدولي حتى تتمكن من مواجهة التزاماتها المالية، نفى لوكال بطريقة قطعية هذا المسعى.
و قال في ذات السياق، إن “الجزائر ليست تحت تهديد صندوق النقد الدولي، « مضيفا أنه “لدينا احتياطات صرف مريحة و مديونية خارجية لا تتجاوز واحد (1) بالمائة من الناتج الداخلي الخام و مصادر مالية بديلة تسمح لنا بمواصلة ضمان مصاريف الدولة بدون تفاقم اللجوء إلى التمويل غير التقليدي».
كما طمأن الوزير قائلا: “هامشنا للمناورة (فيما يتعلق بإمكانيات التمويل) يبقى محفوظا”.
ق - و

الرجوع إلى الأعلى