تستقبل حديقة الحيوانات و التسلية بالعوانة، غرب جيجل، مئات العائلات طيلة الفصول الأربعة، و ارتفع عدد زوارها خلال موسم الاصطياف وحده هذه السنة، إلى أكثر من 750 ألف زائر، لكن بالرغم من الجهود التي يبذلها طاقمها، تطالها  انتقادات اعتبرتها إدارة الحديقة غير مؤسسة، لأن الحيوانات التي تضمها الحديقة لها خصائص و متطلبات في ما يخص نمط الأكل و الشرب و الرعاية و غيرها يفهمها المختصون، دون غيرهم، و ليس بالاعتماد فقط على ملاحظات الزوار الذين يعتمدون على ما تراه عيونهم دون البحث عن الأبعاد الصحية و الوقائية، و عندما يوزعون بعض المأكولات و الحلويات على الحيوانات، اعتقادا منهم بأنها جائعة، يلحقون أضرارا بها..
خزينة الحديقة تنتعش


خضعت الحديقة منذ سنتين، إلى إعادة هيكلة ، بعد انتقال عملية تسييرها من حديقة الوئام إلى ولاية جيجل، و تحديدا تحت تصرف المؤسسة العمومية لتسيير المساحات الخضراء و الإنارة العمومية، و تم خلال هذه الفترة، حسب القائمين عليها، القضاء على العديد من مخلفات التسيير القديمة، و وضع برنامج خاص في ما يتعلق بالتسيير و القضاء على مشاكل التوظيف، و فتح المجال أمام الشباب للعمل و الاسترزاق.
أوضحت مسيرة الحديقة للنصر، بأنه تم إجراء العديد من الإصلاحات داخل المرفق، على غرار تدعيم و إصلاح ملاجئ الحيوانات، و كذا التخلص على القمامة، بتزويد الحديقة بحاويات و غيرها.
و أضافت المتحدثة، بأن تحقيق الاستقلالية المالية للحديقة مؤخرا، سمح بإعادة ضبط الأمور، و تجسيد مخطط للترميمات، كما عملت الإدارة على مضاعفة عدد العمال الدائمين، فوصل إلى 45 عاملا دائما، مع إضافة 10 عمال موسميين في مجال النظافة و دعم الصندوق عند البوابة، كما عملت على كراء مجموعة من المرافق داخل المنشأة،   كالأكشاك  التي تم استغلالها كفضاءات للألعاب و بيع المأكولات و توفير مختلف الخدمات و يبلغ عددها 23 فضاء.
و ذكرت المسؤولة بأن التسيير الداخلي الذي يشرف عليه مجلس الإدارة، و تنفيذا للتوصيات المقدمة من قبل والي الولاية و الأمين العام، و كذا المدير العام، سمح بتحسين الأداء ، و سيتم تجسيد بعض المشاريع التي ستسمح بإعطاء جانب جمالي للحديقة، على غرار مشروع إعادة تنشيط البحيرة، بعد القيام بأعمال ترميمات، و تغيير توقيت الدخول و الخروج من الحديقة ، ما سمح للعائلات بالاستمتاع لوقت أطول في الحديقة.
و أشارت المتحدثة، بأنه تم الشروع في العديد من عمليات تبادل الحيوانات مع الحدائق المختلفة عبر التراب الوطني، ما يسمح بتنويع الأصناف الموجودة، و من المرتقب إثراء الحديقة بحيوانات أخرى كالضباع، و أنواع مختلفة من الطيور ، مؤكدة بأن الحديقة تضم حاليا  41 صنفا ، من آكلات الأعشاب، و اللحوم إلى جانب الطيور..إلخ.
مواطنون يستغربون من ضعف و هزال الحيوانات


جولتنا في الحديقة مكنتنا من الاطلاع على آراء العديد من الزوار ، فكانت كلها عفوية و تنم عن الخوف على الحيوانات الموجودة، فقد ذكر أحمد القادم من مسيلة، بأن الحيوانات جائعة و لا يتم إطعامها كثيرا، بدليل أنها تأكل كل ما يقدمه الزوار لها من مأكولات، كما أنها تبدو هزيلة، و أشار أحمد إلى الأسد.
شاطره الرأي عمار القادم من برج بوعريريج الذي أخبرنا، بأن ردود فعل بعض الحيوانات تشير إلى أنها جائعة و لا تأكل جيدا، مضيفا « يبدو لي بأن الحيوانات بالحديقة لا يتم إطعامها، فقد لاحظت أن حيوانات عديدة في وضعية غير طبيعية، و سمعت تعليقات مشابهة لما قلته من بعض الزوار».
بالمقابل أجمع أحمد و عمار بأنه بالرغم من ذلك، إلى أن الحديقة تبقى الوجهة المفضلة بالنسبة لهما، و عندما كنا بجوار قفص الأسد و اللبؤة، اجتمع العديد من الزوار حولهما، و أصواتهم تتعالى « الأسد، الأسد»، أما الأطفال فدهشتهم لا توصف، بين الفرح و الفزع من الأسد، و علق طفل صغير يبدو عليه الرعب» لو يهرب الأسد سيأكلنا جميعا».
و أخبرنا أفراد عائلة سمير القادمة من ورقلة، أنهم يستمتعون كثيرا بعطلتهم في جيجل، خصوصا مع توفر العديد من المرافق إلى جانب الشواطئ و قالت لنا البنت الكبرى، أن الحديقة جميلة للغاية و تضم العديد من الحيوانات ، فتقضي بها ساعات جميلة و هي تتأمل عظمة الخالق وروعة مخلوقاته، مضيفة» شخصيا، لم أتصور يوميا أن أرى الأسد أو الفيل أمامي ، لهذا طلبت من والدي بإلحاح أن يسمح لنا بزيارة جيجل، من أجل التمتع بطبيعتها الخلابة، و التعرف على حديقة الحيوانات، بعد أن وصفتها لي ابنة عمي التي زارتها السنة الفارطة، أنا لا أفقه شيئا عن عالم الحيوانات، لكنني أتساءل عن أسباب ضعف و هزال بعض الحيوانات، فالأسد مثلا من المفروض أنه ضخم و قوي البنية».
في حين أشار بقية أفراد العائلة إلى  أن بعض الزوار يتركون القمامة في المساحات الخضراء، مما يشوه جمال الحديقة.
واصلنا السير، فوجدنا العديد من العائلات تحيط بالقردة،  و لاحظنا العديد من الأطفال، يقدمون للقردة عدة أنواع من الأطعمة، فتلتقطها بسرعة و ذلك بالرغم من تعليق لافتات تمنع و تحذر من إطعام الحيوانات، اقتربنا من رب أسرة، و قلنا له بأن التصرف الذي يقوم به ممنوع، حسب اللوحة التحذيرية، فقال لنا « لم أشاهدها، و لو أن القرد لم يكن جائعا، لما أخذ ما يقدم له».
و لاحظنا أن شابة كانت تنظر إلى القردة من بعيد و يبدو الخوف في ملامحها و ذكرت لنا، بأنه سبق لقرد أن أصابها في يدها، ما ترك في نفسها ذكرى سيئة لا يمكن أن تنساها بعد مرور السنوات.
كما تفضل العائلات قضاء بعض الوقت على البساط الأخضر، الذي تتزين به الحديقة، فتجدهم يتناولون العديد من الأطعمة التي أعدت في المنازل، و يتركون الأطفال يلعبون بحرية مطلقة، و المؤسف في الأمر تركهم بقايا الطعام بعد مغادرتهم المكان، فيشوهونه.
الإدارة: لكل حيوان نظامه الغذائي الخاص


نقلنا تعليقات الزوار للإدارة و المختصين بالحديقة، فأخبرتنا الطبيبة البيطرية، بأن كل حيوان له نظامه الغذائي الخاص ، و الذي يحترمه المشرفون على الحديقة بدرجة كبيرة، مع مراعاة العديد من الجوانب، أولها أن الحيوان بالحديقة لا يتحرك كثيرا، و يعيش في فضاء غير غابي، ما يجعل طريقة و برنامج إطعامه يتم وفق مخطط مدروس، و متنوع.
و أشارت الأخصائية إلى أن الأسود مثلا تقدم لهم كل ثلاثة أيام وجبة كاملة تتمثل في  10 إلى 15 كلغ من اللحم و الدجاج، حسب برنامج مدروس، يراعي النظام البيئي الذي يتواجد فيه.
أما الفيلة، فتقدم لها 30 كلغ من الجزر، 30 كلغ من الشمندر ، 10 كلغ من النخالة المركزة، 20 كلغ من البطاطا، إلى جانب الموز.. إلخ، علما أن الفيل يتغذى  لمدة 16 ساعة دون توقف، و لأنه ذكي، حسب المتحدثة، يفضل عدم تناول ما يقدم له من قبل الحديقة، حتى يأخذ بعض المأكولات من الزوار، خصوصا التي تمتاز بالمذاق الحلو.
في ما يتعلق بشكل و بنية بعض الحيوانات، قالت المتحدثة بأن الأمر طبيعي، فبنية كل حيوان تتغير، حسب كل موسم، بالإضافة إلى التواجد المكثف للزوار الذي يؤثر على الحيوانات و يشعرها بالخوف، بالإضافة إلى مرحلة الولادة، و أضافت أن الأسد إذا زرته في الصباح تجده يلعب بكل حرية، و بنيته أفضل، لكن بعد الزوال يتعب، و يمل ، ما يجعله ينام لساعات متتالية.
و شددت المختصة، بأن إطعام القردة مثلا من قبل الزوار ، يؤثر على جهازهم الهضمي ، فيصابون بأمراض و إسهال حاد ، و تدعو الزوار إلى عدم تقديم الأكل ، مهما كان صنفه، للحيوانات، فذلك من الممكن أن يسبب لها أمراض و أعراض غير مرغوب فيها.
أما مسؤولة الحديقة فقالت أنها تتفاجأ بالتعليقات السلبية لبعض الزوار و التي تشير إلى وجود تقصير في حق الحيوانات، مؤكدة أن أفراد الطاقم الإداري و الطبي للحديقة، يحاولون جاهدين تقديم الأفضل لهذه المخلوقات.
كما أعربت عن استغرابها من منشورات مواقع التواصل الاجتماعي ، خاصة فايسبوك، حول الحديقة و وصفتها بغير المؤسسة و يراد منها تشويه الحديقة، و قالت بأنها تؤمن بالنقد البناء، و ليس التعليقات و المنشورات السلبية من قبل أشخاص ليس لهم أية معرفة بخبايا بعالم الحيوانات و الشروط التقنية الواجب توفرها لتسيير الحديقة، و أعطت مثالا بمنشورات تشير إلى إصابة آيل على مستوى القرن، في حين هو هي فترة تغيير القرون، و من الطبيعي، حسبها، ظهور الدم في مكان القرون.و دعت مسيرة الحديقة الزوار إلى احترام شروط النظافة، و عدم رمي القاذورات  داخل الحديقة و في ملاجئ الحيوانات ،و ترك بقايا الطعام على الأرض.
فبالرغم من تعليق  لافتات تمنع الرمي العشوائي للأوساخ، إلا أن هذه التصرفات تتكرر بشكل يومي، حسب المتحدثة، و في ما يتعلق بالجانب الأمني، أشارت إلى أن نسبة هروب الحيوانات من الملاجئ و الأقفاص ضئيلة ، فالشروط المتعلقة بالسلامة، متوفرة ، كما أنه يتم يوميا مراقبة الأقفاص و الملاجئ، و في حال وجود خطر بنسبة لا تتجاوز 3 بالمئة، يتم التدخل للتصدي له.و ختمت المسؤولة حديثها بالتأكيد أن الحديقة من بين مكاسب الولاية، خصوصا بعد تحويل تسييرها إليها و استغلال مداخيلها محليا، و بالتالي يجب على الجميع الحفاظ عليها، خصوصا أبناء الولاية.
كـ. طويل

الرجوع إلى الأعلى