يتميز الشريط الساحلي بمنطقة القل، غرب ولاية سكيكدة، الممتد من وادي بيبي ببلدية تمالوس إلى شاطئ وادي الزهور في حدود ولاية جيجل، بالكثير من المناظر الخلابة التي تصنعها خلجان و روؤس ، أصبحت تستهوي هواة الصيد والسباحة ، في الوقت الذي لا يزال الكثير منها غير مستكشفة، بالنظر لصعوبة الوصول إليها، لاسيما تلك المتواجدة ببلدية قنواع .

من بين أهم المواقع الأثرية بالقل، الميناء الفينيقي القديم، الذي يؤرخ للمدينة، لكنه أصبح مهددا بالاختفاء جراء الرمي العشوائي للأتربة، من قبل المقاولة المكلفة بمشروع  تهيئة  طريق المنارة، الذي انطلقت أشغاله مند أسابيع، فأصبح الميناء الفينيقي حديث العام و الخاص بالقل، و طالبت جمعيات محلية مهتمة بالبيئة، بضرورة إيفاد لجنة علمية للتحقيق في الموضوع،  خاصة  و أن مواصلة أشغال تهيئة الطريق المذكور، يؤثر على البيئة البحرية، و يؤدي إلى اختفاء الميناء.
رأس بوقارون حصن بحري عريق

تعد منارة رأس بوقارون، الكائنة على بعد 20 كلم، غرب مدينة القل بولاية سكيكدة،  واحدة من أهم الحصون البحرية من بين 32 منارة على طول الساحل الجزائري منذ عهد الفينيقيين، و أيضا من أكبر الرؤوس بالجزائر و إفريقيا.
كانت و لا تزال هذه المنارة النجمة التي ترشد الملاحين بنورها الممتد  في عرض البحر على مسافة 7 كلم، كما أنها تحولت إلى مكان يقصده الفضوليون للبحث عن مخلفات القراصنة العابرين، و لاقتفاء أثر ما تقذفه أمواج البحر من مخدرات، يلقي بها تجارها في عرض البحر خلال عمليات التهريب، فيما تحوّل المكان في السنوات الأخيرة إلى معبر للمهاجرين غير الشرعيين «الحراقة» الذين يركبون قوارب الموت، نحو سواحل الضفة الغربية من حوض البحر الأبيض المتوسط.
توجد منارة رأس بوقارون، وسط منطقة جبلية نائية بأعالي بلدية الشرايع بدائرة القل، و للوصول إلى المنارة على الزائر، ترك سيارته بجانب الطريق المطل على المنارة، ثم المشي لمسافة طويلة عبر طريق صخرية في رحلة متعبة و صعبة، لكن سحر المكان  ينسي  الزائر العناء و التعب، لأن مشاهدة المنارة عن قرب، يمنحه شعورا بالإعجاب والاستغراب.

مناظر خلابة و مواقع تثير الدهشة
الروايات تفيد أن بناء المعلم استنزف الكثير من السنوات و الأرواح، و انطلقت الأشغال سنة 1869 و انتهت في سنة 1911، وهو تاريخ دخول المنارة حيز النشاط ، بعد سنوات من الجهد و التضحيات البشرية التي قدمت في سبيل انجاز صرح معلق، يصعب الوصول إلى موقعه، كما أن المستعمر قرر تأجيل عملية إتمام بناء المنارة، بعدما باشر مشروعا موازيا، حيث منحت الأولوية في الانجاز و التسليم لمنارة رأس الحديد التي بنيت سنة 1907 ، بشرق ولاية سكيكدة.
عندما يصل الزائر برا إلى قرية بوقارون، يشعر بنوع من الدهشة، حيث يجد نفسه أمام مبنى لديه كل مواصفات المنارة، لكنه سيكتشف في ما بعد، أنه أمام نموذج أولي للمنارة الأصلية شيد سنة 1907 ، ليتم تحويل هذه المنارة الصغيرة قبل سنوات، إلى مدرسة ابتدائية لتعليم أبناء المنطقة، وهناك عدد كبير من العمال والإطارات والأطباء والضباط و الجنود و البحارة درسوا في هذا الصرح ذي الرمزية الخاصة.
الملاحظ أن جدران هذه المدرسة مجهز بوسائل الاتصال  الهاتفية  الوحيدة  المتوفرة  في المنطقة، تساهم بشكل كبير في الحياة العامة من خلال دورها كهيكل تعليمي و مرفق للاتصال يفك العزلة عن القرى القريبة، خصوصا و أن المنطقة معزولة عن الخارج و لا تتوفر على الخدمات الهاتفية بالشكل المطلوب.
بعد اكتشاف النموذج الأولي للمنارة، يجد زائر المعلم الأصلي منارة رأس بوقارون ، أمام صرح ضخم وجميل و مهيب.
خلال تواجدنا في بوقارون حاولنا الاستفسار عن كيفية تشغيل هذا الفانوس العملاق، فعلمنا بأنه و إلى غاية سنة 1978، كانت المنارة تشتغل فقط بالغاز، قبل أن تحول إلى العمل بالطاقة الكهربائية، بعدما ربطت المنطقة بشبكة الكهرباء، و تم تزويد هذا الحصن البحري بخط عالي التوتر سنة 2006، عندما عرفت المنارة أشغال إعادة تهيئة كلفت آنذاك ما يعادل 10 ملايين دينار.
 و يعرف ساحل بوقارون عند البحارة بكونه من أخطر السواحل، لوجود تيارات شديدة القوة ورياح عاتية تهب في مختلف الاتجاهات تصل 100كلم في الساعة، إذ تحتفظ الذاكرة الجماعية لسكان المنطقة، بالعديد من الحوادث التي تسببت فيها الرياح و كان لها وقع شديد على نفوسهم.
خليج بني سعيد .. الجنة المنسية
يعتبر خليج بني سعيد، المحصور بين جبل ضامبو ببلدية القل و رأس «القبيبة» ببلدية الشرايع، من بين أهم الخلجان البحرية بمنطقة القل، إلا أنه لا يزال غير مستغل بسبب صعوبة الوصول إليه، عبر المسالك الغابية و الصخرية الوعرة من قبل هواة الصيد و السباحة ، حيث يضطر الكثير منهم إلى ركوب قوارب الصيد، انطلاقا من ميناء القل، أو من  شاطئ تمنارت من أجل الوصول إلى بني سعيد، لقضاء أوقات للراحة و الاستجمام أو للصيد.
 و يبقى سكان قرية بني سعيد، هم وحدهم من يقوم باستغلال ما ينتجه البحر من أسماك طازجة، و بيعها في  السوق المحلي لمدينة القل.   إلى جانب خليج بني سعيد، توجد سلسلة من الخلجان الصغيرة غير مستكشفة، وبعضها يقصدها المغامرون الشباب فقط، و يبقى الساحل القلي مفتوحا للاستثمار السياحي.

الرجوع إلى الأعلى