تعتبر نجاة بوعتورة الإعلامية الجزائرية بقناتي «زي أفلام» و «زي ألوان» أن  شهر رمضان  ببلادنا يضع المرأة تحت ضغط كبير إلى درجة الإنهاك ما يفقد الشهر خصوصيته الدينية و الاجتماعية، وتؤكد في حوار للنصر أنها ضد ظاهرة نشر صور موائد الطعام المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي ولا تجاري هوس المطبخ خلال الشهر الفضيل بل تكتفي بما هو صحي. وترى الإعلامية التي تقلدت عدة مناصب مسؤولية بقنوات عربية كبرى أن التلفزيون الجزائري لا يزال مدرسة تخرج منها خيرة الإعلاميين في الداخل والخارج وأن ما تعيشه الجزائر في زمن القنوات الخاصة لا يعد تفتحا فعليا،  مسجلة ضعفا في المستوى ومنبهة إلى ضرورة  اتخاذ إجراءات صارمة ضد مخالفي المحتوى. سليلة البطلة  الشهيدة  مريم بوعتورة تؤكد أن البطلة اختارت الجزائر على حياة الرفاهية وأنها اليوم تفكر في أن تخدم بلدها في مجال الإعلام، محذرة المشتغلات في المجال من الاهتمام بالشهرة  وعدد المتابعات على حساب المهنة.
 النصر - نجاة بوعتورة من الأسماء الإعلامية الجزائرية الحاضرة على مواقع التواصل الاجتماعي  بقوة ودائما نراك في قمة أناقتك، هل أنت محبة للموضة  ، أم أنها محاولة لكسر الصورة النمطية عن المرأة الجميلة في أذهان الكثيرين؟
 نجاة بوعتورة -   سلاح المرأة  الذكاء  أنا لا أرى نفسي جميلة   فكل النساء جميلات لكن الذكاء يغطي على المظهر الخارجي، أنا استمد قوتي من ضعفي والأزمات التي مررت بها وطبعا الجينات تلعب دورا مهما .  المعلومة التي لايعرفها الناس أن جدنا الأول وهو جد الشهيدة بوعتورة مريم كان تاجر أزياء ينتقل بين البلدان لاقتناء ما يلزم المرأة ويعرضه  في محله بولاية سطيف، وأتشرف أنني أملك قطعة عمرها أكثر من 150 سنة من مقتنياته ورثتها أخت الشهيدة مريم بوعتورة وأهدتني إياها لعلمها بشغفي بالموضة .
 لكن أنا لا أتبع  الموضة، فمن الخطأ اقتناء الأزياء الباهظة الثمن لأجل إبراز العلامة التجارية، فأنا لا أحب إظهار  مثل هذا الإستعراض ,    طريقة لبسي هي نفسها منذ أن كنت بالجامعة،  فالمرأة يجب أن تختار ما يناسب شكل جسمها وشخصيتها ولا أن تواكب خطوط الموضة العالمية فتجد نفسها نسخة طبق الأصل لقريناتها .
 - من خلال ما تنشرينه على حساباتك المختلفة تبدين من  النوع الذي يكسر القيود، تصرين دائما على أن تتسلح المرأة     بالإصرار وترين في الأنوثة قوة، ما هو السر في ذلك؟
المعروف أن الأنوثة وقوة الشخصية لا يتنافران أبدا بل يكمل كل جزء الجزء الآخر وتخرج المرأة التي تحظى  بالصفتين بصورة أكثر من رائعة و بتأثير قوي على الآخرين، وتكون مثيرة للاحترام و التقدير،  بل و  تنتزعه من الآخرين انتزاعا دون أن تضطر لخوض معركة من أجل ذلك .
 و للأسف أغلبية الرجال  في الجزائر يمارسون رجولتهم على المرأة فتفقد قوتها وأنوثتها , وأنا شخصيا عايشت هذا الوضع فقررت التمرد باعتبار جيناتي ثورية  والمعروف عن منطقتي التي أنحدر منها – الأوراس- الشخصية القوية الغالبة على الطبع , مع احترام العادات و التقاليد،  فهناك فرق شاسع بين الشخصية القوية والمبتذلة التي تضرب بعرض الحائط قيمنا... وفي نفس الوقت أنا ضد التساوي في الحقوق , فالرجل يبقى رجلا وقويا يحترم الأنثى  ويقدرها، والمرأة تبقى ضعيفة تحتاج لمساندة الرجل،   الرجل الحقيقي وطن . أرى أن القيود التي يفرضها مجتمعنا  في الحقيقة  زائفة  و تكبح حرية المرأة في أبسط حقوقها كالتعبير عن مشاعرها مثلا.
