نقائص بالجملة  و مركز للردم عند باب المدينة أصبح مزعجا
بومرداس تتغير كل صيف بحلول موسم الإصطياف  .  تستيقظ مدينة الوسط الهادئة  تقريبا طوال السنة من خمولها  وسباتها ، لتشهد حركية ونشاطا غير مسبوقين .  حركة يصنعها مصطافون يغزون 34 شاطئا مسموحا للسباحة . و يسكنون حظيرة فندقية تشكل منفذا لأغلب من يختارون قضاء عطلة الصيف بمنطقة الوسط الجزائري ، فيصطدمون بضرائب جديدة “ لمافيا “ الكراء التي تفرض منطق “ لا شيء بالمجان”، و تسقط تعهدات مسؤولين تعهدوا  قبل الموسم بضمان تسقيف أسعار كراء الشواطئ و مواقف السيارات ، تحسبا لاستقبال 12 مليون مصطاف سنة 2015 .

ولاية بومرداس  ، لملمت نفسها ونهضت باكرا ، قبل الإعلان عن الإفتتاح الرسمي لموسم الإصطياف في الفاتح من جوان الماضي.  أخرجت عائلاتها إلى البحر والشواطئ وإلى التجارة الصيفية الموسمية ، وإستقبلت زوارها من كل الولايات والمغتربين ، لإحياء موعد يتجدد سنويا في ألفة تلتقي في الفنادق ، وعلى شواطئ ساحرة برمالها وشمسها . جو إستثنائي كسر هدوءها ، و قلب بها الموازين ، لتتحول إلى واحدة من أنشط ولايات الوطن و هي تستقبل آلاف المصطافين الذين يسكنون الفنادق ، المدارس و حتى البيوت الخاصة.

شمسيات الكراء تتفوق على المصطافين و تصل إلى المياه

يكفي للزائر لبومرداس أن يقف على تلك الأعداد الهائلة للمصطافين التي تغزو كل الشواطئ المسموح فيها بالسباحة ، بداية بالشاطئ المركزي الذي لا يعرف الهدوء حتى قبل إنطلاق الموسم ، و هو ما يستغله البعض لفرض منطق بات تقليدا بهذه الأماكن . رغم كل التعهدات التي حملتها الجهات الوصية على عاتقها بضمان تحديد سقف كراء الشواطئ مثلما سبق و أكده مدير السياحة “ نور زوليم” بين 200 و 400 دينار مع إحترام مسافة 10 أمتار بين الفضاءات ، فإن الواقع يتنافى مع كل هذا.
تنقلنا إلى الشاطئ المركزي لمدينة بومرداس، فدهشنا للعدد الهائل من الشمسيات التي غزته بشكل رهيب . تتلاصق فيها بينها ، و تجعل إمكانية وضع شمسية لمواطن بسيط على الشاطئ أمرا مستحيلا . لا يجد  الواحد حتى مترا أو مترين بين الفضاءات . حتى مياه الشاطىء صارت بأيديهم من خلال شمسيات قام بعض أصحاب الإمتياز بغرسها وسط المياه ، في محاولة لمنع أي كان من الإقتراب نحو المكان أو التفكير في وضع شمسية . و صار إحترام التسعيرة المتفق عليها مجرد كلام . إذ  يفرض أصحاب الشمسيات تسعيرات كراء تصل إلى 1000 دينار، فضلا عن تحول كل الشوارع إلى مواقف للسيارات تفرض فيها تسعيرات تبلغ 200 دينار للسيارة الواحدة ، فيما تعمل مواقف أخرى بقيمة تتراوح بين 100 إلى 150 دينار للساعة الواحدة . هذا ما استنكره المواطنون و المصطافون على حد سواء و اعتبروه نوعا من الإبتزاز الذي ينتهي في الكثير من الأحيان بخلاف بين الحارس و زبون يرفض الإستغلال.

