مختصون : الجائحة نبهت المجتمع لأهمية الصحة والوقاية
يرى   أطباء و نفسانيون و مختصون في علم الاجتماع،   أن الحجر قد ساهم في ظهور الكثير من السلوكيات الإيجابية التي ستتحول إلى عادات دائمة، بفضل تكرارها يوميا، كصورة من صور الانضباط الاجتماعي في التعاطي مع الأزمات و احترام القرارات و الأخذ بها في شكل جماعي لضمان حماية الجميع بتكريس نمط التفكير في الآخر، بالمقابل تولدت كذلك بعض الممارسات السلبية أثناء هذه المرحلة تتعلق أساسا بإهمال النظام الغذائي المتوازن الذي نجم عنه اتساع رقعة السمنة لدى الأشخاص و الإدمان على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي و التكنولوجيا، و بالأخص عند شريحة الأطفال، ناهيك عن القطيعة الاجتماعية التي كرسها مبدأ التباعد الاجتماعي ،  كلها عوامل  ستغير من ملامح المجتمع بعد جائحة كورونا.
مليك دريد مختص نفساني بمستشفى سطيف
الحجر المنزلي ولد ما يعرف بالتوحد الإفتراضي لدى الأطفال
يرى مليك دريد مختص نفساني بمستشفى سطيف  أن الحجر تولد عنه استعمال مبالغ فيه للأجهزة الإلكترونية  خاصة لدى فئة الأطفال ،  و ما نجم عنه  من سلوكيات سلبية  كسرعة الانفعال ، نقص في التفاعل الإجتماعي والعزلةـ  وهو ما يسمى  بالتوحد الافتراضي ، كما لوحظ أيضا أن بعض الناس خاصة من فئة النساء أصبحن يستعملن مواد التعقيم والتنظيف بطريقة مبالغ فيها أحيانًا ، وهو ما قد يشكل خطرا على صحّة العائلة ككل وهؤلاء عادة من ذوي الشخصيات الوسواسية القهرية، لكن يرى النفساني أنها عموما   عادات و سلوكات مؤقتة يمكن تداركها مستقبلاً باستثناء فئة الأطفال التي يجب عدم التهاون معها ومتابعتها من طرف الأولياء نظرا لطبيعة المرحلة العمرية الهشّة من الناحية النفسية .
و يضيف المختص في حديث للنصر أن هناك  عادات سلبية  برزت بقوة خلال هذه الفترة كالإفراط في النوم وقلّة النشاط البدني،  ممّا تسبّب في اختلال النظام الغذائي ووتيرة النوم، وهو ما جعل الكثير من الناس يشكون من زيادة الوزن في المدّة الأخيرة، و رغم كل هذه العادات و السلوكات السلبية فيعتبر المتحدث الجائحة والحجر كاختبار حقيقي وفرصة لمراجعة الذّات والعودة للهوايات المفيدة كالرّياضة المنزلية ، المطالعة ، الطّبخ ، الخياطة ومختلف الأعمال المنزلية ، كما كانت فترة الحجر فرصة جيّدة للحوار وتوطيد العلاقات داخل الأسرة ، واكتسب الكثير من النّاس ثقافة الوقاية والتربية الصّحية، وهو الملاحظ لدى فئة واسعة من المجتمع ،  تلتزم  بارتداء الكمّامات والتعقيم و تحرص على النّظافة خاصّة في الأماكن العمومية والمحلاّت التجارية .
بوبكر جيملي  أستاذ علم الاجتماع بجامعة قسنطينة 2
الجائحة ساهمت في ضبط و تعديل الكثير من السلوكيات السلبية
يرى أستاذ علم الاجتماع في بجامعة قسنطينة 2 بوبكر جيملي،  أن جائحة كورونا و ما ترتب عنها من إجراءات وقائية صارمة في مقدمتها الحجر المنزلي، قد ساهمت بشكل كبير في ضبط و تعديل السلوكيات السلبية التي كانت تظهر  في السابق على  أفراد المجتمع ، و رغم الخسائر المادية التي تكبدها المواطن و الدولة على حد سواء خلال هذه الفترة بسبب توقف الكثير من النشاطات ، إضافة إلى الخسائر البشرية المسجلة من خلال أرقام الإصابات  الوفيات ، إلا أن الكثير من التحولات الايجابية حدثت في المجتمع.
و في حديث للنصر قال المختص ، أن البقاء لمدة طويلة في المنزل بسبب الحجر  خاصة بالنسبة للرجال الذين ينفرون من الفكرة  ، و أجبروا  على تقبلها،  ساهم   في تعرفهم على  الكثير من التفاصيل التي كانوا يجهلونها سابقا عن عائلاتهم و منازلهم ، و زاد ذلك في  تقوية الرابط الأسري و الحوار ، فيما  عزز الخوف من المرض و المكوث بالبيت،   الوازع الديني و التقرب أكثر من الله ،حيث عوض المنزل دور العبادة المغلقة ، بينما أصبح الأشخاص أكثر حذرا و يقظة و إكتساب عادات وقائية  جديدة .
  و حسب المختص فإن الكثير من هذه العادات ستترسخ لدى  الأفراد بالنظر إلى طول مدة  الحجر و المدوامة عليها ،  بينما أبدى المجتمع بمختلف مكوناته   نوعا من الانضباط و احترام جماعي للقرارات و التعليمات ،  في سلوك جماعي رغم وجود    إستثناءات  ،  مع  تنامي  مسؤولية الفرد اتجاه الآخر  و مراعاته  و تزايد روح التضامن الإجتماعي.
 بالمقابل يقول جيملي أن هذه الجائحة ساهمت  في ظهور بعض السلبيات في المجتمع  ، في مقدمتها    سلوكيات  غذائية  مضرة بالإنسان  و  ارتفاع الاستهلاك   ما ساهم في تفاقم مشاكل السمنة ، بينما  تأثرت العلاقات الإجتماعية بسبب التباعد الإجتماعي  ، و أثرت على علاقات القرابة  و ممارسات الأفراد العادية من تبادل الزيارات  غيرها ، و عموما يرى  أستاذ علم الاجتماع  أن الجوانب الإيجابية للحجر  أكثر بكثير من الجوانب السلبية.
ينون محمد مختص في الأمراض العقلية و النفسية
أزمة كورونا نمت بشكل كبير ثقافة التطبيب و الوقاية
 يقول المختص في الأمراض العقلية و النفسية محمد ينون  ، أن الأزمة الصحية لوباء كورونا  ولدت إيجابيات كثيرة من بينها التعاطي أكثر مع الأبجديات البسيطة للصحة و الإهتمام اكثر بالأكل الصحي و النوم المعتدل و تنمية إيقاع الساعة البيولوجية ،  و إمتهان الرياضة المنزلية.  و يضيف المتحدث للنصر أنه بعد الحجر سنرى إقبالا  و تعاطيا كبيرين مع الحمية الغذائية ، بعدما ساهم  نظام التغذية أثناء الحجر في ظهور الحنين إلى الأكل  الذي ساهم في تفاقم مشكل السمنة لدى شريحة واسعة من المجتمع ،.   إضافة الى تطوير الثقافة الوقائية بشكل ملحوظ  من خلال الحرص على التعقيم و نظافة الجسم و المحيط العام ، بينما كرست الجائحة فكرة الانفرادية  التي تتميز بها المجتمعات الأجنبية  من حيث الاستعمال  الشخصي لأواني الأكل و الوجبات كطريقة للتقليل من العدوى،  و رغم أن لها جانب إيجابي إلا أنها كانت عبارة عن شكل من أشكال التقارب الاجتماعي في السابق
 و يقول المتحدث أن الشعور بأهمية الصحة قد زاد ، و الاهتمام بالمعلومة الطبية من خلال الأفلام الوثائقية و الجرائد و المجلات الطبية التي أصبحت أكثر مقروئية ، بينما صالحت كورونا الجمهور مع مختلف وسائل الإعلام من أجل متابعة و معرفة كل جديد بخصوص الوضع الصحي ، و بالمقابل فإن اكتساب الأفراد لثقافة تطبيب يومي و الاهتمام بكل التفاصيل الصحية قد يحدث لديه تركيبة قهرية  ، ما يحدث عدم توازن بين الجانب العاطفي و العقلي ينجم عنه خلل في  الجانب النفسي ، الذي يتطلب توازنا بين الجانبين لتفادي بعض الاضطرابات الشخصية ،  كما أن  الفرد كانت  له في السابق رغبة في ركوب المخاطر و المجازفة ليتحول  إلى  فرد عقلاني أكثر في قراراته خوفا على سلامته.
هيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى