تأخذ حلويات الأعياد و المناسبات بالجزائر في السنوات الأخيرة أشكالا جديدة، تجمع بين الجمال و الغرابة، نتيجة تعديلات تصنعها إضافات مصنّعة يتغنى محترفوها بفضلها في تطوير صناعة هذا النوع من الحلويات و يسايرها المواطنون إلى درجة خيالية، في وقت يحذّر المختصون من خطورة مواد يصفونها بالسامة و المسرطنة.
و إن كانت ربات البيوت بالأمس قد تفنن في تحضير مختلف أنواع الحلويات التقليدية بالاعتماد على منتوجات طبيعية يتقدمها الدقيق، الغرس، الزبدة الأصلية و الجوز و اللوز، فإن كل ذلك اليوم قد أضحى "قديما"   لدى الغالبية الساحقة، التي تحولت إلى مسايرة الموضة في تزيين صواني العيد بمختلف أنواع الحلويات العصرية التي لحقتها تعديلات قد تصل إلى درجة الخيال، بفعل إضافات غريبة، فهذه حلويات حمراء، صفراء، وردية و حتى سوداء، و أخرى بأشكال غريبة قد لا تتوقع حتى ما تكون.
«البريستيج»...   تكلف  شوّه  التقليدي
و لعل أهم هذه الإضافات هي المنكهات  التي باتت عنصرا أساسيا في أي وصفة، فبعد أن كانت الفانيليا الطبيعية و مبشور الليمون المنكّه الأول لدى ربات البيوت، تنتشر بالأسواق اليوم أنواع عديدة منها، فحتى للفانيليا أصبح هنالك عدة أشكال تبقى الطبيعية منها الأقل استعمالا بالنظر لعدم توفرها بالكم الكافي بالجزائر إضافة إلى سعرها المرتفع، فيما تستعمل اليوم أنواع عديدة من المنكهات و العطور الاصطناعية قصد إضفاء ذوق و رائحة اصطناعية تمنح تقاربا بين الأصل، لكنها تحمل معها سموما و أمراضا خطيرة كعطور المكسرات مثل الجوز و اللوز التي أضحت بدائل، و كذا مختلف أنواع الملونات البودرة منها و السائلة و التي يتفنن الجميع في استعمالها فقط من أجل إبهار الضيوف، بينما قد يتناسون كليا ما قد ينجر عن ذلك.
التغييرات لم تطل فقط ما قد تحتويه العجينة، بل امتدت و بنسبة أكبر إلى ديكور الحلويات، بفضل منتجات عديدة أصبحت اليوم أساس صناعة هذا النوع من الأطعمة، فالبريستيج قد أضحى العنصر الأهم في حلويات اليوم، و من الصابلي بريستيج، وصل إلى الحلويات التقليدية الأصلية، فأصبح هنالك ما يطلق عليه الغريبية بريستيج، بفعل تغيير طريقة صناعة و إدخال إضافات عديدة منها الملونات، و المواد التي تزين بها خاصة الفستق "المزيف" الذي هو في الأصل عبارة عن فول سوداني أو كاوكاو يتم تلوينه باللون الأخضر و بيعه بسعر زهيد مقارنة بسعر الفستق الأصلي.
و تعد أيضا ديكورات الحلويات من بين أهم المواد المصنعة التي تضاف للحلويات اليوم و التي قلبت شكلها كليا، فارضة أنواعا و أشكالا جديدة و غريبة، فحبات الجوز أو اللوز أو السكر الناعم لم تعد اليوم المزين الوحيد للحلويات، بعد أن دخلت الأحجار، الحلويات، العقاش، الشوكولاطة، هشوش الورد، ورق الذهب، الكريستال و الكثير من المواد الغريبة و التي يبدو أنها لن تتوقف عن الظهور في ظل هوس الجزائريين بهذه الصناعة التي و إن كانت تساهم في وضعهم على رأس قوائم أفضل صانعي و فناني الحلويات التقليدية المطوّرة، إلا أن لذلك ضريبة كبيرة يبقى المستهلك من يدفعها.
و تؤكد أخصائية التغذية الدكتورة آغا آسيا أن ما يضاف اليوم من مواد مصنعة لحلويات الأعياد و المناسبات من بين أخطر أنوع الإضافات التي تهدد الصحة البشرية، إذ تقول إن الجزائريين لا يهتمون بصحتهم بقدر اهتمامهم بجمال ما تحويه صينية العيد، قصد التفاخر، غير أنها حذرت و بدرجة كبيرة من خطورة مواد تنتشر بشكل كبير في الأسواق الجزائرية و يجري استعمالها بشكل كبير.
و تحذر الأخصائية من خطورة استعمال أي نوع من الإضافات المصنعة، مؤكدة أنها مواد مسرطنة بالدرجة الأولى بحسب ما أكده علماء التغذية عبر العالم، و ذلك بدأ بالملونات الغذائية، المنكهات و كذا المحسنات و كل أنواع المواد الحافظة و حتى الخميرة الكيميائية، و التي تعد كلها مواد كيميائية 97 بالمائة منها مسرطنة، كما قد تسبب أنواعا عديدة من الحساسية.
كما تشير الدكتورة إلى خطورة حتى أبسط نوع من الإضافات الغذائية، فخميرة الحلويات مثلا هي عبارة عن بيكاربونات غير الصحي، فهو يحتوي على غازات معها إضافات كيميائية للحصول على عجين مضاعف، ما يعني أنها تحتوي على حمض السوربيك أو حمض البانزويك  غير الصحيين لكونهما يقضيان على الجراثيم الحميدة و منها القضاء على الخلايا الحية.
و بالإضافة لكل هذه المواد، تشير الدكتورة آغا إلى أحد أكبر الإضافات خطورة، وهي الملونات المعدنية، التي توسع استعمالها اليوم و تشكل خطرا كبيرا على صحة الفرد، فهي عبارة عن تيتانيوم أو حديد، فضة أو ذهب، و هي الأخطر من باقي الملونات، هذا الأخير الذي أصبح يمنع منعا باتا في الدول المتطورة لما قد يسببه من خطر، خاصة بالنسبة للمرأة الحامل ، كونه يؤثر بشكل كبير على دماغ الأطفال و يدمر الخلايا العصبية في حال تجمع  بها، ما يعطي أطفالا مصابين بالتوحد مثلا.
و تدعو الدكتورة آغا المستهلك للحيطة في استعمال مختلف الإضافات الغذائية، مع الحرص على قراءة بيانات أي منتوج بشكل جيد قبل اقتنائه و تفادي تلك التي تحمل عبارات تؤكد احتواءها على مواد سامة مثل رمز E1 أو2، اللذان يرمزان إلى مصدرها الأوروبي و الرقم و هو تصنيف لها في خانة المواد السامة، داعية للعودة إلى صناعة الأجداد، و كل ما هو تقليدي و إن كان بسيطا و بكميات قليلة بعيدا عن تكليف قد يؤذي على المدى البعيد صحة
و حياة المستهلك.   
                         إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى