يستنطق المخرج المغترب زبير زيان تاريخ الثورة التحريرية، باستذكار بطولات شهدائها،  من خلال الغوص في سيرة و مسار الشهيد البطل محمد بن علال، ابن المدينة التاريخية  الخامسة، و هو من الأسماء التي قدمت الكثير للثورة، لكن التاريخ أجحفه حقه و بقي في طي النسيان.
المخرج قال في حوار خص به النصر، إنه يعشق الأفلام الثورية و يسعى بإمكانياته الخاصة إلى البحث و التنقيب عن أحداث صنعت الفارق في تاريخ نضال الشعب الجزائري، لا تقل أهمية عن الفاتح من نوفمبر و مؤتمر الصومام و غيرها من الثورات و المعارك و الشخصيات المنسية التي لم يخلدها التاريخ إلى يومنا هذا.
من مدينة مونت لاجولي بفرنسا، يواصل المخرج زبير زيان ممارسة شغفه بالإخراج و تقديم إنتاجات بين أفلام تلفزيونية و سينمائية، إذ غالبا ما يتلقى عروضا من أرض الوطن، و رغم نقص الإمكانيات، فإنه لم يتوقف عن إنتاج بعض الأعمال من ماله الخاص، آخرها الفيلم الثوري « محمد بن علال» عن  سيناريو لكوثر بوزوينة، الذي توقف تصويره بسبب جائحة كورونا، على أن يعود رفقة طاقم العمل إلى الميدان، لمواصلة تصويره في أقرب وقت ممكن، ليعرض حال الانتهاء منه.  
و تدور أحداثه في مدينة ندرومة و قرية جبالة ، حيث كان الشهيد يقاوم المستعمر الفرنسي ببسالة و حنكة كبيرة، تضاهي حنكة كبار قادة الثورة، على غرار بن بوالعيد و ديدوش مراد و العربي بن مهيدي، مكبدا المستعمر الفرنسي خسائر معتبرة، فسعى جنود فرنسا إلى اغتياله.
 و في إحدى المعارك قصفت طائرات المستعمر أعالي جبال أولاد ميمون، باتجاه الطريق المؤدي إلى ولاية سيدي بلعباس، فسقط بن علال، شهيدا.
 المخرج زبير زيان يرى أن حياة هذا البطل الثوري في حد ذاتها، عبارة عن مشاهد سينمائية و مشوار حافل بالانجازات و المعارك و الكفاح، منذ الصغر ، لكن للأسف اسمه لم يذكر في كتب التاريخ، كما أن الإعلام لم ينصفه.
الهجرة عزّزت ارتباطي بالوطن فجسدته بتصوير أفلام ثورية
المخرج قال إنه هاجر إلى فرنسا بسبب ظروف خاصة، غير أن علاقته لم تنقطع بأرض الوطن، فهو يعتبر نفسه غير بعيد عن الجزائر، و يتابع  أخبارها و مستجداتها يوميا، و يسعى للترويج للثقافة الجزائرية، و تمجيد الثورة التحريرية هناك في بلد المستعمر، عبر تصوير و إنتاج أعمال ثورية، كلما أتيحت له الفرصة، و قد نجح في إخراج أكثر من عمل، على غرار  الفيلم الثوري القصير
« الصمت الرهيب» ، و فيلم « نقرا و نقري» الذي يسلط الضوء على ثلاثينيات القرن الماضي، ثم  فيلم « رسالة الذاكرة» و هو فيلم تاريخي ثوري، إلى جانب أفلام أخرى غير ثورية،  كفيلم»  الحلم الملغى « الذي عالج من خلاله زبير زيان ظاهرة الهجرة غير الشرعية، بفرنسا التي يقصدها العشرات من المهاجرين غير الشرعيين، و يغامرون  بحياتهم، بحثا عن الحلم الضائع الذي يصطدم غالبا بواقع مرير في بلد الحريات، و قد ينتهي المطاف بالبعض بفقدان حياتهم، فيما يقبع آخرون في  السجون،  بينما يكون التسول و الإجرام مآل الكثير منهم.
و أكد المتحدث أنه يميل  أكثر إلى الأعمال الثورية، و قد برز ولعه بها منذ كان في 16 من عمره، في أول مشاركاته في التمثيل، و اختار بعدها الإخراج، و قد ساهمت تربيته  في أسرة ثورية في تعزيز ميوله لإخراج أفلام ثورية.
تاريخ الجزائر الثوري حقل خصب للسيناريوهات السينمائية
إن عشق تاريخ الجزائر الذي تربى عليه أجداده و آباؤه، و عاشه في طفولته دفعه لاختيار النوع السينمائي الثوري، مؤكدا للنصر «مسار نضال الشعب الجزائري حافل بالكثير من الأحداث و النضالات و البطولات التي لم تأخذ حقها إلى غاية اليوم، سواء في كتب التاريخ و لا حتى  في الأعمال التلفزيونية و السينمائية، و على المخرجين الاستثمار فيها، خاصة المبتدئين في ظل أزمة النصوص، حيث توفر هذه الأحداث، مادة تاريخية خصبة، و مشاهد تستنطق نفسها، و تمنح المخرج أبعادا لتصويرها في بيئتها الطبيعية، رغم أنها تحتاج إلى البحث و التدقيق».
و على الرغم من نقص الدعم المادي، قال المتحدث أنه يسعى بما أتيح له، لتمويل أعماله ، و عدم الانقطاع عن مجال الإخراج، سواء بإنتاج أفلام  في فرنسا وحتى في الجزائر، من خلال بعض العروض التي يتلقاها من حين لآخر، على غرار فيلم «رسالة من الذاكرة»  و فيلم «كنز في دارنا «، و هو فيلم كوميدي، و كذا الفيلم التلفزيوني «البخيل» الذي عرضته قنوات التلفزيون الجزائري، إلى جانب فيلم «الوعد الثوري» ، كما ينظم من فترة لأخرى، دورات في الإخراج السينمائي لمحبي و عشاق هذا الفن من الطلبة و الهواة.
هيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى