يلجأ غالبية الأفراد خلال فترة الحجر الصحي  التي فرضها فيروس كورونا المستجد، إلى الأفلام و المسلسلات و مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل تمضية ساعات النهار الأولى و التخلص من الروتين اليومي المتكرر، حيث يزيد الوقت الذي يقضيه البعض أمام الشاشة عن   6 إلى 11 ساعة في اليوم، وهو ما يحذر منه  أخصائي طب الأعصاب الدكتور عماد بومعزة، على اعتبار أن فرط استخدام الإنترنت أو التلفاز  خلال فترة الحجر الصحي المنزلي، يسبب حسبه، ما يسمى بالتعود لدى الإنسان أو الإدمان على هذه الوسائط، سواء تعلق الأمر بالأشخاص الراشدين أو الأطفال، ناهيك عن معاناة دائمة من الخمول و القلق
 و حتى الخوف من المجهول الذي سيرتبط في الأذهان مباشرة بأمور سلبية و محبطة بالنظر إلى الكم الهائل من الأخبار و المعلومات التي يتلقاها الدماغ طيلة ساعات النهار حول موضوع واحد هو فيروس كورونا الخطير.
 و يؤكد الأخصائي، على أهمية تنظيم الوقت أثناء التواجد في المنزل  وتنويع  النشاطات للحفاظ على الصحة العقلية و النفسية، إذ ينصح بالمطالعة و التمرين البدني الخفيف و القيام ببعض النشاطات اليدوية التي تساعد على تجديد طاقة العقل، لأن روتين الشاشة يسبب الخمول، سواء تعلق الأمر بالهاتف النقال أو التلفزيون، ناهيك عن أن التعرض المباشر و المطول للون الأبيض الناتج عن ضوء الشاشة سيسبب القلق للفرد، و يشوش دماغه بحيث يصبح غير قادر حسبه، على النوم، ما سيطرح مشكل الأرق و اختلال روتين النوم و الراحة و سينعكس ذلك على نفسية الفرد و يجعل منه عصبيا و غير قادر على التحكم في تصرفاته و قد يصبح عدوانيا تجاه الأفراد المحيطين به وبالأخص الأطفال باعتبارهم الأكثر حركة، ومن بين أبرز أعراض الإدمان التي ذكرها الطبيب، الألم الدائم في الرأس، و جفاف العين و تعبها بالإضافة إلى الشعور المستمر بالضيق و القلق.
 أما بالنسبة للأطفال الصغار، فإن الأعراض تختلف لديهم نوعا ما و تظهر عموما من خلال الإفراط في الحركة، لأن الشيء الوحيد الذي سيكون قادرا على شد انتباههم هو الهاتف أو التلفاز، وما دون ذلك فإن غالبيتهم سيتعرضون لنوبات قلق شديد أو توتر و يجنحون إلى الصراخ و العدوانية إن سحب منهم الجهاز، ففرط استقبال أدمغتهم للمعلومات بشكل مكثف و دائم يجعلهم يدمنون هذا الروتين و بالتالي فإن أول ما سيبحثون عنه بمجرد استيقاظهم صباحا هو الهاتف أو اللوح الإلكتروني « تابليت» ، وهنا يكون الحل الوحيد حسب المختص، هو توجيه اهتمامهم نحو نشاطات أخرى كالرسم و التلوين و الألعاب التقليدية، أو إيجاد بديل آخر  يمكنهم من استغلال طاقتهم في أمور إيجابية.
