ودّع الجزائريون، أمس، الفقيد المجاهد الفريق أحمد قايد صالح في جو مهيب يسوده الحزن ويطبعه الخشوع، فمن قصر الشعب حيث ألقيت آخر نظرة على الراحل، مروراً بالطرق والشوارع الرئيسية، اصطف مئات الآلاف لتوديع الفقيد الذي رافق الحراك طيلة 10 أشهر، وأصر الشعب بدوره على مرافقة نعشه إلى مثواه الأخير في مربع الشهداء بمقبرة العالية
في حدود الساعة السابعة والنصف صباحا، وصل جثمان الفقيد أحمد قايد صالح إلى قصر الشعب لإلقاء النظرة الأخيرة عليه، وحُمل جثمان الفقيد المسجى بالعلم الوطني على أكتاف ضباط في الجيش الشعبي الوطني إلى داخل قصر الشعب وسط تحية الحرس الجمهوري، و وضع نعش الفقيد أحمد قايد صالح وسط قاعة قصر الشعب، ليبدأ توافد المسؤولين والشخصيات والدبلوماسيين على قصر الشعب لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمانه.
وتقدم رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قائمة المعزين وقرأ الفاتحة على روح الفقيد بعد أن ألقى النظرة الأخيرة عليه، وظهر الرئيس تبون متأثرا أثناء وقوفه أمام نعش الراحل إلى درجة الإجهاش بالبكاء، قبل أن يتوجه إلى عائلة الفقيد وأبنائه لتقديم واجب العزاء. و ترحم على روح الراحل كل من رئيس مجلس الأمة بالنيابة صالح قوجيل، و رئيس  المجلس الشعبي الوطني، سليمان شنين، و الوزير الأول بالنيابة، صبري بوقادوم، و كذا رئيس الدولة السابق عبد القادر بن صالح و أعضاء الحكومة وشخصيات وطنية وممثلون عن السلك الدبلوماسي  المعتمد بالجزائر.
حشود من المواطنين يصطفون لتوديع القائد
خارج قصر الشعب اصطفت حشود كبيرة من المواطنين لوداع قايد صالح، فيما شهدت شوارع وسط العاصمة وقفات ترحم عليه تحولت إلى مسيرات تنعيه. وتجمع عدد كبير من المواطنين منذ ساعات الصباح الأولى أمام قصر الشعب بالجزائر العاصمة.
وقد توافد المواطنون من مختلف الأعمار قادمين من عديد ولايات الوطن،  حاملين الراية الوطنية، على قصر الشعب حيث وضع جثمان الفقيد مسجى بالعلم  الوطني في جو مهيب يطبعه الخشوع والايمان بقضاء الله وقدره. وهتفوا بشعارات يرثون من خلالها الفقيد: «قايد صالح يا مغوار حميت الشعب كبار صغار»، «قايد صالح رحت علينا والجزاير راهي حزينة»، «قايد صالح يا مكافح درت الواجب راك مسامح»، «قايد صالح ولد الثورة قايد صالح يا أسطورة».
وقد عبر العديد من المواطنين الذين احتشدوا أمام مبنى قصر الشعب حاملين صور  الفقيد، عن حزنهم وبالغ تأثرهم لرحيل هذا الرجل الذي «كرّس حياته لخدمة الجيش  الوطني الشعبي والأمة وفي الحفاظ على وحدة الجزائر واستقرارها وأمنها، لاسيما  في الأشهر الأخيرة التي عاشت فيها البلاد أزمة سياسية خطيرة».
و شهدت شوارع العاصمة، مسيرات حاشدة جابت الشوارع الرئيسية والنفق المؤدى إلى الجامعة المركزية لتوديع رئيس الأركان ، وردد المشاركون شعار «جيش شعب خاوة خاوة والقايد صالح مع الشهداء « وانتقلت المسيرة التي شارك في مئات المواطنين من المسلك ذاته التي اعتادت عليه مسيرات الحراك تحت أعين العائلات التي اصطفت على الطرقات وسط زغاريد النسوة التي تعالت من شرفات المنازل.
وتم تسجيل حالات إغماء في صفوف المواطنين أمام قصر الشعب، حيث تدخلت فرق الحماية المدنية لإسعافهم، فيما كانت جمعيات توزع قارورات المياه على المواطنين المنتشرين بقصر الشعب، كما قام مواطنون بعمليات تنظيف واسعة لمحيط قصر الشعب، قبل أن يتم توجيه إشارة إلى فرق الأمن المنتشرة في محيط قصر الشعب بالتأهب لخروج الموكب الجنائزي، وأعطيت تعليمات لتفادي الوقوف والتوقف وعدم ركن المركبات بشوارع وطرقات العاصمة على طول المسار المخصص لمرور الموكب الجنائزي.
 طوفان بشري رافق جنازة الفقيد
في حدود الساعة الحادية عشرة صباحا، وصلت العربات الخاصة بنقل نعش الراحل الفريق أحمد قايد صالح إلى قصر الشعب، وبعدها أُخرج جثمان الفقيد من القاعة و وضع في العربة المخصصة تحت الزغاريد وهتافات «الله أكبر»، ليجوب بعض شوارع العاصمة نحو مقبرة العالية، وقتها كانت شوارع الجزائر العاصمة ممتلئة عن آخرها بمئات الآلاف من المواطنين.
وشاركت جموع غفيرة من المواطنين في مراسيم تشييع جثمان الفريق أحمد قايد صالح نحو مثواه الأخيرة بمقبرة العالية في العاصمة. وقدم العديد من المواطنين من مختلف ولايات الوطن، حيث أبوا إلا أن يودعوا نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي قبل تشييع جنازته. ورافق الآلاف الموكب الجنائزي سيرا على الأقدام من قصر الشعب مرورا بالطريق السريع في الواجهة البحرية ليصل إلى باب الزوار ومنها إلى مقبرة العالية. كما أصر آخرون على مرافقة المركبة العسكرية التي كانت تقل جثمان الفقيد المسجى بالراية الوطنية إلى غاية مقبرة العالية و ذلك مشيا على الأقدام و تحت هتافات «الله أكبر».
ومر الموكب الجنائزي بعد خروجه من قصر الشعب بكل من ساحة أديس أبابا ثم نهج الاستقلال فساحة أول ماي ثم شارع جيش التحرير، أين اصطفت على جنبات الشوارع جموع غفيرة من المواطنين من مختلف الأعمار حاملين الراية الوطنية لتوديع الفقيد. وشهد الموكب الجنائزي صعوبات في التقدم عبر المسار المحدد له بفعل تدفق حشود الجزائريين و الجزائريات بغية إلقاء النظرة الأخيرة على ابن الجزائر البار.
ووصفت جنازة الراحل قايد صالح، بالضخمة، فمن قصر الشعب حيث ألقيت آخر نظرة على الراحل، مروراً بالطرق والشوارع الرئيسية، اصطف مئات آلاف لتوديع الفقيد. وعند وصول الموكب إلى ساحة أول ماي بقلب العاصمة، اقتحم آلاف المواطنين الموكب وساروا وراءه بشكل عفوي، بينما كانت في انتظاره عند مقبرة العالية حشود غفيرة من المشاركين في الجنازة.
ومنذ جنازة الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين في 27 ديسمبر 1978، لم تشهد البلاد جنازة مماثلة حيث احتشد مئات الآلاف للمشاركة في الجنازة وسط ترديد هتافات «الله أكبر قايد صالح»، و»ارتاح ارتاح يا قايد صالح سنواصل الكفاح» وبعضهم حمل صوره والأعلام الوطنية. ويقول المتابعون، إن تاريخ 25 ديسمبر 2019، سجل حدثاً تاريخياً جديداً بالجزائر، من خلال أكبر جنازة لقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الذي وافته المنية يوم الاثنين الماضي إثر نوبة قلبية أنهت مشواراً عسكرياً فاق نصف قرن.
 ع سمير

الرجوع إلى الأعلى