 - يشهد العالم الإسلامي والعربي هذا العام أجواء رمضانية مختلفة في ظل جائحة كورونا وما فرضته من حجر، كيف تعيشين ذلك بعيدا عن الأهل؟
بكل صراحة  اشتاق فقط لعائلتي , لأن الأجواء الرمضانية في العالم العربي لا تشبه تماما الاجواء الرمضانية بالجزائر،   فللأسف تقتصر الأجواء في بلادنا على تكديس المواد الغذائية و تحضير وجبة الإفطار طوال اليوم  من أطباق متنوعة، و بعد الافطار تأتي مرحلة غسل الأواني وبعدها التحضير للسحور و هكذا،  وبعد انتهاء شهر رمضان الكريم تصاب  ربة  البيت  بإنهاك شديد. أما الأجواء في العالم العربي فتبدأ بالزينة وفوانيس رمضان والترحيب بقدوم الشهر الفضيل بمدائح دينية  وتتسابق النسوة على ختم القرآن في رمضان  وقيام الليل و يتقاسمن وجبة الافطار البسيطة مع العائلة،  أما وجبة السحور  فهي عبارة عن تمر وعلبة زبادي .
 و بالنسبة لي هذا العام  لم يتغير شيء  في ظل الجائحة،  يبدأ يومي بتدريس الأولاد عن بعد , و بعد الساعة الثانية عشر  أبدأ بتحضير وجبة الافطار خفيفة وصحية .. وأنام باكرا،  يعني رمضان  للعبادة وليس للأكل .
  - عكس العديد  من الإعلاميات الجزائريات في الخارج لا تنشرين صورا كثيرة عن الأطباق الجزائرية ولكن في المقابل نجد حضورا  أكبر للباس التقليدي في حياتك، هل تكره نجاة المطبخ؟
 أنا شخصيا لا أحب نشر  صور الأكل على مواقع التواصل الاجتماعي  وأحترم   زميلاتي اللواتي يفعلن ذلك , فظاهرة نشر صور الطعام خلال شهر رمضان المبارك أو حتى خارجه  يعتبرها البعض مزعجةً خصوصاً أن هناك من يرى فيها عدم مراعاة لمشاعر الفقراء و لحرمة الشهر الذي ينادي بالتعفَف  و الاحساس بالمحتاج، وقد حدث لي  موقف أثناء  حملي بابنتي، حيث  شاهدت صورة طبق على الفايس بوك  فتعبت كثيرا، لذلك أتجنب نشر صور الطعام والرحلات التي أقوم بها وطبعا صور أولادي، لأني ضد  التفاخر بتصوير الأولاد  وهناك من حرموا من  هذه النعمة.
 وعن الأزياء التقليدية فأنا أعشقها لأنها في نظري قطع  فنية و في كل مناسبة  أرى انبهار الحضور بالعمل اليدوي المتقن، والكل يلتف حولي مستفسرا عنه وهذا الشعور يجعلني فخورة بتراثنا الجزائري  بتنوعه لأنه فسيفساء جميلة تجذب عشاق الموضة والأزياء من الطبقة المخملية والممثلين والمطربين بالخليج، وهذا فخر لي وللجزائر، و للأمانة أتمنى أن يصل زينا التقليدي  للعالمية لأننا  نملك مصممين و مصممات بأنامل ذهبية والبعض عمل  بأرقى دور الأزياء العالمية.  
- ما هي الأطباق التي ترافقك في غربتك وتذكرك بالجزائر؟
طبعا الكسكسي الجزائري ويجب أن  يقدم  في (القصعة)  و  الجاري و الشخشوخة  و تقريبا  أحب كل أكلنا التقليدي.

- تعيشين في الإمارات منذ فترة طويلة وتحتكين بجالية عربية من كل البلدان هل توجد تقاطعات بين المطبخ الجزائري والعربي وما هي أفضل الأطباق العربية التي دخلت قائمتك المفضلة؟
 أول سنوات تواجدي بالامارات بدأت باكتشاف الأطباق العربية  والعالمية ووجدت تشابها في بعض البلدان مع وصفاتنا فالشخشوخة البسكرية موجودة بالمغرب باسم الرفيسة ومصر باسم الفطير المشلتت طبعا بوصفات مشابهة , أما الكسكسي فموجود بفلسطين باسم المفتول , والمسمن في بكستان و أفغانستان, و الدولمة الجزائرية وجدتها في إيران وتركيا،  أما البوزلوف وجدته بالعراق باسم الباجا, وغيرها ،  فقد طورت من بعض الوصفات وأتقنتها  و  الحمد لله .