من جهة ثانية يشير الطبيب، إلى أن كل إنسان لديه درجة معينة من الخوف داخله، فهناك من يستطيعون التحكم في هواجسهم و التعامل معها بصفة طبيعية، بالمقابل فإن هناك فئة ثانية من البشر يكونون أضعف عادة، وهم الأشخاص الذين سبق لهم وأن تعرضوا لمشاكل نفسية أو انهيارات عصبية  أو  الأشخاص الذين يكون تشكيل بنيتهم النفسية قابلا للتأثر بشكل أكبر من غيرهم، ولذلك ينصح الدكتور بومعزة، بالتقليل من متابعة الأخبار لتجنب تأثير التهويل و المعلومات الكاذبة و الخاطئة على الجهاز النفسي، و بالتالي تجنب القلق الذي قد يتطلب التحكم فيه أحيانا اللجوء إلى بعض الأدوية، داعيا وسائل الإعلام إلى التحلي بالمسؤولية و نقل المعلومة الصحيحة، خصوصا وأننا كما قال، نتحدث عن ظرف خارج عن السيطرة لا ندري إن كان سيطول أكثر ما سيتطلب منا مزيدا من الصبر و الصلابة و القدرة على التحمل و التأقلم مع المتغيرات.
 القلق و الاكتئاب أهم مؤشرات   التشبع وعدم التكيف
 من جانبها، أوضحت الأخصائية النفسانية العيادية نسيمة صحرواي، بأن الشعور بالاكتئاب في ظرف مماثل كالذي نعيشه بسبب الحجر المنزلي يعتبر أمرا محتملا، فعندما  يحدث التشبع من هذه الوسائل  يبحث الفرد عن البديل وإذا لم يجد الراحة النفسية التي يريدها في البدائل الأخرى، فستظهر عليه أعراض الاضطراب النفسية الناتجة عن عدم التكيف مع الوضعية التي يعيشها، ولذلك فإن كل شخص يبحث عن التكيف وفق طريقته الخاصة التي توفر له الراحة النفسية، فالبعض ينكبون على متابعة الأخبار، ويفضل آخرون مواقع التواصل، بينما يجد أشخاص كثر متعتهم أو راحتهم في المسلسلات و الأفلام، لكن إذا عجز الإنسان عن إيجاد بديل يناسبه فذلك يعد مؤشرا على عدم القدرة على التكيف مع الوضعية الجديدة، وبالتالي فإنه سيكون معرضا للشعور بالقلق و الاكتئاب و هنا تحديدا يتوجب على الأخصائي النفساني التدخل كما قالت.
وتؤكد المختصة، بأن كثرة الجلوس أمام الشاشة يجعل الفرد عرضة لتأثيرات مضامينها، خاصة التهويل  و كثرة الحديث عن أعداد  الوفيات و ترقب خبر يخص إيجاد الدواء مثلا، ناهيك عن الضياع في دوامة الإشاعات المتعلقة بندرة المواد التموينية « سكر زيت سميد» و التعرض للتغليط، وإدمان الأمهات و الفتيات للمسلسلات و الأفلام و إدمان الأطفال للتطبيقات و الألعاب الإلكترونية ،ما سيصعب مهمة إيجاد بدائل مفيدة و أكثر راحة، كما أننا في هذه الحالة حسبها، سنتباعد أكثر و نضيع فرصة التقارب الأسري التي قدمها لنا الحجر المنزلي ، وعليه تقترح نسيمة صحراوي، ممارسة نشاطات مختلفة كالمطالعة و الألعاب الجماعية « دومينو مونوبولي ورق شطرنج وغيرها»، للابتعاد قدر الإمكان عن الهاتف والتلفزيون و بالتالي التقليل من تأثير الشاشة البيضاء على نفسية الفرد.
 «فيسبوك» يساعدك على مراقبة ساعات استهلاكك له
أضاف موقع فيسبوك قبل أشهر خاصية جديدة إلى تعليمات استخدامه، حيث بات بإمكان مستخدميه معرفة الوقت الذي قضوه أمام شاشة الهاتف وهم متصلون بالشبكة العنكبوتية و تحديدا الموقع التواصلي، من خلال الاطلاع على تخطيط بياني مجاني يعرض ضمن شريط إعدادات الصفحة أو الحساب، يقدم إحصائيات ساعية يومية و أسبوعية، تساعد المستخدم على تقييم وقته و معرفة الحجم الساعي الذي يقضيه أمام الشاشة و بالتالي تنظيم عملية استهلاكه للإنترنت، وهو ما يسهل على الأولياء متابعة أبنائهم وضبط حجم تعرضهم للشاشات.
هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى