تعتبر 2020 استثنائية بكل المقاييس، فهي سنة القلق و التوتر و الرعب و المخاطر و الكوارث و الأزمات و العراقيل و الفواجع و الأوجاع و المشاريع المعلقة و انطفاء النجوم، فقد ألقت عليها جائحة كورونا ظلالها، متسببة على مدار أيامها و شهورها، في إصابة ملايين البشر بالفيروس التاجي الشرس و رحيل الآلاف عبر العالم بمضاعفاته، ناهيك عن إصابة فئات أخرى بأمراض أخرى و حوادث أودت بحياتهم، و يوجد في قائمة الراحلين في هذه السنة التي حفرت مآسيها بذاكرة كافة شعوب العالم، نجوم و مشاهير في الفن و الثقافة و الرياضة و السياسة من الجنسين، من مختلف الفئات العمرية، فقدناهم في أوج عطائهم ، سنسلط الضوء معا على بعضها، في وقفة للذكرى و الترحم و تخليد انجازاتهم بمختلف المجالات..
إلهـــــام.ط
فتك بهم كوفيد 19
لاحظنا أن عائلات الكثير من المشاهير الجزائريين الذين غادرونا في 2020، تتحفظ و تتجنب التصريح بأن وفاتهم ناجمة عن مضاعفات كورونا، لسبب أو آخر، و احتراما لقرارهم، لم نذكر هنا إلا الذين أعلنوا عن ذلك..
 من أشهر الفنانين الجزائريين الذين فتك بهم كوفيد19 ، «الملاك الأبيض» و أيقونة الموسيقى الأندلسية و المالوف، حمدي بناني الذي توفي عن عمر ناهز  77 عاما،  بمستشفى ابن سينا بعنابة، يوم 21  سبتمبر الفارط الذي نقل إليه يوم 06 من نفس الشهر، إثر إصابته بوعكة صحية، فاتضح للأطباء أن السبب عدوى كوفيد 19، فوجهوه إلى مصلحة العناية المركزة إلى غاية رحيله ـ الفاجعة، تاركا خلفه كمانه  الأبيض ينتحب و الساحة الفنية الجزائرية في حداد، و رصيد كبير من المشاريع لم تكتمل، على غرار ألبوم كان ينتظر بشغف إضفاء اللمسات الأخيرة عليه، و جولة فنية كان يريد من خلالها الالتقاء بجمهوره عبر ربوع الوطن.
 في 15 جوان الفارط ، نزل نبأ رحيل ابن قسنطينة و أيقونة العيساوة زين الدين بن عبد الله، عن عمر ناهز 59 عاما، كالصاعقة، على ذويه و أصدقائه و جمهوره، و قد أعلن مصدر من عائلته، أنه نقل إلى المستشفى الجامعي بن باديس بقسنطينة، إثر إصابته بوعكة صحية، فبينت التحاليل التي أجراها له الطاقم الطبي أنه أصيب بكوفيد 19، فقاومه باستماتة طيلة خمسة أيام من مكوثه بالمستشفى للعلاج، لكنه أودى بحياته في نهاية المطاف، تاركا خلفه رصيدا كبيرا من الأغاني و المدائح الدينية التي ضم بعضها إلى ألبوماته 13  ، إلى جانب أبحاث و دراسات كثيرة في مجال التراث العيساوي، كان يتأهب لجمعها في كتابه الثاني، ليصبح كسابقه، مرجعا ثريا لأجيال من عشاق التراث و الفن الصوفي الراقي.
الفقيد كان حقا موسوعة في تخصصه الفني الصوفي الذي سحره منذ كان صبيا في ربيعه 14، فاقتفى أثر والده معمر بن عبد الله الذي ارتقى بالتراث الفني الأصيل و أشرف على تكوين أجيال من الفنانين، ثم حظي الفقيد بعد ذلك، بتكوين أعمق على يد شيخ الطريقة العيساوية محمد بن جلول و الشيخ التومي، فتفجرت مواهبه و قدراته، و سطر مسارا فنيا مليئا بالإبداعات الجميلة و الخالدة.