بومرداس : منطقة عبور و مبيت للمصطافين

يستغل عدد كبير من المواطنين قرب المسافة بين ولايات بومرداس و الجزائر العاصمة لتقليص حجم المصاريف ، و ضمان قضاء عطلة الصيف بالجزائر العاصمة أو حتى للتنقل بين مختلف ولايات الوسط الساحلية إنطلاقا من بومرداس، فيقصدون فنادق بومرداس لضمان المبيت ، فيما يقضون يومهم بالتنقل بين مختلف المناطق السياحية و الترفيهية المتواجدة بالجزائر العاصمة.
واقع تؤكده معطيات لبعض القائمين على الفنادق ببومرداس، يقولون بأن أغلب زبائنهم خاصة في فصل الصيف يختارون بومرداس للإقامة . ولا يمضون بها إلا وقتا قصيرا من الترفيه أو الإستجمام ، فأغلبهم يفضلون الجزائر العاصمة و منهم من يستغل قرب المسافة بين كل من بومرداس، العاصمة ، تيزي وزو و بجاية لزيارة كل المناطق السياحية بها ، فيضربون عصفورا بحجر واحد مثلما يقول أحد المعتادين على هذا الأسلوب في الكراء السيد حسان الذي يعتبره فرصة له و لأفراد عائلته ليست متاحة للجميع.
إنخفاض الأسعار و نقص الضغط مقارنة بالجزائر العاصمة ، يرفع أعداد الذين يقصدون فنادق بومرداس التي تعتبر قليلة جدا مقارنة مع حجم الإنفاق السياحي السنوي بها . إذ لا تتجاوز تكلفة قضاء الليلة الواحدة بفندق المدينة ذو الـ4 نجوم مثلا الـ7000 دينار مع إحتساب وجبتي الفطور و العشاء . فيما تكلف ليلة واحدة بفندق الصخرة السوداء ذو 3 نجوم 6000 دينار، علما أن الأسعار تنخفض إلى مستوى أدنى بالفنادق المتواجدة بباقي بلديات الولاية.

47 مليار سنتيم للسياحة ببومرداس

ضعف الحظيرة الفندقية ببومرداس، يعتبر الهاجس الأكبر كل موسم اصطياف، فتتجه السلطات المعنية للبحث عن حلول لأجل التمكن من التكفل بالتدفق الهائل للمصطافين عليها . هو ما يضعها أمام حتمية خلق فضاءات جديدة و تهيئة القديمة منها .لأجل ذلك قامت مديرية السياحة بتخصيص مبلغ 47 مليار سنتيم لموسم الإصطياف هذا العام  حسب ما كشف عنه مدير القطاع نور زوليم ، الذي أكد أن 25 مليارا منها خصصت لتهيئة عدة شواطئ على غرار الشاطئ العائلي لرأس جنات إلى غاية الميناء ، و شاطئ عبد الويرث ، سيدي داود ساحل، ساحل بوبراك، دلس، ليصابلين و أعفير، مع إعادة تهيئة 12 شاطئا جديدا منها 2 ببودواو، 3 ببومرداس، زموري، رأس جنات، مع الربط بين قورصو و بومرداس.
عن الإستثمار الخاص، كشف المدير بأن الولاية قد تدعمت بـ21 مشروعا يمكنها توفير 2000 سرير بكل من دلس، زموري، رأس جنات، بومرداس، بودواو أولاد موسى، خميس الخشنة و أولاد هداج في شكل مشاريع سياحية تتمثل في فنادق و مركبات ينتظر أن ترفع من طاقة الإستيعاب ، و تتراوح نسبة الأشغال بها بين 20 إللى 90 في المائة . هي مشاريع ينتظر تسليم جزء منها  هذا الموسم.
رهان المسؤولين بولاية بومرداس ببلوغ 12 مليون مصطاف موسم 2015، و إن كان قريبا من الواقع بعد تسجيل 10 ملايين مصطاف الموسم الفارط ، يرى أهل المدينة أنه قد لا يتحقق . على الرغم من سعي مصالح السياحة قبل إفتتاح موسم الإصطياف للقيام بعمليات تهيئة الشواطئ ، والحرص على تدعيم الحظيرة الفندقية ، إلا أن النقائص تبقى المتحكم الرئيسي في العملية خاصة الإنتشار الرهيب لروائح كريهة من  مركز الردم التقني في قورصو، الذي يستقبل كل داخل إلى قلب بومرداس.
إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى