ما زال النزاع قائم حول نهر النيل ومياهه بسبب سد النهضة بعد أن فشلت الوساطة الأمريكية في تحقيق توقيع الأطراف الثلاثة (مصر إثيوبيا والسودان) على اتفاق ينهي خلافاتهما بشأن هذا الملف، واشتداد لهجة أديس أبابا والقاهرة حول أحقيتهما في مياه أطول مجرى في إفريقيا.

وكان من المنتظر أن توقع الدول الثلاث على اتفاق في واشنطن الأسبوع الماضي بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، الذي تبلغ تكلفته أربعة مليارات دولار، لكن أثيوبيا لم تحضر الاجتماع بعد أن كانت طالبت بمزيد من الوقت، ووقعت القاهرة فقط عليه بالأحرف الأولى.

تم توقيع اتفاق بالعاصمة الامريكية ودعوة واشنطن بوقف ملء السد دون توقيع جميع الأطراف على الاتفاق أثار حفيظة اثيوبيا التي أكدت في العديد من المرات تمسكها بسبيل التفاوض للتوصل الى اتفاق يرضي الجميع . واعتبر وزير الخارجية الاثيوبي ، بيان وزارة الخزانة الأميركية بشأن عدم تعبئة سد النهضة "مرفوض من قبل بلاده".

وشددت أديس ابابا من لهجتها وأكدت أنه "لاتوجد قوة يمكنها منعها من استكمال بناء سد النهضة". فقد جاء على لسان وزير الخارجية الإثيوبي ،غيدو أندرجاتشاو، أمس الثلاثاء خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سليشي بيكلي  "الأرض أرضنا والمياه مياهنا والمال الذي يبنى به سد النهضة مالنا ولا قوة يمكنها منعنا من بنائه"  . الوزير كشف في الوقت ذاته على ان  التعبئة الأولية لخزان سد النهضة ستبدأ بعد أربعة شهور من الآن.

وقال وزير الخارجية الإثيوبي، أن بلاده تبني سد النهضة، لأنها تملك الحق الكامل في ذلك، مع التزامها بالحفاظ علىمصالح دول المصب وعدم إلحاق أي ضرر بها ، مضيفا انه "على الرغم من بناء إثيوبيا للسد انطلاقا من ذلك، فقد دخلت في محادثات من أجل تعزيز الثقة مع دولتي المصب (مصر والسودان)".

واتهمت أديس أبابا واشنطن ب"تجاوز دورها كمراقب محايد" بعد أن قالت الولايات المتحدة إنه ينبغي عدم استكمال السد دون اتفاق. إلا أن رئيس الديبلوماسية الاثيوبي اكد بالمقابل على أن بلاده ستواصل حضور المحادثات على اعتبار أن "التفاوض هو الوسيلة الوحيدة للتوصل إلى اتفاق".

وكانت واشنطن اعربت عن "خيبة أمل" شديدة لغياب أديس أبابا عن الاجتماع الأخير بشأن السد غير أنها أبدت استعدادها لمواصلة الجهود للتوصل إلى اتفاق. ووفق رئيس الديبلوماسية الاثيوبية، فان ما تريده بلاده من الولايات المتحدة هو أن

"تلعب دورا بناء في دفع الدول الثلاث للتوصل إلى اتفاق بمفردها، وقال في هذا الشان أن "أي دور يتجاوز هذا لن يفيد الجميع".

واستنادا لمسؤولين اثيوبيين ، فان ملء سد النهضة سيبدأ  شهر يوليو القادم بعد أن أصبح  في مراحله الأخيرة . كما انه من المتوقع أن يحتفظ بـ 4.9 مليارات متر مكعب من المياه بنهاية الشهر على أن يبدأ في توليد الطاقة شهر فبراير من العام المقبل.

من جهتها، رأت مصر في الاتفاق الذي وقعته بالأحرف الأولى وكان نتيجة جولات من المفاوضات حول سد النهضة بواشنطن الأشهر الماضية، بأنه "اتفاق  شامل وعادل ومتوازن" ، وشكرت للادارة الامريكية على دورها في رعاية المفاوضات و"اهتمام الرئيس الامريكي دونالد ترامب في هذا الصدد" .

واكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استمرار بلاده في إيلاء هذا الموضوع أقصى درجات الاهتمام في إطار "الدفاع عن مصالح الشعب المصري ومقدراته ومستقبله".

من ناحية أخرى، قالت الرئاسة المصرية أن الرئيس الأميركي أبلغ الرئيس عبد الفتاح السيسي في اتصال هاتفي امس الثلاثاء بأن واشنطن ستواصل "الجهود الدؤوبة" للتوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث بشأن سد النهضة الإثيوبي.

وتخشى مصر من أن يمثل المشروع "تهديدا وجوديا" لها منذ أن بدأت أعمال البناء في المشروع عام 2011.

وتعتمد مصر على نهر النيل للحصول على قرابة 90 في المئة من احتياجاتها من المياه وتخشى أن يؤدي المشروع إلى تراجع حصتها من مياه النهر.

ويهدف مشروع سد النهضة إلى أن يصبح محطة كبيرة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا بعد اكتمال أعمال البناء وسوف يزود إثيوبيا وبعض الدول المجاورة بكميات كبيرة من الكهرباء.

وفي هذا السياق قال وزير الخزانة الأميركي ستيفن مِنوتشين أن سد النهضة يمكن أن يكون مصدرا للطاقة، وكذلك مصدر قلق كبير بشأن السلامة وتوفير المياه.

وتدخلت وزارة الخزانة الأمريكية، العام الماضي، لتسهيل المحادثات بين إثيوبيا ومصر والسودان، الواقع كذلك عند مصب نهر النيل، بعدما دعا الرئيس المصري نظيره الأمريكي "للتدخل".

وكان من المفترض أن تختتم المفاوضات بحلول منتصف جانفي، لكن مسؤولين أجلوا الموعد النهائي حتى نهاية فيفري الماضي ، ومع ذلك لم تثمر المحادثات عن حل جذري.

 واج

الرجوع إلى الأعلى