 كما فتك الفيروس الشرس يوم 17 جويلية الفارط بمطرب الأغنية الشعبية الجزائرية عبد الرحمان ياموني، الملقب ب «بوعجاج الصغير»، نسبة إلى الفنان الكبير معزوز بوعجاج، الذي تأثر به كثيرا خلال مساره الفني الناجح الذي جعل منه أحد رموز هذا الطابع التراثي الأصيل.
الفقيد  وافته المنية عن عمر ناهز 57 عاما، في ولاية تيارت، تاركا خلفه عديد المشاريع معلقة.
 و توفي الفنان الجزائري نور الدين زيدوني، في 29 مارس الفارط ، بعد 10 أيام من اكتشاف إصابته بكوفيد19 ، و يعتبر أول فنان عربي يقتله هذا الفيروس.
الفقيد ساهم في التصاميم السينوغرافية لعشرات المسرحيات الجزائرية، أشهرها «علي بابا الكبير»، كما شارك في عدة لجان تحكيم بالمهرجانات و المسابقات الفنية و المسرحية، إلى جانب عمله كأستاذ بالمعهد العالي للفنون الدرامية ببرج الكيفان في العاصمة.
 و يعتبر ابن مدينة البرواقية ، لاعب الجيدو عثمان تيجاني، أول رياضي جزائري يفتك به الفيروس، عن عمر ناهز 47 عاما، في مارس الفارط.
  كما  فقدت الجزائر أحد نجوم كرة القدم  و هو الرئيس السابق لنادي شبيبة القبائل، محمد الشريف حناشي، فقد تعرض لأزمة صحية في الأسابيع الماضية، قبل أن يطاله فيروس كورونا ،مما عقد أكثر حالته، فرحل عن عمر ناهز 70 عاماً، تاركا خلفه مسارا رياضيا ناجحا، سواء كلاعب في نادي شبيبة القبائل، أو بمروره القصير مع منتخب محاربي الصحراء، ثم كرئيس للنادي طيلة 24عاما، مكللة بالانجازات و الألقاب .
 كما ودع الوسط الفني السوري الممثل طوني موسى يوم 09 أوت الفارط، بعد أن أنهكه فيروس كورونا و أثر على قلبه، وهو من مواليد العام 1954. وكان أول ظهور له في مسلسل «انتقام الزباء» عام 1974، وفي عام 1985 أصبح عضوا في نقابة الفنانين السوريين. و اشتهر موسى عربيا بعد نجاحه في أداء شخصية أبومنير المنشار في مسلسل «باب الحارة».
 من بين أشهر الفنانات العربيات اللائي توفين إثر إصابتهن بكوفيد 19، نذكر الممثلة المصرية رجاء الجداوي، التي وافتها المنية يوم  5جويلية ، عن عمر ناهز 82 عاما، داخل مستشفى العزل في مدينة الإسماعيلية بمصر.
و يذكر أن الفقيدة من مواليد 1938، و بدأت مسارها كعارضة للأزياء، قبل أن يسطع نجمها في السينما و التليفزيون و المسرح، حيث قدمت باقات متنوعة من الأدوار في عدة أعمال خالدة، آخرها مسلسل «لعبة النسيان» الذي عرض في شاشة رمضان الماضي، من بطولة دينا الشربيني و أحمد داوود.
 يعتبر أيضا الموسيقار الكاميروني مانو ديبانغو من أشهر الفنانين الأفارقة الذين غدر بهم كوفيد 19، و قد بدأ نجمه في الصعود في 1972 ، عندما أدى أغنية «سول ماكوسا»، و قد استعان مغنيين عالميين، على غرار مايكل جاكسون و ريانا ببعض مقاطعها، و ساهم خلال مساره الطويل في نقل الألوان الموسيقية و الغنائية الإفريقية إلى ربوع العالم. توفي الفقيد يوم 24مارس الفارط عن عمر ناهز 87عاما، لكن إبداعاته لا تزال حية.
rو انطفأ نجم أسطورة الغناء الشعبي الأمريكي الحائز علىجائزة غرامي، جون براين، 73عاما، بسبب مضاعفات كورونا المستجد، تاركا خلفه عشرات الأغاني التي كتبها، و أدى أغلبها بصوته، كما توفي بنفس المضاعفات، مواطنه الممثل مارك بلوم، عن عمر ناهز69 عاما، الذي ارتبط اسمه بعدة أعمال شهيرة.
نجوم غيبتهم سكتة قلبية أو مضاعفات ألزهايمر أو باركينسون ..
 غيب الموت خلال 2020 ، آخر أعمدة المالوف القسنطيني، الشيخ قدور درسوني، عن عمر ناهز 93 عاما، تاركا خلفه رصيدا كبيرا من الأعمال الموسيقية و الغنائية و أربعة أجيال من الفنانين الذين نهلوا الفن الأصيل على يده، و برحيله فقدت الساحة الفنية القسنطينية و الجزائرية
موسوعة موسيقية  و هرما تراثيا و جسرا ثقافيا لطالما ربط المدينة بتاريخها و ماضيها العريق.

 و غادرنا أيضا أحد أعمدة الفن و التراث القسنطيني، الشيخ عبد الرحمان حصروري، عن عمر ناهز 58 عاما، بعد صراع طويل مع المرض. و يعتبر الفقيد من مريدي و شيوخ الطريقة الرحمانية، و كان حافظا لأورادها و قصائدها و مدائحها الدينية، و قد سجل بصوته 53 قصيدة من مختلف النوبات القسنطينية، و يعتبر موسوعة للطرق الصوفية و الزوايا.
 كما فقدت قسنطينة ابنها البار الممثل و المخرج عبد الحميد حباطي، عن عمر ناهز 75عاما، إثر مرض عضال، و قد بدأ الفقيد مساره الفني مبكرا خلال ثورة التحرير مع جمعية الهلال التمثيلي، ثم أنشأ فرقة «البهاليل» مع مجموعة من الفنانين على غرار المرحومين عبد الرشيد زيغمي و بشير بن محمد، ثم تابع بعد الاستقلال تكوينا في التمثيل بالمعهد الوطني للفنون الدرامية، و كذا دورات تكوينية بالخارج، قبل أن ينخرط كممثل محترف بالمسرح الوطني، و تتفتق موهبته عبر الكثير من الأعمال المسرحية، قبل أن يعين بالمسرح الجهوي لقسنطينة كمنشط للفعل المسرحي و الثقافي و مؤطر في مجال التمثيل. كما تألق حباطي في عدة أعمال سينمائية و تليفزيونية.
 و شاء القدر أن تخطف يد المنون أيضا صانع الفرح و زارع الضحكة في شفاه الجزائريين لعقود طويلة من الزمن، الممثل الكوميدي بشير بن محمد، عن عمر ناهز 85 عاما، بعد أن اختفى عن الأنظار لأكثر من خمس سنوات قضاها ببيته، يصارع  مرض هشاشة العظام و عديد الوعكات الصحية المرتبطة بالتقدم في السن، و يبقى عمي «بشير الماركة» ، كما ظل يناديه كل من شاهده في فيلم «كحلة و بيضاء» لعبد الرحمان بوقرموح، رمزا من رموز الزمن الجميل الذي رصعه بأدوار مميزة في باقات متنوعة من الاسكاتشات و المسلسلات و الأفلام، و أشهرها»ريح تور1».و رحل أيضا الفنان و مدير المسرح الجهوي لقسنطينة فريد بوكرومة عن عمر ناهز 60عاما.