- لقبك العائلي يحيلنا للشهيدة  مريم بوعتورة والتي تحرصين دائما على الافتخار بصلة القرابة بينكما، ما الذي  تمثله هذه البطلة في حياتك؟ وماذا ورثت عنها؟
أفتخر بصلتي بالشهيدة مريم بوعتورة عذراء الأوراس , هي مثال يحتذى به في الوطنية والتضحية فرغم المستوى المادي الذي كانت تعيش فيه إلا أنها اختارت الجزائر على  العيش في الرفاهية , كانت متمسكة بمبادئها وقوة الشخصية ولم تكن تخاف أحدا , تقول لى عمتي حورية( أختها الكبيرة) اني اشبهها في العيون والشخصية المتمردة.  ويصادف عيد ميلادي الثامن من جوان ذكرى استشهادها، هذه حكمة من الله،  ولا أخفي عليكم عندما بدأت مشواري  في مجال الاعلام كان  اسم عائلتي   يستوقف الجميع وأنا افتخر بذلك،   أنا دائما تجتاحني رغبة  بإضافة اسمي لأسماء ابطال عائلتي، وهم   الشهيدة مريم بوعتورة وتوفيق بوعتورة  أول دبلوماسي جزائري توفي في ظروف غامضة و الصحفي عبد الحق بوعتورة،  رحمهم الله   فقد رفعوا اسم العائلة .


- تخوضين تجربة إعلامية في الإمارات منذ فترة طويلة ، هل أنت راضية على مسارك؟
للأسف  لست راضية عن مسيرتي الاعلامية  لأني تنقلت بين مؤسسات إعلامية كبيرة مختلفة المجالات  ولم أتخصص بمجال واحد عملت بالاقتصاد, الثقافة و بالعلاقات العامة ,  ثم دخلت عالم الموضة والأزياء الذي كان هوايتي, و أعتبر نفسي أتعلم  إلى حد اليوم، و رغم تقلدي مناصب إدارية هامة لكني اشتاق إلى العمل الميداني والسبق الصحفي .
- ألا تفكر نجاة بوعتورة  في العودة للعمل بالجزائر؟
والله رفضت كل العروض بالرجوع إلى الوطن في السابق،  لكن هذه السنة  تغيرت وجهة نظري وأتمنى أن أقدم أعمالا بخبرتي المتواضعة لبلدي لنرتقي لإنتاج ننافس به  الانتاج العربي، فالكوادر الجزائرية الموجودة بالخارج مستواها احترافي لماذا لا نستغل هذه الخبرات في جزائرنا الجديدة.
- ما هو تقييمك للتفتح في مجال السمعي البصري ببلادنا وأنت ابنة التلفزيون العمومي؟
  أفتخر أني ابنة هذه المؤسسة الاعلامية  العريقة  التي تملك كوادر رهيبة تعلمت  الكثير منها، ولها الفضل في نجاحي ونجاح زملائي داخل المؤسسه وخارجها , أنا لا  أراه تفتحا , لازلنا بعيدين كل البعد عن التفتح الاعلامي , نحن في البدايات ونتعثر كثيرا، أتمنى من قلبي  أن نصل للمستوى في القريب العاجل .. أعرف أن الكثير لن يعجبه كلامي لكني أرى التفتح من زاوية محايدة , فقد كثرت القنوات وضعف مستوى الانتاج  .
- برأيك ما هي مفاتيح تطوير الإعلام على شاكلة ما تشهده الإمارات ودول عربية أخرى؟
على كافة المؤسسات الإعلامية التي تُعنى بمختلف أنواع المحتوى الإعلامي السمعي والمرئي والمطبوع والرقمي،   أن تمتثل لمعايير المحتوى الإعلامي  بسن قوانين جديدة تواكب عالم التكنولوجيا والمنصات الرقمية , واتخاذ اجراءات صارمة لمخالفي المحتوى . وتنصيب هيئة خاصة للمراقبة ,  و بعد وضع  الضوابط نختار  وبدقة محتوى يحترم  المجتمع الجزائري , ويواكب التكنولوجيا لأننا للأسف  نحتاج لوقت طويل لتغيير المحتوى   لنواكب البلدان العربية التي تنافس الاعلام الاجنبي بالمحتوى والجودة .
- هل من نصيحة تقدمينها للإعلاميات الجزائريات؟
الاعلامي هو الشخص الذي يتولَّى النَّشر أو النَّقل في الإذاعة أو التلفزيون أو الصَّحافة و يحافظ الإعلاميّ الناجح على مصداقيّة الكلمة , ولكن للأسف  أصبح النجاح  يقاس بعدد المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي  أو طريقة عيشه أو أكله أو لبسه . فنجد في تصرفات بعض الاعلاميات ما هو  أغرب من الخيال والسبب جنون الشهرة، فالنجاح لا يكمن بالمظهر  والابتعاد عن مصطلح «بوز» الذي انتشر في الآونة الأخيرة بمحتوى تافه أو خادش  للحياء، لذا أنصح الاعلاميات الحقيقيات اللواتي يرغبن  في النجاح بالثبات على الأسس الاعلامية والابتعاد عن الابتذال والتواضع والتفاني بالعمل،  فلكل مجتهد نصيب .
ن- ك

الرجوع إلى الأعلى