 و شهدت السنة الآفلة، سقوط ورقة أيقونة المسرح و التليفزيون و السينما، نورية قزدرلي عن عمر ناهز99 عاما، كرست أكثر من 60 عاما منها، لتقمص أجمل الأدوار في أكثر من 200عرض مسرحي، و60 عملا تليفزيونيا، و 4 أفلام سينمائية، ما جعلها تحظى بعدة تكريمات و تفتك وسام الاستحقاق الوطني من مصف»عهد» في 2017  .
كما فقدت الجزائر الحاج محمد بن كسايح ، أحد أعمدة الأغنية الشعبية، عن عمر ناهز 62 سنة، و قد اشتهر إلى جانب الغناء ، بمداعبة آلة الماندول، التي رافقته في حفلاته خلال مساره الفني المرصع ب12جائزة  وطنية في مختلف مهرجانات الأغنية الشعبية.
و من بين ألمع النجوم التي انطفأت في نفس السنة، المطرب إيدير، و اسمه الحقيقي حميد شريط، الذي صارع المرض لفترة، قبل أن توافيه المنية بأحد مستشفيات باريس عن عمر ناهز71 عاما، تاركا على حد تعبير وزيرة الثقافة مليكة بن دودة «شرخا عظيما في جسد الفن الجزائري». فقد بدأ تعلم العزف على القيثارة الغناء، بالموازاة مع دراسته للجيولوجيا، لكن شغفه بالفن قاده إلى الغناء فتفرغ له منذ السبعينات، فأبدع عشرات الأغاني الخالدة.
 و فقدت الساحة الفنية الممثل عبد القادر بوجاجة عن عمر ناهز76 عاما، الذي بدأ مساره في الإذاعة الوطنية في الستينات، ثم انتقل إلى التليفزيون و السينما ليقدم عدة أعمال ناجحة، كما تألق في عديد الأعمال التاريخي، كما رحل المخرج مزيان يعلا عن عمر ناهز74 عاما ، و الممثل الكوميدي الشاب موسى لكروت، في ربيعه 33. 
كما فجعت الساحة الفنية السورية و العربية برحيل المخرج و الممثل السوري حاتم علي، عن عمر ناهز 58 عاما، بمصر في أواخر أيام 2020 ، و قد ترك خلفه خمسة مسلسلات تاريخية تخلده كمخرج بارع و الكثير من الأدوار المميزة في عدد كبير من الأعمال الدرامية.
.  و رحلت أيقونة الزمن الجميل الممثلة المصرية ماجدة الصباحي، عن عمر ناهز 89 عاما ، بعد صراع طويل مع المرض، تاركة خلفها باقة من روائع الأفلام الكلاسيكية و مجموعة من المسلسلات الدرامية التي تخلد إبداعاتها، و لحقت بها بعد حوالي شهر مواطنتها النجمة الشقراء نادية لطفي بعد صراع مرير مع المرض، عن عمر ناهز 83 عاما.
و من أشهر النجوم المصريين الراحلين الفنان و المحامي محمود ياسين، الذي توفي عن عمر ناهز 79 عاما، و ستظل أعماله خالدة في ذاكرة مختلف الأجيال بالوطن العربي.
rو رحل أحد عمالقة الفن في بريطانيا، و هو الممثل جيريمي بولوك، الملقب «صائد الجوائز»، عن عمر ناهز 75 عاما ، بعد معاناته من مرض باركنسون لسنوات طويلة.و قد قضى الفقيد 45 عاما من عمره في عالم التمثيل و من أشهر أعماله «ستار وورز» و «جيمس بوند».
و فقد عالم الموضة و الأزياء الراقية قبل يومين مصمم الأزياء العالمي الشهير بيار كاردان عن عمر ناهز98  عاما، الذي صمم ملابس سيدات المجتمع و الفنانات و الأميرات عبر بقاع العالم طيلة عقود طويلة من الزمن.
إلهام.ط

الرجوع إلى الأعلى